ترجمات أجنبية

فايننشال تايمز – مصاعب أردوغان الاقتصادية تنعش أمال المعارضة للإطاحة به

فايننشال تايمز –  ديفيد غاردنر ٨-٢-٢٠٢٢م

 التاريخ قد يأتي أخيرا ويدق على باب رجب طيب أردوغان، فالآلام الاقتصادية التي تمر بها البلاد قد تكون الفرصة الذهبية للمعارضة التركية كي تتخلص منه.

الرئيس التركي يبدو وكأنه يتصرف كرئيس بسلطة مطلقة. وعند هذه النقطة يبدو عرضة للخطر بعد عقدين من الهيمنة على السياسة التركية. فعندما وصلت نسبة التضخم الشهر الماضي إلى 50% وهي الأعلى منذ توليه الحكم في تركيا، قام أردوغان بعزل مدير معهد الإحصاءات التركية. ولم تتحسن أسعار الغذاء والطاقة التي عملت على هبوط شعبية حزب الحاكم “العدالة والتنمية”.

وتبدو سلطة أردوغان بلا حدود منذ أن استبدل الديمقراطية البرلمانية برئاسة على الطريقة الروسية، وفرض حكم الرجل الواحد الذي ساعده على ارتكاب أخطاء وتهور في التقدير. وبعد خرج معظم المؤسسين لحزب العدالة والتنمية وتخلى عن الخبراء الإقتصاديين لم يعد حوله من يقول له إن السلطان بات عاريا من ملابسه.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر أمر بطرد 10 سفراء أجانب بمن فيهم سفير الولايات المتحدة بشكل أدى لتوتر العلاقة بين تركيا، عضو حلف الناتو والغرب، ولكنه تراجع عن تهديده. ولكنه يبدو غير قادر على التراجع عن سياساته الاقتصادية المدمرة واعتقاده أن زيادة سعر الفائدة هو السبب في التضخم لا الحد منه.

وضرب المصرف المركزي، من خلال إقالة عدد من المحاظفين بسبب مطالبه بخفض سعر الفائدة مما أدى لفقدان الليرة التركية قيمتها بنسبة 40% أمام الدولار وتسبب بالتالي بزيادة معدلات التضخم. وكان تعطش أردوغان في عهده الأول للتنمية الاقتصادية سببا في مساعدته على نشر الازدهار والتعليم والعناية الصحية وتوسيعها لكي تصل المناطق المحافظة في الأناضول بناء على الائتمان الرخيص والإستهلاك والبناء الجامح.

وقد تبخرت كل الإنجازات هذه قبل وصول وباء كورونا، ففشله في الدفاع عن الليرة رغم استخدامه 100 مليار من الإحتياطي ترك المستثمرين في حالة تساؤل عن قدرة تركيا خدمة دينها. وهذا الإنزلاق المستمر هو في قلب اعتقاد المعارضة التركية أنها قد تستطيع في النهاية الإطاحة بأردوغان وإعادة نظام الحكم إلى الديمقراطية البرلمانية.

ومن المقرر عقد الإنتخابات الرئاسية في حزيران/ يونيو، ولكن حزب العدالة والتنمية الذي وصل إلى السلطة عام 2002 يسوق نفسه على أنه حزب إسلامي جديد مواز للديمقراطية المسيحية الأوروبية، وهو في حالة انتخابات وحملة انتخابية منذ ذلك الوقت. ويتصرف كحزب حاكم متعجرف ومعارضة فظة تقاتل القوى العلمانية التي تحرمها الشرعية. وربما دعا أردوغان إلى انتخابات مبكرة في ظروف تهدف إلى جر المعارضة وتحميلها مسؤولية المشاكل التي تعاني منها البلاد.

أردوغان حيد البرلمان واستخدم القضاء كسلاح وملأ الإعلام بالمنسوبين وجرد الخدمة المدنية من سلطاتها وسجن قادة حزب الشعوب الديمقراطي، الموالي للأكراد لأنه حرم حزب العدالة والتنمية من الغالبية في عام 2015. وأعاد أردوغان المنافسة من خلال مناخ محموم والحرب مع المتمردين الأكراد وسلسلة من الجرائم التي ارتكبها الجهاديون.

لكن أردوغان أفرغ حزب العدالة من قيادته، والذي كان أنجح حزب حاكم في الأزمنة الحديثة. وتخلت عنه المناطق الرئيسية، لكنه يشعر أنه محصن من الفناء السياسي داخل قصره. والسؤال فيما إن كانت المعارضة قادرة على التجمع خلف مرشح قادر وبدء حملة انتخابية لا يمكن لأردوغان الوقوف أمامها. ويعتقد الكثير من المحللين أنها قادرة. وقال أحدهم “نحن نقف على أعتاب نهاية دورة تاريخية في تركيا”.

وفي عام 2019 عندما خسر حزب العدالة والتنمية كل المدن الكبرى في الإنتخابات المحلية حاول أردوغان تكرار عام 2015 بالعودة للمنافسة في مدينة اسطنبول، التي تقع في قلب اسطورته والتي بدأ منها حياته السياسية كعمدة. وفاز أكرم إمام أوغلو ممثل حزب الشعب الجمهوري، المعارض الرئيسي، وكذا فعل منصور يافاس في العاصمة أنقرة، وكلاهما متفوقان على أردوغان في استطلاعات مرشحي الرئاسة.

إن زعيم حزب الشعب كمال كيلتشدار أوغلو، الذي ينتمي للطائفة العلوية، لم يكن قادرا على هزيمة أردوغان، ويرى البعض أنه خدعة لحماية المرشحين الحقيقيين ضد أردوغان. ويقال إن يافاس المتقدم على أردوغان، هو علوي ولكن غير معلن.

ثقة المعارضة في تزايد وأنها قادرة على هزيمة أردوغان، وستعلن قريبا عن كيفية التخلص منه. ومن الصعب تزوير الإنتخابات في تركيا أو البحث عن استفزاز يبرر العودة إلى قانون الطوارئ أو التخويف وإلغاء الدولة العلمانية واستبدالها بإسلامية لتقسيم الناخبين، ولو حدث هذا فسيكون أمرا قبيحا.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى