ترجمات عبرية

معاريف: بايدن يمنح نتنياهو هدية لحرفه عن مسار الخراب

معاريف 2023-08-11، بقلم: الون بن دافيدبايدن يمنح نتنياهو هدية لحرفه عن مسار الخراب

في كل يوم يمر يتواصل تفكك الجيش الإسرائيلي. وكان الناطق العسكري اعترف، هذا الأسبوع، بأنه يوجد ضرر ما في الأهلية، لكن الجيش يمتنع حالياً عن عكس عمق هذا الضرر للجمهور، ومن الجدير بنا جميعاً ان نعرف الحقائق: منذ اليوم، مع إيقاف مئات أصحاب الوظائف المركزية في سلاح الجو تطوعهم للخدمة، سيكون من الصعب على إسرائيل الخروج الى خطوة عسكرية مبادرة وواسعة، في إيران وفي لبنان.

ثمة منذ الآن أسراب قتالية يصعب عليها إجراء تدريبات او تكييفات مع عتاد جديد حين يعلن أكثر من نصف الطيارين في الاحتياط عن وقف التجنيد أو وقف الامتثال. توجد اسراب مُسيرات توقفت تقريباً عن التدريب، وبصعوبة تنجح في إيجاد الأشخاص لنشاطات عملياتية بغياب مشغليها، وفي شعبة عمليات سلاح الجو يديرون الاعمال الجارية بغياب أصحاب وظائف ذات مغزى ولا يمكنهم أن يديروا قتالاً واسعاً في ظل تغيب بشري كهذا.

إذاً نعم، نفذ سلاح الجو هذا الأسبوع هجوماً مهماً في سورية (حسب منشورات أجنبية) وقتل شخصاً مركزياً على الأرض السورية. يمكن الافتراض أيضا ان ثلث الطيارين على الأقل في هذا الهجوم كانوا رجال احتياط. لكن دولة إسرائيل تفقد قدراتها الاستراتيجية ومن المشكوك انها في هذا الوضع يمكنها ان تعمل على إزالة الخيمة التي أقامها “حزب الله” على ارض إسرائيلية، وتوجد هناك دون مانع منذ شهرين ونصف.

ألقى آلاف رجال الاحتياط من الجيش الإسرائيلي، ممن يخدمون في المنظومات الأكثر حساسية، قبل ثلاثة أسابيع قنبلة نووية في قلب الجيش، تتواصل أصداؤها كل يوم في الانتشار الى صفوف الجيش الدائم والنظامي. رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي لا يمكن الاشتباه به في أنه لا يفهم خطورة الوضع، نهض، دهن طلاء على حروق الإشعاع، وخرج من كوخ الاستجمام المحاصر في قمة جبل الشيخ كي يروي لنا بان كل شيء رائع.

من اكتسب سمعة زعيم بصير وحذر، ينظر اليوم باستخفاف الى تفكك قوة الدرع لإسرائيل، ولا يرف له جفن امام افول الاقتصاد الإسرائيلي ويوجه نظرة لامبالية الى انهيار العلاقات الخارجية لإسرائيل.

هل الجوهرة اللامعة والمغرية التي اعدها الرئيس الأميركي – اتفاق تطبيع مع السعودية – سيحرف نتنياهو عن مسار الخراب؟ وفقا لكل المؤشرات – لا. نتنياهو مصمم على أن يعين القضاة الذين سيجلسون في استئنافه في العليا، وهو مستعد لهذا الغرض أن يطأطئ رأسه امام فتى التلال الذي يشغل منصب وزير المالية، وان يدفع الثمن بالضم الفعلي لـ “يهودا” و”السامرة”. مع هذين الاثنين لا يمكنه أن يجلب اتفاقاً مع السعودية.

***

في لحظة نادرة من اليقظة فهم الرئيس بايدن بانه يوشك على ان يفقد السعودية أيضا لأيدي الصين. تدخلت إدارته على نمط عمل أيام الحرب الباردة وقررت إبقاء السعودية الى جانبها مهما يكن. وهي مستعدة لان تنقل جملة قدرات عسكرية متطورة لمحمد بن سلمان، الذي كان بايدن يسميه قبل لحظة “قاتلا”. بل انها مستعدة لتمنح قدرات نووية مستقلة للمملكة على الا تنتقل الى جانب الصينيين. وعلى الطريق شخصت أيضا فرصة انتخابية: اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل يثبت دعم الصوت اليهودي في انتخابات 2024.

تريد الولايات المتحدة ان ترضع بقدر لا يقل عما تريد السعودية ان ترضع. يستطيب محمد بن سلمان التكنولوجيات الإسرائيلية (التي حسب منشورات أجنبية أتاحت له أيضا أن يقطع الصحافي جمال خاشقجي) والقرب مع من بدت لتوها قوة عظمى شرق أوسطية.

اما الفلسطينيون فلا يهمونه الا على أطراف الأصابع. لكن كونه يواجه التحدي من معظم إخوته وأعمامه فإنه ملزم بأن يجلب إنجازات إجماعية – اتفاقاً يترك كوة لإقامة دولة فلسطينية.

بالنسبة لبايدن، فان حفظ خيار الدولتين هو بالفعل هدف أساسي. هذا سيكون المبرر لأن يعقد اتفاقا مع من رأى فيه قاتلاً، وسيضمن أيضا تأييد الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي. بايدن ملزم بان يوقع هذا الاتفاق سريعا، في سنة ما قبل الانتخابات. ليس واضحا بعد اذا كان سيشترط الاتفاق أيضا بوقف قوانين الانقلاب. الواضح هو أنه لا توجد له أي نية لان يمنح جائزة لنتنياهو اذا ما اصر على مواصلة ضم الضفة الغربية.

يوجد لإسرائيل غير قليل من الملاحظات على الاتفاق المتبلور. المطلب السعودي شراء عتاد عسكري متطور من الولايات المتحدة يهدد التفوق النوعي لإسرائيل. لكن ما يستفز جهاز الامن هو مطالبهم في المجال النووي. السعودية لا تكتفي بقدرة انتاج طاقة مدنية، بل تريد أيضا قدرة نووية مستقلة: دائرة وقود تنتج فيها بنفسها قضبان الوقود لمفاعلها النووي. وهذه باتت قاعدة لاقامة برنامج نووي عسكري في المستقبل.

كان جهاز الامن والجيش الإسرائيلي مقصيين حتى وقت أخير عن الحديث في بنود الاتفاق المتبلور. فقد أداره نتنياهو أيضا مع رجال لجنة الطاقة الذرية. لكنهما دخلاه الآن ومن الصعب ان نرى كيف ستنزل مطالب النووي السعودية في الحلق. القلق ليس فقط من القدرات التي ستكون لدى السعودية التي استقرارها موضع شك دوماً بل أيضا في أن هذا سيشجع دولا أخرى في المنطقة على تطوير قدرة نووية مستقلة. سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط هو كابوس إسرائيل.

***

ما يمكن له أن يخفف بعض قلق جهاز الامن هو صفقة مردودات: قدرة وصول الى تكنولوجيات أميركية كانت ممنوعة عن إسرائيل حتى الان، وضمان اتفاق مساعدات عسكرية جديد في 2028، مشابه في حجمه للاتفاق السخي القائم. لكل من يتابع الميول والتيارات في السياسة الأميركية واضح أنه تحت كل إدارة سيكون من الصعب استعادة اتفاق المساعدة السخي الذي وقعه معنا الرئيس أوباما والذي تزود فيه الولايات المتحدة إسرائيل 3.8 مليار دولار من المساعدات العسكرية كل سنة.

بالنسبة لنتنياهو تبدو هذه صفقة الاحلام: كله معا، اتفاق تاريخي، ضمان المساعدة العسكرية، مكانة احتفالية للسير في ساحة البيت الأبيض برفقة ولي العهد السعودي، ويمكن الافتراض بانه في نهاية الاحتفال سيحظى أيضا في أن يرى مرة أخرى الغرفة البيضوية من الداخل. لا شك لدي أن نتنياهو يفهم حجم الفرصة، ومثله أيضا الوزير المقرب من رون ديرمر.

لكن من اجل هذا سيكون نتنياهو مطالبا بان يوقف الضم الذي يقوده بتسلئيل سموتريتش، ومن المشكوك فيه أن يصل الى المكانة اذا أصر على مواصلة تشريع قوانين الائتلاف. مع نتنياهو السابق كان يمكن أن نعرف بأن الأمن هو قبل كل شيء، لكن يخيل اليوم ان رائحة “الليزول” تتفوق لديه على الأمن القومي.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى