ترجمات عبرية

معاريف – كييف تتحول إلى “ستالينغراد” جديدة

معاريف – بقلم بن كاسبيت – 2/3/2022

فلاديمير بوتين ليس أدولف هتلر، ولكن في غزوه الوحشي لأوكرانيا ارتكب الخطأ الذي ارتكبه في حينه ادولف هتلر في غزوه المغرور.
صحيح أن روسيا ليست أوكرانيا وبوتين ليس هتلر، ولكن كييف قد تصبح ستالينغراد. مدينة محاصرة، مقصوفة، عديمة الأمل، وتصبح رمزاً للمقاومة، الصمود، والتصميم.الجيش الأوكراني يحتل مكان الجيش الأحمر المنكسر في حينه.
لا، لا توجد هنا مقايسة بين الروس والنازيين. صحيح انه في اليوم الاخير ارتفعت الوحشية الروسية درجة وأعطت الانطباع بانها ليست الدرجة الاخيرة التي ستصعد اليها. فالقصف الشديد ضد مواطنين أبرياء هو جريمة حرب. ولكن هذه ليست نازية. هذه لا تشبه النازية ولا تقترب من النازية. هذا سيئ بما يكفي حتى بلا هذه المقايسة.
لم يخسر بوتين بعد، ومن السابق لأوانه تأبينه. فهو لا يزال يتمتع بقوة هائلة، وبتفوق حاسم وقدرة على الحسم. امامه يقف رئيس كان قبل ثلاث سنوات كوميديا. المشكلة هي انه كلما اصبحت نزهة الروس في أوكرانيا كابوساً هكذا تكثر الاحتمالات ليكتشف بوتين في وقت ما بأن نكتة زلنسكي هي على حسابه.
مشكلة بوتين هي أنه يقاتل الحروب السابقة. توجد لجيشه قافلة مدرعة على طول 64 كيلومترا، ولكن تصميمه قصير. الروس هم العدو اللدود في العالم عندما يقاتلون في سبيل الوطن. أما الآن فهم لا يقاتلون في سبيل الوطن. هذا ما يفعله الأوكرانيون. الروس يقاتلون بعيدا جداً عن الوطن، بل بدون سبب.
أسأل نفسي أين اختفت التوقعات العالية في أن بوتين سيسقط كييف في غضون 48 ساعة؟ في هذه اللحظة يبدو هذا اكثر مثل 48 يوماً، ناهيك عن أشهر. فتقدم الجيش الاحمر يذكر أكثر بالحرب العالمية الاولى، منها بالثانية. نأمل أنه بهذه الوتيرة لن نصل الى الثالثة.
تكاد تكون كل الحسابات الأصلية التي اعتمد عليها بوتين تشوشت: الجيش الروسي ثقيل، عديم الاقلاع، غير دقيق، وينقصه الدافع. رد الغرب رغم أنه ليس فيه “الامر الحقيقي” (البساطير على الأرض)، يتعاظم الى خطوات فتاكة ستعيد الاقتصاد الروسي الى العصر الحجري. تفر يخوت أرباب المال من موانئ اوروبية باتجاه الملديفيين. كلما كثرت صور الأطفال والرضع القتلى بين الحطام تشتد المظاهرات أيضا. ومهما يكن بوتين نزّاعاً الى القوة، وحشياً وبلا قيود فانه ليس كلي القدرة. القصص التي رويناها عنه مبالغ فيها. في النهاية كل دكتاتور يصل الى سقفه الزجاجي. في حالة بوتين، من شأن هذا أن يكون زجاج قناني حارقة تسمى تاريخيا- ويا له من أمر غريب!- “قناني مولوتوف”، على اسم فاتسلاف مولوتوف، وزير خارجية ستالين، ذاك الذي وقع على اتفاق مولوتوف – ربنتروف مع هتلر والذي تقاسم فيه الدكتاتوران دولة بائسة واحدة (بولندا) ووقعا على اتفاق عدم اعتداء.
ملاحظة تحذير: يمكن لهذا أن ينقلب. يمكن لهذا أن يتغير. الحرب هي مثل المحكمة: انت تعرف كيف تدخل اليها ولكنك لا تعرف كيف تخرج منها. معظم الاحتمالات لا تزال تميل الى جانب بوتين. ولكن كلما مر الوقت يبدو أن الاحتمال في أن يخرج من الحدث منتصراً يأخذ في الانخفاض. صورته لم يعد يمكنه ان يرممها ابداً.
حتى لو خرّب أوكرانيا، فان هذا لن يغير موقعه الجماهيري أو ارثه التاريخي. كل يوم اضافي ينجح فيه الاوكرانيون في صده هو انتصار صغير آخر في المعركة على الوعي.
لهذا الحدث يوجد ايضا زاوية مقلقة. حقيقة انه بعد قصة الغرام الطويلة والساخنة لأوكرانيا مع الغرب يجد زلنسكي نفسه، في يوم الدين، وحده تماما امام الدب الروسي، تثير التساؤل والقلق حتى بعيدا عن اوروبا. فمن دور الشرطي العالمي تحول الأميركيون، في غضون وقت غير بعيد، الى المحكم العالمي. هم يشجعون من مواقع المتفرجين. لقد فروا من الشرق الاوسط، وهم يزحفون، الآن، الى اتفاق معيب مع الإيرانيين. هم لا يوسخون الايادي، او الاحذية، في الجهد في الدفاع عن أوكرانيا.
بوتين كائن متطور. فهو يشم الضعف من آلاف الكيلومترات. وحسب المعلومات الاستخبارية التي وصلت الى الغرب فان لديه اتفاقاً غير رسمي مع الصينيين بأن يعطوه اسناداً وتغطية كي يجتاز الأزمة الاقتصادية والعقوبات الغربية التي من شأنها أن تنزل الاقتصاد الروسي الى وضع يذكر اكثر بالاقتصاد السوري. أصبحت الولايات المتحدة الأميركية حاضراً غائباً، وهذه الحقيقة من شأنها أن تؤثر ليس فقط على ما يحصل في اوروبا، الآن، بل على كل ما سيحصل في الساحة الدولية لاحقاً.
تواصل إسرائيل الجهد غير البسيط لتبقى خارج هذا الحدث. يائير لبيد شجب، أول من امس، حقاً، القصف في موقع التخليد بابي يار. السفير الاوكراني في إسرائيل روى ان ابناء شعبه دافعوا عن اليهود في فترة الكارثة رغم أن الواقع كان معاكساً جوهرياً. هذا لا يهم. الكارثة وقعت قبل 80 سنة. اما الاطفال الاوكرانيون الذين يقتلون، الآن، فغير مذنبين بما فعله أو لم يفعله جد جدهم. إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها بان تكون في معسكر الصين، كوريا الشمالية، فنزويلا، وإيران.
هذه العصا، التي نحاول أن نمسكها من أطرافها، من شأنها أن تصبح سهماً مرتداً. والمنزلق الذي نعلق فيه سلس وينبغي الأمل في انه في اللحظة الصحيحة، إذا ما وصلنا اليها، ستعرف إسرائيل أيضاً كيف تقوم بالفعل الصحيح او على الأقل ان تقول الأقوال التي يفترض بكل إنسان ان يقولها.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى