ترجمات عبرية

عبد ل. عزب – شكرا لك يا سموتريتش

هآرتس – بقلم  عبد ل. عزب  – 1/8/2019

هناك مثل عربي يقول “خذ الحكمة من أفواه المجانين”. يتحدثون عن شخص غني يعمل في التجارة ومات في ارض بعيدة. إبنه البكر اقام خيمة عزاء، لكن اخوته ارادوا ان يبدأوا على الفور بتوزيع الارث. كل توسلات الابن البكر للانتظار حتى تنتهي ايام العزاء لم تساعد. وقد قام هذا الابن بالتشاور مع شخص حكيم ومجرب، والذي قال له اسأل فلان. ولكن فلان مجنون، قال صاحبنا. والحكيم كرر قوله: اسأله. الابن سأل ذاك الشخص، الذي بدوره رد عليه: هل لدى اخوتك دليل على أن والدكم توفي؟ الاخوة امتثلوا امام القاضي الذي بدوره سأل المطالبين بالميراث: هل لديكم دليل على أن والدكم توفي. وهكذا استمرت النقاشات في المحكمة مدة سنة ونصف.

بتسلئيل سموتريتش غير مجنون. بالعكس، هو حكيم وبارع وفاشي وعنصري وقومي متطرف ولا توجد له قيم خلاقية. لكنه احيانا يقول اشياء هامة. روني بار تعتقد أنه “وزير الطباعة والتحرير” (“هآرتس”، 31/7)؛ وهي غاضبة من قولين للمذيع. في الاول هو سمى عضوة الكنيست ستاف شبير بالغبية، لأنها غضبت من طعن شاب قرب نادي المثليين في تل ابيب قبل بضعة ايام ووجهت الاتهام للزعماء الذين يخشون من المثلية. سموتريتش هو احد المعروفين من هؤلاء (من منظمي “مسيرة البهائم”).

في القول الثاني بعد أن هاجم مستوطنون رجال الشرطة صرح سموتريتش بأنه يؤيد قانون غير متساو للمخلين بالقانون ومهاجمي رجال الشرطة وقال بشكل قاطع “نعم يهمني ما اذا كان المهاجمون عرب أم يهود. لا توجد مقارنة بين الأخ والعدو. من جهة، اذا كانوا يهود فهذا يؤلمني أكثر. ومن جهة اخرى، مع اخوتي أنا أتعامل بطريقة اخرى حتى لو كانوا زعران خطيرين. الحياة معقدة، يا يوعز، أكثر بقليل من شعاراتك ومقارناتك الشعبوية”. القصد هو يوعز هندل، عضو الكنيست من حزب ازرق ابيض، وهو جذر القضية.

ايضا هندل عنصري ومن مؤيدي قانون القومية. ولكن غضب اليسار، بالاساس الصهيوني، الذي وجه الى سموتريتش ليس اقل من نفاق، حيث أن قانون غير متساو، كما قال، بين اليهود “الاخوة” وبين العرب “الأعداء”، قائم منذ اليوم الاول لاسرائيل، الكنيست وجهاز القضاء وجهاز تطبيق القانون. قانون القومية صاغ بالفعل بشكل رسمي ما يحدث منذ قيام الدولة.

كل الحقائق تثبت ذلك، لكن بحث للبروفيسور غيورا راهف وشركائه لا يبقي أي ظل للشك والخيال والنقاش. هم يستعرضون ابحاث سابقة تثبت بالضبط نفس العنصرية. ولكن بحثهم يتميز بنقطة هامة جدا مقارنة بالابحاث السابقة. هم يفصلون تعبيرات العنصرية على طول حياة سلوك الاجهزة المختلفة، بدء من مرحلة الشكوك والاعتقال ومرورا بالتحقيقات الشرطية والتقديم للمحاكمة وشطب الاتهامات، وبالطبع العنصرية الاكبر منها جميعا هي الفروقات في العقاب التي تصرخ الى عنان السماء. الامثلة هي تقريبا بعدد المتهمين والمعتقلين الذين تم التحقيق معهم ومن عوقبوا من المجموعتين السكانيتين. هذه ارقام مدهشة، وكل ذلك يمر دون أي احتجاج من قبل اليسار اليهودي. وفي افضل الحالات تم اسماع احتجاج ضعيف، ضريبة كلامية.

في كل مرة يكون فيها احتجاج في المجتمع العربي، يكون هناك خوف شديد من حدوث استفزاز شرطي، أن تقوم الشرطة باستخدام كل سلسلة العنصرية: اتهامات واعتقالات وتحقيقات وتقديم للمحاكمة وعقوبة. في مجال الغرامات المالية فان الظاهرة خطيرة بشكل خاص: حسب التحقيق، بسبب نفس المخالفة يعاقب مواطن عربي بغرامة أعلى من المواطن اليهودي.

وجه آخر للعنصرية يظهر في نشر أسماء المتهمين: في حالات كثيرة من مخالفات مختلفة يتم فرض أمر منع النشر لاسم المتهم اليهودي من اجل “عدم المس باسمه وبعائلته”، في حين أن المتهم العربي كما يبدو لا اسم له ولا عائلة. تومار زرحين ويونتان ليس تطرقا للبحث في هآرتس عند نشره في آب 2011. بحث آخر اجراه البروفيسور اورين ايال غيزل وجد أنه ايضا في “اجراءات تمديد الاعتقال الاولي توجد عنصرية واضحة”.

التعامل المميز والعنصري للشرطة وجهاز القضاء تجاه المواطنين العرب هو الانعكاس الحقيقي لعلاقة المجتمع اليهودي مع المجتمع العربي في اسرائيل. العنصرية والتمييز توجد في كل مجال، من تخصيص الميزانيات ومرورا بخطط البناء والتشغيل والتعليم وبالطبع في مجال حرية الاحتجاج. ما فعله المستوطنون بقوات الامن اثناء اخلاء المستوطنة غير القانونية عمونة وما خطط سموتريتش نفسه للقيام به اثناء الانفصال – لو أن العرب اقتربوا قليلا من القيام بعمل مشابه لكانت قوات الامن بالتأكيد ستنفذ ضدهم مذبحة.

في نهاية المقال، روني بار تقريبا تذرف الدموع على أن “الشروخ التي تقطع لحم المجتمع الاسرائيلي تضع معسكرين الواحد امام الآخر، اللذان كلما مر الزمن يزيدان من حدة مبادئهما… ذات يوم سموتريتش كان نموذجا لطريقة التفكير الكارثية هذه. الآن هو وزير في حكومة اسرائيل”. ولكن سموتريتش لم يخترع أي شيء. هو فقط يقول بشكل علني ما يفكر به ويبرره معظم اليهود في البلاد. هل تعتقدون أنني مخطيء؟ عوفر اديرت كتب هنا عن اسرائيل ليدرمان بأنه ارهابي يهودي قام بقتل عربي وتوفي في هذا الشهر. أبو النشاط القضائي، اهارون براك، الذي جلس في حينه على رأس المحكمة العسكرية للاستئناف، خفض عقوبته الى عشر سنوات. اقرأوا التبريرات التي استند اليها. واذا كان ذلك غير كاف، فرئيس الاركان في حينه أطلق سراحه بعد سنتين. شكرا لك يا سموتريتش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى