أقلام وأراء

محمد خروب: مَن فجّر السيْل الشمالي؟ سيلٌ من الروايات المُضلّلِة!

محمد خروب ١٠-٣-٢٠٢٣: مَن فجّرالسيْل الشمالي؟ سيلٌ من الروايات المُضلّلِة!

بعد الكشف المثير الذي تولّى الصحفي الإستقصائي الأميركي الشهير/سيمور هيرش, الإضاءة عليه مُستنداً إلى رواية ومعلومات مُوثّقة حصل عليها من أحد «المُتورّطين» في التفجير, وأخرى ذات صِدقية ومنطق تُشير إلى تورّط أطراف أميركية وأوروبية في تفجير خطّي «نورد ستريم» يوم 26 أيلول الماضي, خاصة بعد النفي الأميركي المُرتبِك «وغير المُتحدّي”, بضلوع المخابرات المركزية الأميركية CIA مع أطراف أوروبية فيه. دون أن تُعلن إدارة بايدن إستعدادها للإنخراط في تحقيق دولي مُحايد ونزيه, يتولى الكشف عن ملابسات ما حدث والأطراف المُتورطة فيه، في وقت واصل «هيرش» ضخ المزيد من المعلومات والوقائع, التي اقنعت كثيرين بأن العمل الاستخباري المُدبّر الذي تولّى تفجير خطي غاز السيل الشمالي، لم يكن عفوياً أو أن «هواة» يمكن أن يتوفروا على موارد وإمكانات لوجستية واستخبارية وفنيّة, استطاعت الجهات التي اتهمها هيرش بالمسؤولية عن التفجير, أن يحصل عليها هؤلاء الهُواة على النحو الذي خرجت فيه على العالم صحيفتا «نيويورك تايمز» الأميركية و«تسايت» الألمانية أول أمس الثلاثاء, مُتهمة/الصحفيتان الأميركية والألمانية, «جماعة» مؤيدة لأوكرانيا، يُرجَّح (كما قالت نيويورك تايمز) أنها مؤلفة من أُوكرانيين (أو) روس مُعارضون للرئيس الروسي بوتين، هي التي نفذت الهجوم على خطي أنابيب نوردستريم, ماضية إحداهما «نيويورك تايمز» إلى القول نقلاً عن مسؤولين أميركيين: أنه «لا» يوّجد دليل على تورّط الرئيس الأوكراني زيلينسكي أو كبار مساعديه في العملية, (أو) أن يكون المتورطون تصرّفوا بتوجيه من أي مسؤول حكومي أوكراني.

أما صحيفة «تسايت» الألمانية فتبنت رواية مشابهة في المجمل, لكنها ادخلتْ عليها بعض الإثارة عبر الزعم بأن المُحققين الألمان تمكّنوا من تحديد السفينة التي استخدُمت في تفجير أنابيب الغاز (السيل الشمالي) في بحر البلطيق, وأن مواطنين أوكران (قد) يكونوا وراء العملية (يا للصدفة روايتان إحداهما أميركية والأخرى ألمانية, تنشران في توقيت واحد نصّاً مُتطابقاً في نتيجته, دون أي إشارة إلى وقائع أو وثائق أو مُستندات، مع تجهيل مُشترَك منهما يصل حدود التواطؤ, عمّن يكون «أمر» بتنفيذ العملية), بل يصل التجهيل مَداه عندما تقول الصحيفة الألمانية/تسايت: إن تحقيقاً مُشتركاً أجرته مع شبكة ARD الإعلامية وصحيفة SWR يدُّل على «أثر» أوكراني في عملية التفجير، مُضيفة أن المحققين «كشفوا عن السفينة التي استُخدمت خلال العملية, وهي «يخت» تم استئجاره من شركة بولندية (لم تُسمِّها بالطبع) «يُعتقد» أنها مملوكة من قبل أوكرانييْن إثنيْن (..).

ولإضفاء المزيد من الإثارة أدخلتْ تفصيلات يُراد منها «محاكاة» ما أورده الصحفي الاستقصائي الأميركي/ سيمور هيرش في تقريره, الذي أذهل إدارة بايدن وأدخلها في حرج كبير قالت الصحيفة الألمانية حسب معلوماتها أن عملية التفجير نفذها فريق من «6» أشخاص هم «5» رجال وامرأة, كان يضمّ قبطان السفينة وغواصيْن اثنين ومُساعديْن اثنين وطبيباً وهم نقلوا المتفجرات إلى مكان الحادث, (لم يتم تحديد جنسيات المنفذين بالطبع حيث استخدموا – تقول الصحيفة – جوازات سفر مزورة لاستئجار السفينة, رغم زعم الصحيفة إن محققين من ألمانيا، عثروا على الاقارب الذي استخدم لتفخيخ خط أنابيب «السيل الشمالي»، أسفل بحر البلطيق، مُضيفة أن شخصين أوكرانيين استأجراه من شركة مقرها بولندا).

من السذاجة الاستناد إلى روايتين لم يحتوِ تقريرهما على معطيات وأسانيد ووثائق ووقائع مقنعة, ما يزيد من الشكوك بان ما نشر إنما يندرج في اطار التضليل والطمس على الحقائق وخصوصاً الإصرار على تجهيل الفاعل ودعم أطراف مشبوهة, خصوصاً تلك ذات النفوذ والحضور التي ترفض حتى الآن الموافقة على إجراء تحقيق دولي تتبناه الأمم المتحدة, بعيداً عن دبلوماسية الرفض والعرقلة، والزعم أن ما نشره هيرش هو «كذبة مُفبركة وخرافية» كما قال متحدث مجلس الأمن القومي الأميركي/أدريان واتسون. كون المطلوب هو تبديد أي شكوك أو اتهامات مُرسلَة أو ذات أهداف سياسية. لأن مجرد رفض إجراء تحقيق «دولي» كهذا يزيد من الشكوك بأن الرافضين إنما يرومون الطمس على مشاركتهم أو إشرافهم على عملية تخريبية كهذه, ذات تداعيات سياسية واقتصادية, يكون حينها مشروعاً وماثلاً السؤال عن المستفيد من جريمة كهذه.

** إستدراك:

قال الجنرال الفرنسي/دومينيك ترينكان، الذي ترأس سابقاً البعثة العسكرية الفرنسية لدى الأمم المتحدة: إن عدم وجود استنتاجات تستند إلى نتائج ثلاث تحقيقات غربية في انفجارات خطّيّ السيل الشمالي»، قد يشير إلى قمع مُتعمد لنتائجها, مُضيفاً ليس لدينا كل المعلومات لكن ما يذهلني هو أن هناك تحقيقات ألمانية وسويدية ودنماركية، حيث تم بالفعل جمع الكثير من المعلومات, ومع ذلك – استطردَ – لم يكن هناك شيء. فربما تكون هناك نتائج لا يريدون ببساطة الإعلان عنها».. مُستنتجاً أن حقيقة أن خط الأنابيب مُلك لشركة روسية، تشير مُسبقاً الا أن الانفجار لم يكن مفيداً لروسيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى