ترجمات عبرية

معاريف: حتى لا تضيع إنجازات الجيش: آلية دولية بقيادة السلطة الفلسطينية

معاريف 2023-11-25، بقلم: الون بن دافيد: حتى لا تضيع إنجازات الجيش: آلية دولية بقيادة السلطة الفلسطينية

حتى لو استطالت الهدنة وتواصلت صفقات المخطوفين على مدى زمن طويل، في المستوى السياسي والعسكري توجد وحدة آراء بأن القتال سيستأنف بعدها بكل القوة حتى تحقيق هدف تفكيك “حماس”. في الأسابيع الأربعة الأخيرة اثبت الجيش الإسرائيلي بأن بوسعه أن يحقق هذا الهدف. لكن الإنجاز العسكري الذي اشتري حتى الآن بثمن أليم سيكون عديم القيمة إذا لم يأتِ بعده فعل سياسي يصمم واقعا جديدا في غزة.

بعد الفشل الرهيب في 7 أكتوبر صحا الجيش الإسرائيلي، نفض عنه صدمة المفاجأة والقصور – وضد كل المستخفين الساخرين وأنبياء الغضب على أنواعهم أرانا بأنه يعرف كيف يسيطر على احد المربعات الأكثر تحصنا في العالم ويهزم منظومات دفاع “حماس”. رغم القيود التي تفرضها المنطقة المبنية المكتظة في شمال القطاع، والتي تملي حركة في عدد قليل من المحاور المعروفة، نجح الجيش الإسرائيلي في أن يفاجئ ويهاجم كون العدو لم يتوقعه.

قوات فرقة 162 التي تحركت في محور الشاطئ، هاجمت مخيم اللاجئين “الشاطئ” من الشرق والتقت خط الدفاع الذي عبواته الناسفة كانت متجهة غربا. فقد افترضت “حماس” على ما يبدو بأننا سنأتي إلى “الشاطئ” من جهة البحر. هكذا كان أيضا في جباليا وفي الزيتون، حين اتجهت منظومات الدفاع لديهم شرقا وهوجمت من الخلفية الغربية. مركز مدينة غزة الذي هوجم من الجنوب، من الغرب ومن الشمال، اخضع بسرعة.

في نهاية أربعة أسابيع من القتال، نجحت إسرائيل في السيطرة على معظم شمال القطاع باستثناء أحياء التفاح، الدرج والشجاعية. وفي إطار ذلك أخلت إسرائيل، في خطوة غير مسبوقة كل سكان شمال غزة تقريبا، 1.4 مليون نسمة، إلى جنوب القطاع. هذا الإنجاز اشتري بثمن باهظ وأليم من نحو 70 قتيلا لقواتنا لكنه ليس قريبا من توقعات مئات القتلى التي كانت لدى أنبياء الغضب مثل اللواء المتقاعد اسحق بريك.

غزة أولاً

لكن بينما تجسد آلة حرب الجيش الإسرائيلي بأنها مزيتة وناجعة، فإن الطابق السياسي فوقها بقي غافيا ويتصرف بكسل. مجلس الأمن القومي، جسم أركان يفترض به أن يخلق الخطوة السياسية التي تكمل وتثبت الإنجاز العسكري، لا يزال يبدو كجسم معد لتقديم خدمات غسيل وتنظيف جاف لعائلة نتنياهو. قبل لحظة من استئنافنا القتال، وأغلب الظن استكمال احتلال شمال القطاع هو الانطلاق إلى خطوة برية في جنوبه – فإن قدرات هيئة الأمن القومي لتصميم وضع نهاية الحرب تصبح حرجة. إذا لم تعرف إسرائيل كيف ترسم آلية تدير غزة في اليوم التالي وتجند القوات الدولية اللازمة لمثل هذه الآلية فلن نتمكن من إنجاز الهدف العسكري. هذه الآلية يجب أن تعرض منذ الآن. في نهاية الهدنة سيعرف الجيش كيف يستكمل احتلال شمال القطاع ويخضع كتائب “حماس” المتبقية فيه. لكن قبل أن نخرج إلى المناورة الحاسمة في جنوب القطاع، فإن إسرائيل ملزمة بأن تخطط وضع النهاية وإلا فلن تكون لنا شرعية للوصول إليه.

منذ فترة يسود التقدير بأن قيادة “حماس” توجد في خان يونس وعلى ما يبدو أيضا معظم المخطوفين. واختار الجيش البدء بالمناورة إلى الشمال انطلاقا من الفهم بأن هناك توجد أساس القوة العسكرية ومؤسسات حكم “حماس”. الإنجاز المادي وفي الوعي في احتلال مدينة غزة جاء لحمل قيادة “حماس” على الاعتراف بأنهم يوشكون على فقدان كل شيء، وبالفعل أدى بهم احتلال غزة إلى البدء بتحرير المخطوفين.

يحيى السنوار يفهم ما الذي فقده في غزة منذ الآن، ويفهم بأن إخضاع خان يونس لن يكون صعبا جدا بالنسبة لنا. وعليه فهو يحاول تأجيل النهاية. في جنوب القطاع، توجد مناطق مفتوحة اكثر تقيد المناورة اقل. ولكن حتى قبل أن نبدأ بالتحرك نحو خان يونس سيكون مطلوبا أن نخلي اكثر من 200 ألف من سكانها، وسنقف أمام هدف إنساني مرغوب جدا ألا يوضع أمام أعتابنا.

منذ اليوم يوجد اكثر من مليون لاجئ غزي نزلوا إلى جنوب القطاع. إذا ما أضفنا إلى هذا خان يونس والبلدات بمحيطها، سنصل إلى 1.8 مليون لاجئ سيحشرون في 250 مؤسسة عامة تحددت في جنوب القطاع وفي مدن الخيام التي قامت على الشاطئ. من سيكون مسؤولا عنهم؟

هذا بالضبط هو السؤال الذي وجهه الوزير غادي آيزنكوت إلى منسق أعمال الحكومة في المناطق. ظاهرا، لا يكلف القانون الدولي الجيش الإسرائيلي المسؤولية عن السكان في زمن القتال لكن إسرائيل تتصرف تحت القانون الدولي في صيغته المتشددة. معظم الاحتمالات في أنه في الأيام الوسطى التي بين نهاية المناورة في غزة وبين إقامة آلية حكم فيها – فإن المسؤولية عن هؤلاء الناس ستلقى علينا وعلى آلية منسق أعمال المناطق.

العودة إلى فيلادلفيا

إذا لم نعرف منذ الآن كيف نخطط مبنى الحكم في غزة ما بعد “حماس” – سنجد انفسنا نغرق ليس فقط في وحل غزة بل أيضا في مجاريها وأمراضها. المشكلة هي انه لا يوجد لنا، اليوم، شمعون بيريس الذي يعرف كيف يربط زعماء العالم بمثل هذه الخطوة. يوجد لنا رئيس وزراء منبوذ الذي باستثناء الرئيس جو بايدن يمد له أي شخص اليد، وحتى بايدن يفعل هذا بتحفظ.

شئنا أم أبينا، الجواب لغزة ملزم بأن يتضمن السلطة الفلسطينية. بدونها لن يكون ممكنا ربط الأميركيين، الأوروبيين والدول العربية بإدارة وتعمير القطاع في اليوم التالي. أبو مازن ليس كأس الشاي لمعظم الإسرائيليين، وهو بالتأكيد ليس صهيونيا أو مؤيدا لإسرائيل، لكنه الجهة الوحيدة التي لا تعمل بتأثير إيراني والتي يمكنها أن تأخذ المسؤولية عن القطاع بدعم دولي. لا يزال يوجد لها 27 ألف موظف من متلقي الرواتب في غزة الذين هم بنية لنظام مستقبلي، ولا يزال هو لا يمكنه أن يدخل إلى هناك على ظهر دبابات إسرائيلية. سيكون مطلوبا تحالف غربي – عربي بإسناده – بالشرعية وبالمال.

وتوجد مسألة دراماتيكية أخرى لم تحسمها إسرائيل بعد: ما هو مستقبل معبر رفح ومحول فيلادلفيا – الحدود التي بين القطاع ومصر. حتى 2005 كان المحور بسيطرة إسرائيلية، ومعبر الحدود بسيطرة مشتركة من إسرائيل والسلطة الفلسطينية. في فك الارتباط تخلت إسرائيل عن القبضة في خط الحدود وفي المعبر.

إسرائيل لم تقرر بعد إذا كانت ستسيطر من جديد على الحدود وعلى المعبر، وأساسا بسبب الحساسية تجاه مصر. لكن ينبغي أن يكون واضحا بأنه لا يمكن لأي جهة، عربية كانت أم دولية أن تضمن لنا منع عبور السلاح من مصر إلى القطاع. إذا لم تعد إسرائيل للسيطرة على المعبر إلى غزة – فإننا نبدأ في عد تنازلي نحو التسلح المتجدد لـ”حماس”.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى