ترجمات أجنبية

فايننشال تايمز: دروس انقلاب النيجر للولايات المتحدة وفرنسا

فايننشال تايمز 22-8-2023، سيلفي كوفمان *: دروس انقلاب النيجر للولايات المتحدة وفرنسا

يقدم انقلاب النيجر دروسا للولايات المتحدة وفرنسا، “لا تطلق عليه انقلابا، فهي محاولة غير دستورية للسيطرة على السلطة”. والانقلابيون الذين أطاحوا بالرئيس محمد بازوم وعزلوه هم مجموعة من الذين يحاولون التمسك بالسلطة. والمدى الذي ذهبت فيه وزارة الخارجية الأمريكية لتجنب تسمية ما حدث في النيجر يوم 26 تموز/يوليو يعكس مدى الإحراج الذي تسببت به الاضطرابات في هذه الدولة من دول الساحل والصحراء للإستراتيجيين الغربيين.

الخلافات في الطريقة التي تعاملت فيها قوتان رئيسيتان بالمنطقة مع الموضوع. فقد وصف الرئيس إيمانويل ماكرون ما حدث بأنه “انقلاب غير شرعي تام”، ثم صمت، وفي الوقت نفسه حاولت واشنطن وبعض الدول الإفريقية التواصل عبر التفاوض مع مجموعة “تحاول التمسك بالسلطة” في نيامي.

ولا يزال الوضع في النيجر قائما وبدون حل بعد شهر، ويعتبر والحالة هذه ضربة للجهود الغربية لإعادة الاستقرار في أجزاء من القارة. وهي صيحة تحذير فيما يتعلق بالواقع الجيوسياسي المتطور في القارة والتي جذبت عددا من اللاعبين. فلم تزدد نشاطات الجماعات الجهادية بشكل دراماتيكي، لكن النيجر هي الدولة الرابعة في غرب إفريقيا، بعد غينيا ومالي وبوركينا فاسو، التي أطيح بقادتها.

وبشكل متناقض، فقد كانت النيجر واحدة من الدول التي بدأ فيها الجهاديون يفقدون القوة في السنة الأخيرة، ولم تمنع قصة النجاح من انتشار عدم الاستقرار السياسي.

من خسر النيجر؟

الانقلاب في النيجر هو المسمار الأخير في نعش السياسة الفرنسية في غرب إفريقيا. وقدم ماكرون القلق من عبء الاستعمار رؤية جديدة متوازنة للمنطقة، إلا الوجود العسكري الفرنسي الدائم لم يكن مساعدا في إقناع سكان المنطقة بنوايا فرنسا. وعندما طردت القوات الفرنسية من مالي العام الماضي، اعتقدت أنها وجدت ملجأ آمنا في الجارة النيجر التي قادها الرئيس الصديق، بازوم. وطلب حكامها الجدد من باريس سحب 1.500 من قواتها هناك.

أما بالنسبة إلى الأمريكيين، الذين يشرفون على قاعدتين عسكريتين مهمتين و1.100 جندي في النيجر، فالدرس أكثر مرارة. واكتشفت وكيلة وزير الخارجية، فيكتوريا نولاند في 7 آب/أغسطس بنيامي التي حاولت التفاوض من أجل إعادة النظام الدستوري الجنرال وثلاثة عقداء، أن المهمة التي تقوم بها لا تحسد عليها. وبالتحديد عندما نظر إلى الجنرال موسى سالو بارموا الذي حصل على ماجستير في الدراسات الأمنية الإستراتيجية من جامعة الدفاع الوطني بواشنطن، على أنه أفضل شريك في الحرب ضد المتطرفين المسلمين. وكان الحوار، كما قالت نولاند “صريحا جدا وأحيانا صعبا”.

وتجد إدارة بايدن نفسها الآن أمام معضلة: الالتزام بقيمها الديمقراطية الذي يجعل من احتفاظها بالقواعد العسكرية والتعاون مع نخبة عسكرية أمرا صعبا. أو تقرر أن الوضع الأمني يتدهور، ويهدد الوضع الأمني، ودول ساحل غرب إفريقيا، مثل ساحل العاج، مما يستدعي من أمريكا التنازلات.

وفي الوقت الحالي، تأمل واشنطن بحل دبلوماسي يسمح للقوات الأمريكية بالبقاء في النيجر مقابل تعهد بنوع من الانتقال الديمقراطي. وهذا يفسر الحذر المفرط من عدم تسمية تحرك العسكر بالانقلاب وتجنب إلغاء المساعدات العسكرية.

وهناك عامل آخر داعم للنهج البراغماتي، العامل الروسي. فقد تعلم ماكرون الدرس الصعب من فلاديمير بوتين الذي تظاهر بأنه لا يعرف أي شيء عن شركة فاغنر المرتزقة إلا أنه استخدمها كوسيلة وكذلك كأداة دعاية لنشر التأثير الروسي. وهناك شك في أن تكون روسيا المثقلة بأعباء حملتها العسكرية في أوكرانيا، قادرة على توجيه مصادرها لعملية جديدة في إفريقيا، وكذا قدرة زعيم فاغنر يفغيني بريغوجين على نشر قواته في القارة.

وأظهر العدد القليل من قادة إفريقيا الذين حضروا القمة الروسية- الإفريقية في سانت بطرسبرغ الشهر الماضي تراجعا في نجومية بوتين لدى القارة، ففي هذا العام حضر 17 زعيما مقارنة مع 43 زعيما عام 2019. إلا أن دول القارة التي تقربت إليها الصين وتركيا أيضا، تريد احتراما لسيادتها. ولا يمكن والحالة هذه تجاهل ثقل القارة على المسرح العالمي. ولا يمكن تجنب الأسئلة الصعبة حول السجل الكارثي للحكم الديمقراطي في دول الساحل والصحراء.

وتعتبر النيجر واحدة من أفقر الدول في إفريقيا ومساحتها هي ضعف مساحة تكساس ومغطاة في جزء منها بالصحراء، ومع ذلك لا تزال أرضا خصبة لتنافس الدول الكبرى.

*مديرة التحرير في صحيفة “لوموند” الفرنسية.

The Niger coup’s lessons for the US and France

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى