ترجمات عبرية

معاريف: هل تدرس إسرائيل الانضمام الى كتلة البريكس الجديدة؟

معاريف 29-8-2023، بقلم زلمان شوفال: هل تدرس إسرائيل الانضمام الى كتلة البريكس الجديدة؟

 عندما كتب ويندل ويلكي، مرشح سابق لرئاسة الولايات المتحدة خسر أمام فرنكلين روزفيلت في 1944 لكنه كان مشاركاً في كثير من مواقفه، كان العالم الواحد في وجه كابوس الحرب العالمية الثانية بعيداً عن التحقق. أما الآن بعد أن أصبح في نهاية الحرب العالمية الثانية جزئياً على الأقل فما أمل به ويلكي يخيل أنه يندفع بوتيرة سريعة إلى التفكك عندما تسعى تجمعات جديدة لتقرير أنظمة عالمية جديدة.

ليست فوضى على الهوة، لكنها أيضاً ليست فجراً جديداً. العالم الغربي، أمريكا الشمالية وأوروبا، وإن بقي موحداً إلى هذا الحد أو ذاك لكن مكانه في الوضعية العالمية متعلق بقيادة الولايات المتحدة التي ما يجري فيها هذه الأيام ليس مشجعاً. فالحدث السياسي – الاقتصادي الذي يجري هذه الأيام في جنوب إفريقيا بإخراج الصين يبدو بالفعل محاولة ملموسة ومخططة لإعادة كتابة فصول المستقبل.

ظاهراً، ثمة مفارقة بأن الصين، التي تواجه أزمة اقتصادية واجتماعية، ستعطي إشارة الانطلاق الآن لمبادرتها لرفع مستوى كتلة “بريكس” بتركيبة البرازيل، وروسيا، والهند، وجنوب إفريقيا، والصين – من حلف اقتصادي شبه ناءٍ إلى كتلة ذات تطلعات جغرافية سياسية عالمية حيال الغرب. غير أنه وللمفارقة أيضاً، ثمة منطق أحيانا. مثل ألمانيا النازية، التي علقت عشية الحرب العالمية الثانية في أزمة اقتصادية حادة لكنها اعتقدت بأنها ستتمكن من خلال احتلالاتها بالشرق من ملء النواقص. الصين الشيوعية وإن لم تكن لها مخططات لاحتلالات عسكرية، لكنها مثلما قال نابليون في حينه: “الصين عملاق نائم، احذروا استيقاظها”.

للصين بقيادة شي جين بينغ طموح واضح لتوسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي على حد سواء بواسطة كتل دول البريكس، بضم أعضاء جدد كالأرجنتين ومصر وإثيوبيا والإمارات والسعودية وإيران. وكما وصفت ذلك “الفايننشال تايمز” البريطانية: تأمل بكين بأن تقلب هذه الكتلة المعززة أنظمة العالم في صالح أعضائها – وبأثر مباشر في صالح الصين.

في المجال الاقتصادي، تتطلع الصين لخلق وزن ضد الجي 7، والمعطيات الاقتصادية -حسب رأيها- ستسمح بذلك. أما في مجال النفط والغاز والمواد الخام فثمة تفوق واضح للبريكس المعززة. من ناحية سياسية، تبنت الكتلة الجديدة معظم الميول الصينية العامة، ومنها تغييرات في المنظمات والاتفاقات الدولية المختلفة بما فيها الأمم المتحدة، مع التشديد على توسيع عدد الدول الأعضاء فيها. ثمة بند واحد يدعو إلى زيادة عدد الأعضاء في مجلس الأمن، وسيكون لهذا تأثير مباشر على مكانة وقدرة قرار الولايات المتحدة – الموضوع الذي يقلق إسرائيل أيضاً. بقدر ما تذكر الكتلة الجديدة بكتلة “عدم الانحياز” في العهود السابقة، التي كانت مضادة للغرب بوضوح أكثر مما كانت غير منحازة.

يصعب توقع مدى ما ذكر آنفاً عملياً؛ فالكتلة تضم أكثر عنصرين مركزيين متخاصمين -الصين والهند- على مدى الجبهات كلها تقريباً، فقسم من الدول الأعضاء فيها ديمقراطية وأخرى على نقيض ذلك، بل إن ضعفها الأساس، الاقتصادي أساساً لبعض منها، لن يلغيه حتى انضمامها إلى الإطار الجديد.

إسرائيل في وضع خاص، سياسياً، وأمنياً واقتصادياً؛ فهي لا تفكر بالانتماء إلى الكتلة الجديدة، لكنها ستجبر على التطرق إليه – والدليل، علاقاتها الاقتصادية المهمة مع الصين، التي تخلق مشاكل مع الولايات المتحدة أيضاً. ومع ذلك، لإسرائيل مكانة خاصة سواء بفضل قوتها الاقتصادية، والتكنولوجية، والعلمية، والأمنية وطابعها الديمقراطي المستقر، أم بسبب علاقاتها الخاصة مع الولايات المتحدة. ولعلها نتيجة لذلك، تشكل جسراً بين دول مختلفة أعضاء في الكتلة الجديدة، والعالم الاقتصادي الآخر برئاسة الغرب.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى