ترجمات عبرية

معاريف – بينيت غفا في الحراسة ..!

معاريف 7/4/2022 – بقلم بن كاسبيت – 

قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في مقابلة مع شبكة “إم إس إن بي سي”: “أقول ببساطة إني لست متفائلاً في فرص تحقيق اتفاق نووي مع إيران، لسنا هناك”. تؤكد أقواله الانطباع العام بأن الاتفاق النووي عالق والطريق مسدود. هذا يحصل في أعقاب خطوات سياسية لامعة لحكومة بينيت-لبيد التي شخصت “الخاصرة الرخوة” للاتفاق في نية شطب الحرس الثوري من قائمة منظمات الإرهاب ودخلت إلى هذا الشق. النتائج طيبة. فالرئيس بايدن يدرك اليوم أنه لن يكون بوسعه إجازة هذه الخطوة عنده في البيت، والإيرانيون غير مستعدين للتنازل والقصة عالقة. المستشارة السياسية لبينيت، شمريت مئير، التي سنعود إليها للتو، في زيارة لواشنطن منذ خمسة أيام. كادت تنتقل للسكن في البيت الأبيض. أمس، في صدفة نادرة، أعلن 20 مشرعاً ديمقراطياً بأن الموضوع الجاري حول “الحرس الثوري” ليس مقبولاً.

يجسد هذا الحدث شدة مأساة نفتالي بينيت. فهو يتوسط بين روسيا وأوكرانيا، ويحاول تشكيل حلف شرق أوسطي ضد إيران، ويقود جهاز الأمن نحو تعاظم للقوة غير مسبوق وينجح في إحباط أو على الأقل عرقلة الاتفاق النووي دون أن يحرق الجسر إلى واشنطن. حسناً، ومن يعنى بهذا بين “رعنانا” و”رحوفوت” (مكان سكن عائلة سيلمان)؟ لا أحد. ينجح في التملص من فتح قنصلية أمريكية في شرقي القدس، ويتجاوز مطالب الأمريكيين بالتجميد، ويكافح موجة الإرهاب بلا هوادة، ويضيف مالاً للشرطة، ويرفع المكانة الدولية لإسرائيل إلى مستويات غير مسبوقة (كل ما قيل أعلاه معاً إلى جانب لبيد وغانتس)، ولا تزال هذه الأمور لا يعني أحداً حتى اللحظة.

عندما دخل بينيت المنصب، فعل ما يفترض بوطني إسرائيلي أن يفعله: انقض على المشاكل المشتعلة داخل الدولة. لا تصدقوا الأكاذيب التي يبيعها لكم البيبيون: هذه الحكومة تحسن وضع إسرائيل في كل المجالات. ولا، هي لا تجري مفاوضات سياسية، ولن تخلي مستوطنات، ولن تغير الهوية اليهودية للدولة. ربما العكس. المشكلة هي أن كل هذا غير ذي صلة حيال الآلة البيبية التي لا ترتاح للحظة. لو كان نتنياهو محل بينيت لانتقل للسكن مع السيلمانيين (اهدأوا، هو و”السيدة”).

عندما عاد نتنياهو ذات يوم من زيارة متعبة لدى بوتين، هبط، جمع نفسه ورجاله وسارع إلى عرس لدافيد بيتان. أما بينيت فأهمل كل هذا. بكلمات أدق – اختار مسار شمريت مئير، مستشارته السياسية الحادة والمبهرة، على حساب الصيانة اليومية، العبثية، المتعبة للأشخاص الذين معه. لم يكن يقظاً للمعاناة الرهيبة التي يمر بها أناس طيبون مثل عيديد سيلمان ونير أورباخ. لم يفهم أنهم يحتاجون إلى سند، ودعم، وأمل، وفهم بأن له مستقبلاً وحياة. أدمن منصب رئيس الوزراء، وببساطة غفا في الحراسة. فقدَ غرفة ملابسه.

مفاجأة الأربعاء (مع الفجر)، التي نشرت بانفجار مدوٍ لعميت سيغال، تذكر بانهيار المفهوم في حرب يوم الغفران (مع 2.800 فارق). هنا أيضاً كان العنوان على الحائط، لكن بينيت لم يره. نير أورباخ، وابير قارا، وآييلت شكيد لا يفرون. يخيل لي أنهم يفهمون ما ستتعلمه سيلمان على جلدتها لاحقاً: من يعقد الصفقات مع نتنياهو، ينهي يومه بلا محفظة (بخلاف نتنياهو الذي يصل إلى الصفقة بلا محفظة). يجدر بنا أن نتذكر العقد الذي وقعه نتنياهو مع رافي إيتان الراحل، زعيم حزب المتقاعدين، وبموجبه حتى لو كانت انتخابات، ولم يدخل المتقاعدون إلى الكنيست، سيعين إيتان وزيراً بتعيين شخصي في حكومة نتنياهو الجديدة. وبالفعل، تشكلت هذه الحكومة في نيسان 2009، ولكن بدون رافي ايتان. ومساء أمس، تسرب شريط اللقاء الليلي لسيلمان مع نتنياهو من الليلة السابقة. استغرقهم بضع ساعات ليبيعوها، وهذا في وقت ما زالوا يحتاجونها.

ماذا سيكون؟ لا أحد يعرف. المؤكد هو أن أجواء العجز زائدة. اليأس غبي، والانهزامية ليست خطة عمل. حكومة التغيير تلقت هذه الليلة ضربة، ولكن شيئاً لم ينتهِ بعد، بل العكس، يبدأ. هذه الدولة أهم من إجمالي مثيري النزاعات فيها، فارّيها ومحرضيها. ليس لنا دولة أخرى وليس لنا ترف التنازل عنها.

استقالة عيديد سيلمان من الائتلاف ليست نهاية النهايات وليست مصدر تغيير لقواعد اللعب، إلا إذا جاء في أعقابها آخرون. فهل سيأتي آخرون؟ تصعب المعرفة. نير اورباخ وأبير قارا أقوى من سيلمان، ويخيل إليّ أنهما يعرفان كيف يميزان بين الحقيقة والكذب. أما آييلت شكيد فقصة منفصلة. أجد صعوبة في أن أراها تطعن ظهر بينيت بالسكين الأخيرة.

لا أؤمن بخيار غانتس. فقد نجح في إصلاح اسمه مرة واحدة. إذا ما عاد إلى مكان الشر، فلن تكون له فرصة أخرى. في وضع الأمور، وعلى فرض أن جدعون ساعر يعرف كيف يحافظ على رجاله (بخلاف بينيت مثلاً)، فإن الحائزين على المفاتيح هم العرب. أي أحمد الطيبي، ومعضلته ليست بسيطة: من جهة، تجده يطوق لنتف ريش منصور عباس ويستعيد المجد، من جهة أخرى لا شيء يمقته أكثر من الخليط بين البيبية والغفيرية. وماذا عن الحريديم؟ موشيه جفني ويعقوب أشير تلعثما أمس في أن على المعارضة أن تصحو وتشكل حكومة بديلة بكل ثمن. يعرفان أنه يمكن أن تتشكل حكومة يمينية “على المليء” لو تفضل المتهم بتحرير الدولة والاعتناء بشؤونه القضائية، التي تبدو اليوم أخطر من أي وقت مضى.

خطوة سيلمان التي ترتبط تعليلاتها الرسمية لأدبيات “العالم القادم” تثبت شيئاً بسيطاً: اليسار الإسرائيلي قادر على الجلوس مع اليمين، لكن اليمين غير قادر على الجلوس معه. الإحصاءات لا تكذب. ما مر على سيلمان وعائلتها في السنة الأخيرة، لا يشبه شيئاً. تهديدات، وشتائم، ونبذ، ومقاطعات، وإهانات في الكنيس، وصراخ وسباب في كل مكان توجهوا إليه. على حد فهمي، كانت هناك مشكلة عائلية مع أقرباء حريديم وجهوا إنذاراً. وبالتالي، فإن قوة صمود سيلمان، وأساساً زوج سيلمان، أخذت تضعف. لو ارتبطوا بمجموعات “الواتساب البيبية” لاكتشفوا حجم المغامرة: “بداية نستخدمهم، وبعد ذلك نركلهم”. تحولت الفارّة الجديدة بين ليلة وضحاها من “أرنبة العرب” إلى الملكة أستير، ولكن من شأنها أن تفهم على جلدتها بأن هذا العناق اللزج الذي يحيط بها الآن سيتبدد في الثانية التي لا تعود لهم بها حاجة.

في هذه الأثناء فلنركز على الحقائق: من أقوال شموليك فيلمان، في المقابلة الإذاعية قبل بضعة أيام، نفهم بأن الهم الأساس لعقيلته هو ما ستناله في الآخرة. ما تبقى هو أن نسأل الأسئلة التالية: على حقيقة أن الحاخام دافيد ستاف وحاخامي “تسوهر” يمكنهم جر تهويدات أرثوذكسية صافية ستمس بهذا الحق؟ أو أن احتكار الحلال الفاسد والعفن نزع من أيدي الأقلية المتطرفة في صالح حلال (أرثوذكسي صافٍ) والمنافسة؟ هل ستتضرر الآخرة من حقيقة أن الحريديم يتوقفون عن تسميم أطفالهم بالمشروبات المحلاة ويوفرون المال بفضل الانتقال إلى الجلاية (والدولة توفر كميات طائلة من التلوث)؟ هل يعدّ كتاب نيتسان هوروفيتس، الذي جاء بعد قرار محكمة العدل العليا وبالإجمال يمنع إجراء تفتيشات عند الدخول إلى المستشفيات (شيء ما لم يسبق أن كان هنا)، هو الفرق بين الجحيم والجنة؟ هل ستسد الآخرة في وجهنا جميعاً إذا ما استمرت مسيرة تعاظم القوة غير المسبوقة للجيش الإسرائيلي، التي تستثمر فيها الآن عشرات المليارات؟

يمكن مواصلة هذه القائمة إلى ما لا نهاية، غير أن الحديث يدور عن حوار طرشان. عبادة الشخصية البيبية لا تتردد في استخدام الوسائل، ولا تعترف بالحقائق، وتدوس على كل ما يقع في طريقها. ولكن حتى بعد أن قلنا كل هذا، يجب أن نتذكر: نتنياهو لم ينجح في الوصول إلى الأغلبية التي كان يحتاجها لأربع مرات متتالية. فهل تعتقدون أنه سينجح الآن؟ في اثنين من ثلاثة استطلاعات نشرت أمس، في توقيت كامل الأوصاف لنتنياهو، لا توجد له أغلبية. في الثالث يصل إلى 60. دخل في وضع مشابه في كل الحملات الأخيرة، وخرج في وضع آخر تماماً.

هل دولتنا المعذبة والمحاصرة بحاجة الآن إلى انتخابات خامسة؟ مفهوم أن “لا”. لكن نتنياهو لم تكن تعنيه الدولة. السيناريو الأكثر معقولية هو قانون حل الكنيست وموعد للانتخابات. أفترض أن هذا سيكون في مدى 4 – 6 أشهر. كل هذه الأشهر ستمر بينما سيكون اسم رئيس الوزراء يئير لبيد. وعليه، فكل شيء مفتوح ولا يوجد شيء مسلم به. ليس لنا دولة أخرى، ومحظور علينا أن نتخلى عن الديمقراطية الإسرائيلية. من يريد لعملية اتخاذ القرارات الأكثر حساسية العودة إلى الأيادي الأمينة لسارة ويئير نتنياهو، مدعو للتنازل. أما من “لا”، فمدعو إلى العلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى