ترجمات عبرية

معاريف: عبوة ناسفة في جنين و”لبننة” المنظمات في الضفة الغربية

معاريف 19-6-2023، بقلم تل ليف رام: عبوة ناسفة في جنين و”لبننة” المنظمات في الضفة الغربية

تفجرت عبوة ناسفة أمس بمركبة “النمر” المحصنة أثناء اقتحام جنين، فاخترقتها وأصابت خمسة جنود إسرائيليين، وهي عبوة ليست قريبة بعد من المستوى المهني الذي ميز عبوات “حزب الله” حين كان الجيش الإسرائيلي يعمل في جنوب لبنان حتى العام 2000. عن قدرات وآثار الضرر التي تتركها العبوات الناسفة التي كانت لدى “حزب الله” قبل نحو 21 سنة، كانت المنظمات الفلسطينية ستقبلها اليوم أيضاً. فجوة القدرات (وكذا هناك حاجة للاعتراف، الحظ) هي السبب المركزي الذي لم تؤد فيه العبوة إلى إصابة فتاكة في جنين أمس رغم اختراقها المركبة المحصنة.

إضافة إلى ذلك، لا يمكن تجاهل المسيرة المقلقة للسنة الأخيرة، ولا سيما في جنين، التي بدأت تذكر بميول اللبننة في كل ما يتعلق بتطور الاستخدام للعبوات الناسفة.

حملة “السور الواقي” وغيرها من الأعمال في بداية سنوات الألفين، أضرت بقدرات المنظمات في الضفة الغربية، فالغالبية الساحقة من مختبرات التخريب دمرت، والمنظمات فقدت قدرة مهمة جداً على إنتاج العبوات الناسفة شديدة الانفجار والأحزمة الناسفة التي استخدمها المخربون الانتحاريون.

تتميز الأشهر الأخيرة بتغيير ما. فبعد أكثر من سنة من قتال متواصل للجيش الإسرائيلي في حملات عديدة في شمال الضفة الغربية – قباطية، وبرقين، وقصبة نابلس وأساساً جنين – علمت المنظمات لجباية ثمن دموي من الجيش الإسرائيلي على هذه الأعمال. آلاف عديدة من الرصاصات التي أطلقت نحو قوات الجيش الإسرائيلي في هذه الحملات لم تؤد إلى النتيجة المنشودة. عدد المصابين بين مقاتلي الجيش وحرس الحدود الإسرائيلي متدن جداً نسبياً مقارنة بعشرات عديدة من المخربين القتلى.

التفوق النسبي للجيش الإسرائيلي يصعب الأمور على المنظمات، ففضلاً عن الفجوات في الوسائل القتالية والتكنولوجية، فإن المهام المعقدة على نحو خاص تنفذها أفضل الوحدات الخاصة في جهاز الأمن و”يمام”، ووحدة المستعربين من حرس الحدود في “المناطق-الضفة” دوفدفان، ودوريات خاصة وغيرها.

الفجوة الهائلة في النتائج والقدرات تؤدي بالمنظمات، وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي، لمحاولة البحث عن نقاط الضعف. مثلما في لبنان، هكذا في الضفة أيضاً؛ المنظمات تحدد مرحلة السفر إلى الهدف أو العودة منه كفرصة للوصول إلى إنجاز ذي مغزى من خلال ضربة فتاكة بآليات قوات الجيش.

هذه عملية تستغرق زمناً، المنظمات في جنين أيضاً، لا تزال في بداية الطريق. لكننا نلاحظ ميلاً واضحاً لمحاولة الوصول إلى قدرة ذات مغزى في استخدام العبوات الجانبية ضد قوات الجيش في شمال الضفة الغربية وأساساً في جنين.

لم تكن حملة أمس استثنائية. مهمة مقاتلي “يمام” ودورية المظليين كانت اعتقال مطلوبين اثنين من حماس والجهاد الإسلامي، وفر “الشاباك” عنهما معلومات حول مشاركتهما في العمليات. تكاد لا تكون نقطة أو زاوية في جنين وفي مخيمها لم تعمل فيها قوات الأمن في السنة الأخيرة. حرية العمل كبيرة جداً، ولكن الأعمال التي تكرر نفسها تؤدي بالمنظمات إلى التعلم من أخطائها. وهكذا، فإن تهديد العبوات يصبح ذا مغزى أكبر كلما تعاظم الاحتكاك.

بدأ الجيش الإسرائيلي مؤخراً بتحصين المركبات، في محاولة لمنع ضربة شديدة لها. أما حماس فتحاول تحسين شدة العبوات. هذه المسيرة ستؤدي بالجيش الإسرائيلي إلى التركيز على الأعمال ضد هذه القدرات وعلى محاولة العثور في المنطقة على تلك المختبرات الصغيرة التي تنتج فيها المنظمات العبوات الناسفة.

رغم أحداث أمس، فإن أهون الشرور لدى جهاز الأمن لا يدعم حملة كبيرة في شمال الضفة الغربية، فحملة كهذه ستحرف جهاز الأمن عن إيران و”حزب الله”، وستصعّب الأمور على إسرائيل في الملعب السياسي حيال الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي ودول عربية أخرى. ورغم الأقوال المهددة من جانب وزراء في الحكومة أمس، يفهم كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع غالنت، بأن هناك الكثير مما نخسره جراء تصعيد إضافي في الضفة.

حملات مثل تلك التي كانت أمس، مقابل الاعتقالات الليلية، تتطلب زمن بقاء أطول في الميدان. من غير المستبعد أن نوعاً كهذا من الحملات سنراه أكثر في الأشهر القريبة القادمة. وذلك دون الحديث في هذه المرحلة عن قرار للخروج إلى حملة كبيرة في الضفة. ولكن حتى في هذه الصيغة المقلصة، كلما أودت الأعمال قتلى أكثر في الجانب الفلسطيني يزداد الاحتمال للانزلاق إلى تصعيد أكبر في الضفة وربما في قطاع غزة. فمهمة جهاز الأمن هي إيجاد الطريق الذهبي المتمثل في مواصلة تنفيذ الاعتقالات دون التدهور إلى تصعيد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى