ترجمات عبرية

معاريف – بايدن.. والحرب الاقتصادية الخطرة على روسيا

معاريف – زلمان شوفال – 15/3/2022

“كل سياسة هي محلية”، قال عضو الكونغرس الديمقراطي في الماضي تيب أونيل، أي لا تنزع نظاراتك المحلية إذ ما هو مهم لك هو جمهور ناخبيك الداخلي.
تنطبق هذه القاعدة أيضا على رؤساء الدول. حاليا لا يوجد مؤشر على متى وكيف ستنتهي قضية أوكرانيا.
يعتقد أفرايم هليفي، رئيس الموساد الأسبق، أن وقف النار بين الطرفين لن يتاح إلا إذا بادرت أميركا إلى خطوة تؤدي إلى مخطط أميركي روسي مشترك لحل طويل المدى للمسألة الأوكرانية، ولكن في هذه اللحظة احتمال ذلك طفيف للغاية.
مهما يكن من أمر، تلقينا في هذه الأثناء دليلا آخر على صحة قول عضو الكونغرس آنف الذكر، إذ إن السياسيين المشاركين في موضوع أوكرانيا ممن وقفوا عشية نشوب الأزمة أمام اختبارات عسيرة من ناحية سياسية – بوريس جونسون في بريطانيا، الرئيس ماكرون في فرنسا، وأساسا الرئيس الأميركي بايدن، الذي تنبأت الاستطلاعات لحزبه بانخفاض حاد في الانتخابات للكونغرس، وكذا نفتالي بينيت الذي حسب استطلاعات داخلية، وقف حزبه يمينا على شفا نسبة الحسم، اكتشفوا فجأة أن الدولاب انقلب.
هكذا، يحظى جونسون الآن بالشعبية بفضل موقفه الحازم ضد بوتين. وماكرون الذي يتنافس على ولاية ثانية لرئاسة فرنسا نال ارتفاعا بنحو 5 في المئة في الاستطلاعات بسبب محاولاته للتوسط، والرئيس بايدن شهد مجدا جماهيريا، حتى من بعض الجمهوريين، بفضل موقفه الحازم تجاه روسيا، العقوبات القاسية التي فرضها، وإلغاء استيراد النفط والغاز الطبيعي من روسيا. ولن يكون مبالغا فيه القول إن بوتين أنقذ بايدن من هزيمة.
وماذا عن بينيت؟ توجد لإسرائيل بالفعل أسباب وجيهة للسعي لإنهاء الحرب في أوكرانيا. فإضافة إلى الجانب الإنساني، إذا ما انتهت الحرب، ستتمكن إسرائيل من أن تنزع عن نفسها المعضلة التي بين مصلحة سياسية – أمنية مهمة في علاقات العمل مع روسيا في سورية وفي الشرق الأوسط كله وبين الحاجة إلى عدم المس بمنظومة العلاقات الاستراتيجية والقيمية الحيوية مع أميركا.
هذا يبرر محاولة الوساطة من بينيت بين روسيا وأوكرانيا. يحتمل أنه لو كان نتنياهو رئيس الوزراء، بسبب مكانته الدولية والاعتبارية، لكانت فرص الوساطة قد تحسنت، ولكن لا معنى للانشغال بمسائل افتراضية.
بينيت هو رئيس الوزراء. فعندما اجتمع “الثلاثة العظام” في 1945 في بوتسدام، لم يَر ستالين أمامه روزفلت الذي توفي في هذه الأثناء أو تشرتشل الذي خسر في الانتخابات، بل ترومان. هذا هو سبيل العالم.
الرابحة الأساس من الحرب في أوكرانيا هي في هذه الأثناء إيران، أساسا عقب ارتفاع أسعار النفط واحتمال إلغاء العقوبات المختلفة عليها.
تفيد إيران من زوال صورتها التهديدية في نظر الجمهور الأميركي حيال صعود العداء تجاه روسيا.
فقد أملت إدارة بايدن في أن يؤدي تركيز الانتباه على روسيا إلى توقيع سريع على الاتفاق النووي القديم – الجديد مع إيران، لكن روسيا شوشت حاليا السيناريو المتفائل بطرح شروط خاصة بها على الولايات المتحدة.
وسواء أكان هذا ينطلق من محبة مردخاي أم من كراهية أمان أو لم يكن لا هذا ولا ذاك، فإن هذا التطور يعمل في صالح إسرائيل.
ومرة أخرى: “سر وراء المال”. إذ إن هذا هو ما سيوجه خطى كل الأطراف ربما أكثر من كل اعتبار آخر.
وكما أشارت الاقتصادية الرائدة للمشاكل الجغرافية – الاقتصادية جوليا فريدلندر، فإن العقوبات الخطيرة التي فرضتها إدارة بايدن هي عمليا إعلان حرب اقتصادية شاملة على روسيا بهدف إسقاط نظام بوتين، حتى لو كان هذا على حساب رفاه الشعب الروسي كله، وحتى لو دفع حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيون بعضا من هذا الثمن (بالمناسبة، لو أن أميركا تطرفت فقط في بعض من عقوباتها على إيران بذات القدر، فمن المشكوك فيه أن تكون هذه قد صمدت).
وتتساءل فريدلندر: “هل يمكن للسحق الاقتصادي الحاد أن يغير في وقت قصير نسبيا قرارات عسكرية؟ لا أحد يعرف”، لكن الجواب عن هذا السؤال “سيقرر الدور الذي ستلعبه رافعات اقتصادية ومالية في موضوع الأمن القومي في المستقبل أيضا”.
هذا هو فقط طرف واحد من المعادلة. روسيا هي عضو في G20، منتدى الاقتصادات المتصدرة في العالم، وإذا ما تدهور وضعها المالي، من شأنها أن تصبح غير قادرة على السداد تجاه الخارج وعاجزة عن الإنتاج تجاه الداخل.
ونتيجة لذلك ستقع أزمات عالمية في توريد القمح، الحبوب والمعادن الحيوية، وأزمات مالية في دول يتداخل اقتصادها بالاقتصاد الروسي، بما في ذلك في أوروبا. وسيؤدي ارتفاع أسعار الوقود إلى غلاء عناصر أخرى أيضا.
تقف الولايات المتحدة وحلفاؤها إذاً أمام ثلاثة سيناريوهات: الأول، الحرب الاقتصادية التي أعلنوها على روسيا ستؤدي إلى منع العدوان في أماكن أخرى، رغم الثمن الاقتصادي الذي ينطوي عليه ذلك، والرهان سيبرر نفسه.
الثاني، رغم التأثير السلبي المؤقت على الاقتصاد في العالم، سيتحقق الهدف الفوري بالنسبة لأوكرانيا؛ والثالث، الاقتصاد الروسي سينهار وستتضرر أيضا اقتصادات دول أخرى، دون أن تتحقق تسوية مرضية في موضوع أوكرانيا.
في هذه الحالة، فإن ثمن الرهان سيتبين جسيما للغاية.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى