أقلام وأراء

محمد خروب: فَشَلٌ صهيوأميركي بتشكيل قوة عربيّة لإدارة قطاع غزة؟

محمد خروب 3-4-2024: فَشَلٌ صهيوأميركي بتشكيل قوة عربيّة لإدارة قطاع غزة؟

تتواتر الأنباء وسيل التسريبات, عن فشل «الإقتراح» الصهيوأميركي الرامي تشكيل قوة «عربية» مُشتركة, تتولى إدارة قطاع غزة, في مرحلة ما بعد إنتهاء حرب الإبادة والتجويع والتدمير الإسرائيلية الأميركية على القطاع الفلسطيني. ما يشي بأن تحالف واشنطن ـ تل أبيب بات أمام مأزق حقيقي ومُتدحرج, خاصة أن الدول العربية المُرشحة لتكون في قوام هذه القوة, تنصّلت مما تم تسريبه أميركيّاً وإسرائيليّاً, على نحو أفقدَ التحالف الصهيو أميركي القُدرة على «تعريب» مأزقه, ووضع كرة اللهب في الملعب العربي. بمعنى وضع أهالي القطاع وفصائل المقاومة أمام قوة عربية مشتركة, يروم فاشيّو تل أبيب أن تُعفيهم من المسؤولية, عن إيصال الأوضاع المأساوية في القطاع, إلى هذه الحال غير المسبوقة, من الدمار والخراب وسقوط أزيَد من مئة وعشرة آلاف فلسطيني بين شهيد ومصاب، جلّهم من الأطفال والنساء. ما يسمح لهم أيضاً بـ«تبييض» جرائمهم وارتكاباتهم الوحشية ضد الضحايا, كما المشافي والجامعات والمدارس والبنى التحتية, ناهيك عن المساجد والكنائس وكل أسباب الحياة في القطاع الفلسطيني المنكوب.

وإذا كانت حكومة الدولة العنصرية الفاشية قد سعت وما تزال, من بين أمور أخرى, إلى تشكيل ما وُصفَ قوة «مُراقبة وإدارة مدنية» تقوم هي/ تل أبيب بتحديد الدول المُشاركة فيها وتتحكم بعديدها وتُحدد مسؤولياتها, فإنها عملت في الآن ذاته على إقصاء الأمم المتحدة «دع عنك الأونروا», عن المشهد الجديد الذي تُخطط لفرضه على القطاع, وبما يسمح لها بالتحكّم في تفاصيل الخطوات اللاحقة, في ظل سيطرتها المطلقة على الجوانب الأمنية والإدارية, وخصوصاً عرقلة عودة النازحين إلى مُدنهم وبلداتهم خاصة مخيماتهم, التي أُجبروا على النزوح عنها رغم أنها مُدمرة.

هنا يحضر سؤال «الشرعية» التي يمكن لقوة كهذه التوفّرعليها, بعدما بذل العدو الصهيوني وما يزال جهوداً وضغوطاً مكثفة من أجل إيجادها, لكن الرفض الذي واجهه من قِبل الدول التي سرّب أنها ستكون من ضمنها, وضعه الآن أمام مُعضلة, ليس فقط في إنحسار خياراته, بل خصوصاً في نسف السيناريوهات التي رسمها وبخاصة مساعيه لفصل قطاع غزة عن الضفة الغرببة والقدس, ما يحول بل يُجهض قيام دولة فلسطينية مستقلة, فضلاً عن إلغاء أو إستبعاد أي دور لسلطة الحُكم الذاتي في رام الله, التي «ترفضها» كل من الولايات المتحدة والكيان الصهيوني بـ”شكلها وإطارها» الحاليَيْن. بل تدعوان إلى قيام ما وَصفَتاه سلطة فلسطينية «مُفعّلة”, فيما دعت دول عربية رفضت المشاركة في المقترح الصهيوأميركي, إلى تسليم أمور القطاع… لسلطة فلسطينية «مُفوّضة».

أمام مشهد مُعقّد كهذا مفتوح على إحتمالات مُتعددة, يحضر في الأثناء وبقوة المقترح/الفخّ الأميركي الخطير, المُتمثل بتشكيل «غرفة عمليات مشتركة» أميركية ـ إسرائيلية, تتولى عزل مدينة رفح وتطويقها, وإقامة جدار إلكتروني مُتطور «جداً”, يمنع ويحول دون عمليات تهريب السلاح والأفراد, بين حدود قطاع غزة ومصر, على ما قال الأميركيون في معرض الزعم بأنهم «يُحاولون» ثنّيَ مُجرم الحرب/نتنياهو عن اجتياح مدينة رفح, المُثقلة بأعباء ومعاناة ساكنيها ونازحيها بعديدهم المليوني. إلى أن خرجت علينا إدارة بايدن بخبر لافت, عن إجتماع إفتراضي عبر الفيديو, مع الجانب الصهيوني, يتم فيه مناقشة «مسألة رفح”, قيل أنه/الإجتماع الذي دام ساعتين أول أمس/الإثنين, حضره انتوني بلينكن وجيك سوليفان عن الجانب الأميركي, كما رون ديرمر وساحي هنيغبي عن الجانب الإسرائيلي, أسفر عن «موافقة» إسرائيل على أخذ «المخاوِف» التي عبّر عنها الجانب الأميركي «في الإعتبار”, وإجراء مناقشات مُتابعة, لافتاً/البيان الأميركي إلى أن الجانبين «أجّريا نِقاشاً بنّاءً بشأن رفح». (يا للهول). في وقت تستعد فيه إدارة بايدن تزويد الكيان الفاشي بصفقة أسلحة ضخمة من بينها عشرات طائرات F-15 تصل قيمتها إلى 18 مليار دولار, كـ”مكافأة» في ما يبدو, على ما قارفته من جرائم وارتكابات نازية في قطاع غزة.

** إستدراك:

تضمنت الصيغة التي تم التوافق عليها «عربياً”, في رفض الإقتراح الصهيوأميركي تشكيل «قوة عربية مُشتركة لإدارة قطاع غزة في اليوم التالي لإنتهاء الحرب ـ كما نشرتها صحيفة «العربي الجديد» اللندنية أول أمس/الإثنين ـ أنه «لا استعداد للمساهمة في إعادة إعمار غزة, إلا في إطار حل سياسي شامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وكذا إعتراف بدولة فلسطينية قبل التفاوض، وانسحاب القوات الإسرائيلية الكامل من القطاع».

وتابعتْ الصحيفة نقلاً «عن مصادر مِصرية”, أن القاهرة (بعد التشاور مع عدد من العواصم العربية الفاعلة), أبلغت الإدارة الأميركية وحكومة الإحتلال أنه «إذا كان هناك ضرورة لوجود قوات عربية، فإنها يجب أن تكون تلبية لمطلب رسمي واضح من الحكومة الفلسطينية المُفوّضة»، وتكون تلك القوات «مَحدودة ومُحددة الصلاحيات بدقة، ولا يتجاوز دورها مساعدة الحكومة المُفوضة من الشعب الفلسطيني في تأدية مهامها».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى