ترجمات عبرية

معاريف: رغم المؤشرات المثيرة للقلق: إسرائيل لا تواجه خطر اندلاع حرب

معاريف 15-9-2023، ألون بن ديفيد: رغم المؤشرات المثيرة للقلق: إسرائيل لا تواجه خطر اندلاع حرب

مثل الحصادين، فإن تحذيرات الحرب عندنا هي الأخرى ظاهرة موسمية تبشر بالخريف القريب. ثلاثة تصريحات مختلفة وغير مرتبط أحدها بالآخر خلقت في الأيام الأخيرة أجواء عشية حرب، والكثير من الإسرائيليين، الذين ربما تعبوا من الحرب داخلنا، تبنوا بحرارة التهديد الخارجي القديم والطيب. إذاً، يسعدني ان أُخيب آمال هؤلاء واهدئ روع الباقين: لا توجد مؤشرات الى أن حرباً توشك ان تقع.

صحيح أنه يوجد الكثير من الأعداء الذين يعتملون حولنا، ويتمنون انهيارنا. كما توجد الكثير من المنظمات المعادية التي تراقب بسرور وباهتمام مسيرة التدمير الذاتي التي نجتازها. لكنهم يفهمون ونحن أيضا علينا أن نفهم بان التهديد الوجودي المهم والوحيد الذي يحوم فوق إسرائيل اليوم يوجد في القدس.

إن سلسلة التصريحات، التي أطلقت هذا الأسبوع من وزير الدفاع، ورئيس الأركان، ورئيس “الموساد”، هي التي أثارت لدى الكثيرين الإحساس بأن ها هي، مرة أخرى، تأتي علينا أيام رهيبة حقاً. ومثلما قال زميلي غي زوهر، تحتاج هذه الاقوال تفكيكاً وتركيباً.

وقف رئيس الأركان في مهرجان احياء 50 سنة على حرب “يوم الغفران”، وتحدث عن أن الدرس من تلك الحرب هو عدم الاستخفاف بالتهديدات التي نقف أمامها، وأن نكون جاهزين دوماً لتحقُق السيناريو الخطير. السيناريو الأمني الخطير اليوم هو سيناريو حرب متعددة الجبهات، ويخطط الجيش الإسرائيلي للتعامل معه. لا يعني هذا أنه توجد مؤشرات إلى أن هذا السيناريو يوشك أن يقع.

إيران، “حزب الله”، و”حماس”، ينظرون بانفعال واهتمام الى إسرائيل التي تسحق نفسها حتى الجنون. يصعب عليهم أحيانا أن يصدقوا ما تراه عيونهم: إسرائيل بكلتا يديها تتحلل من قدراتها العسكرية، الاقتصادية، والاجتماعية. يثير هذا الفهم نزعة قوية لتشجيع المسيرة وتسريعها، لكن ما هو اقوى منها التخوف من أنهم اذا ما تدخلوا فقد يوحدون أجنحة الأمة الإسرائيلية الممزقة، ويوقفون مسيرة الهدم المباركة، في نظرهم.

ولهذا فهم يضبطون أنفسهم، حالياً على الأقل. يحاولون أن يعظموا الاحتكاك، لكن ليس بقوة تؤدي الى مواجهة واسعة. “حزب الله”، الذي يرى هذه الحكومة تقف عديمة الوسيلة امام توغلهم الفظ على السيادة الإسرائيلية، معني بان يخلق احتكاكا آخر على الجدار لكنه في هذه الاثناء يحذر من أن يبادر الى اعمال تدفع إسرائيل الى رد فعل واسع. إيران تشجعه على التجرؤ اكثر، لكن إيران نفسها لا تتجرأ على أن تبادر باي شيء من أراضيها.

بالتوازي، جاء وزير الدفاع الى المؤتمر في جامعة رايخمن، وكشف النقاب عن أن إيران أقامت مهبطا لطائرات غير مأهولة على مقربة من حدود إسرائيل، بل رفعت فيه علما إيرانيا.

لا يفترض بهذا المهبط أن يقض مضاجع أحد، بل العكس – حبذا لو أن كل ذخائر “حزب الله” كانت أهدافا علنية يرفرف فوقها علم. يمكن للجيش الإسرائيلي أن يدمر هذا المهبط في أي لحظة حتى دون أن ينهض عن الكرسي. اسألوا لماذا وجد وزير الدفاع من الصواب الكشف عنه؟ الجواب شاعري: لمثل هذا المؤتمر الذي يتحدث فيه الكثيرون بنبرات عالية هناك حاجة لجلب شيء ما يجتذب الانتباه.

في جبهة الجنوب، تريد “حماس”، التي حافظت حتى الآن على هدوء تام من قطاع غزة، هي أيضا ان تنال الحظوة على التفكك الإسرائيلي فبدأت تبادر الى مسيرات ليلية نحو جدار القطاع. حتى الآن كانت استجابة سكان القطاع لهذه المسيرات محدودة، لكن ثمة إمكانية كامنة لاحتكاك يؤدي الى التصعيد. فمنذ هذا الأسبوع أُحصي عدة قتلى غزيين نتيجة لانفجار عبوة حملوها، واذا ما ارتفع عدد المصابين فهذا قد يجتذب غزيين اكثر للانضمام الى الاعمال الليلية.

في خلفية الانتخابات الداخلية في “حماس” في السنة القادمة، سيحاول مرة أخرى الزعيم النشط لـ “حماس” في الخارج، صالح العاروري، تحدي زعامة يحيى السنوار، الراغب في الهدوء والاستقرار في القطاع. التهديدات الإسرائيلية للمس بالعاروري رفعت مستوى مكانته، ولهذا يحاول السنوار في الليالي الأخيرة الاثبات بانه هو أيضا يساهم بنصيبه في الكفاح ضد إسرائيل، لكن ليست لديه أي شهية واهتمام لمواجهة أخرى في غزة.

أما التصريح الأكثر صخباً فكان لرئيس “الموساد” في ذاك المؤتمر في رايخمن، الذي ذكر فيه عدد الاحباطات المبهرة للجهاز، 27 (!)، ضد محاولات إيرانية لضرب اهداف إسرائيلية ويهودية في العالم. دادي برنياع، الذي وصل رجاله الى “المخربين” أنفسهم وحققوا معهم على الأراضي الإيرانية، كشف أيضاً مرسليهم من وزارة الاستخبارات الإيرانية، جهاز الاستخبارات التابع للحرس الثوري ووحدة 840، المسؤولة عن إقامة شبكات الإرهاب خارج إيران.

كان يكفي كشف الأجهزة والشخصيات لاجل نقل رسالة رادعة، لكن برنياع واصل وهدد بقتلهم اذا ما نجحوا في تنفيذ مؤامراتهم. لا أدرى اذا كان أُرسل بأمر من المسؤول عنه ليقول ما قاله ام أنه اختار الصيغة بنفسه لكن كان غريباً ان نسمع رئيس “الموساد” يتحدث بأسلوب شرق اوسطي ولا يتميز به على نحو ظاهر. في الماضي، عندما كان “الموساد” يعتقد بأنه يجدر تصفية أحد ما، فقد كان ببساطة يفعل هذا دون أن يهدد ويحذر مسبقاً.

من تحت التبجحات يتواصل التآكل في أهلية الجيش الإسرائيلي بعامة وسلاح الجو بخاصة. يوجد قادة أسراب لم يطيروا منذ سبعة أسابيع، ويهبطون بين أهليتهم. في هيئة الأركان العملياتية لسلاح الجو يشعرون كل ليلة بالنقص في الأشخاص المجربين الذين توقفوا عن التطوع. في هذه الأيام التي بين إجازة الصيف والاعياد، الأيام التي لا يتدربون فيها تقريباً، يجدون في سلاح الجو صعوبة في إعطاء مقياس دقيق لوضع الاهلية. لكن فور الأعياد، في منتصف تشرين الأول، سيتعين عليهم أن يتخذوا قرارات حول ملء شواغر الطيارين الذين كفوا عن التطوع والاستعداد للموجة التالية التي ستأتي مع انعقاد الكنيست واجازة قوانين الإعفاء للحريديين.

لكن رئيس الوزراء ووزراءه مشغولون بتهديدات أخرى: المحكمة تخيفهم أكثر من كل قنبلة إيرانية، ومركبات مدرعة للسلطة الفلسطينية تتخذ صورة التهديد الوجودي. ذات مرة، عندما كانت لا تزال هنا معقولية كان هذا كفيلا بان يُعتبر غير معقول، لكن بعد كل شيء نحن دولة أقيمت على عجل من قبل أناس لم يخولوا بذلك. على هذا ينبغي لنا أن نكون ممتنين لهم. الـ 75 سنة الأولى كانت رائعة، حتى وان لم تكن سهلة دوما. فليكن لنا شرف السنة التالية.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى