ترجمات عبرية

روعي سميوني يكتب – السعودية تضطهد مواطنيها وهي مقبولة على العالم، كيف يحدث ذلك؟

بقلم: روعي سميوني، هآرتس 19/4/2019

عندما يتحدث نشطاء حقوق انسان عن السعودية، فمن المعقول أنهم يذكرون بأن الدولة تحظى بالصفة السيئة للمرتبة 3 في العالم من حيث عدد الاعدامات. حيث تسبقها في القائمة الصين وايران فقط. في المملكة لا يترددون في فرض عقوبة الاعدام حتى في حالات مخالفات غير عنيفة مثل الاتجار بالمخدرات واستخدامها والشعوذة والزنا. العلاقة الوثيقة للسعودية مع الاعدام تمثل مقاربتها لحقوق الانسان والمواطن، ورغم ذلك يبدو أن المملكة لا تعاني من صورة المجذومة مثل عدوتها الاقليمية ايران أو دول افريقية تضطهد مواطنيها.

ولكن هذا لا يعني أن حقوق الانسان ليست مسألة حساسة في السعودية. وحتى لو كان العالم لا يضغط على المملكة، إلا أنه ليس جميع السعوديين صامتين. من اجل اسكات النقاش العام في موضوع حقوق الانسان، وبالاساس من اجل صد انزلاق ثورة الربيع العربي الى المملكة، فان وزارة الداخلية السعودية منعت في 2011 أي تجمع علني، بما في ذلك المظاهرات غير العنيفة. منظمات حقوق الانسان اغلقت، وتقريبا كل اعضائها تم تقديمهم للمحاكمة أو سجنوا أو هربوا من الدولة. في العام 2017 صادقت المملكة على قانون الارهاب الذي يسمح للسلطات بزيادة قمع نشطاء حقوق الانسان على قاعدة تعريف واسع لـ “نشاطات ارهابية”.

تقارير منظمات حقوق انسان مثل “امنستي” و”هيومن رايتس ووتش” توفر الصورة الواسعة. هذه التقارير تظهر أن السلطات السعودية تستخدم سياسة الاعتقالات الاعتباطية وتجري محاكمات بدون اجراءات معقولة للناس، كما أنها تسمح بالتمييز المتواصل ضد النساء والاقليات الدينية والمثليين ومهاجري العمل.

كاثرين زوفن، الصحفية الخبيرة في شؤون الشرق الاوسط، كتبت مؤخرا في “نيويورك تايمز” بأن هذا لم يكن الحال دائما في السعودية. “عندما ننظر اليهم من بعيد، ملوك السعودية من شأنهم أن يظهروا كصف طويل من المستبدين بدون أي تمييز بينهم. ولكن الدرجة التي اظهروا فيها التسامح مع معارضة النظام تغير طوال الوقت طبقا لمزاج الملك والضغط الذي يواجهه”.

في العقد الاخير الربيع العربي دفع الملك عبد الله الى تعزيز نظامه، والمنحى اشتد بعد تتويج سلمان ملكا في 2015. “نيويورك تايمز” كتبت نقلا عن نشطاء لحقوق الانسان بأن 2600 شخص من معارضي النظام المعروفين، من بينهم صحافيون وكتاب اعمدة، يوجدون رهن الاعتقال في السعودية. الآن حيث الرجل القوي في المملكة هو ولي العهد محمد بن سلمان، احدى طرق النظام لصد الانتقاد هي التسهيل على المواطنين في الاماكن المريحة لهم، بصورة تندمج مع طموح ابن سلمان لتسريع الاقتصاد وتعزيز مكانته في العائلة. هكذا مثلا في السنة الماضية تم افتتاح دور سينما في السعودية امام الجمهور وسمح للنساء بقيادة السيارات ومشاهدة المباريات الرياضية.

فيليب لوتر، الباحث في امنستي والمختص بشؤون الشرق الاوسط، شرح بأن “التغييرات استهدفت في الاساس العرض. الغاء منع القيادة للنساء هو امر جيد، لكن السعوديين فعلوه لأن له اهمية رمزية كبيرة في العالم. الخطوة نفسها لم تتطلب من السلطات الكثير، الثمن الذي دفعوه كان منخفض نسبيا”.

مع ذلك، وسائل اعلام في ارجاء العالم غطت بتوسع اليوم التاريخي الذي اعلن فيه أنه مسموح للنساء بالسياقة. ماكينة العلاقات العامة للعائلة المالكة في الرياض سجلت انتصارا كبيرا. في المقابل، في محاولة لنسب الفضل لنفسه، النظام طارد نشيطات من اجل حقوق النساء حاولن عزو الفضل لانفسهن في تغيير السياسة، ارسل عدد منهن الى السجن. وحسب بعض التقارير قام بتعذيبهم بصورة شديدة.

الواقع في السعودية بقي بمعظمه تحت الرادار العالمي، على الاقل حتى قضية جمال الخاشقجي. قتل الصحفي السعودي طرح على جدول الاعمال قضية حقوق الانسان في الدولة. منذ اندلاع القضية، 36 دولة وقعت على اعلان ادانة للمملكة بسبب خرق حقوق الانسان، وعلى الاقل في عدد من الحالات، التصريحات رافقتها الافعال. عن سؤال هل الحديث يدور عن تغيير بعيد المدى في علاقة العالم بالسعودية أو أنه بعد العاصفة ستعود الامور الى وضعها العادي، حتى الآن لا يمكن الاجابة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى