أقلام وأراء

حسن عصفور: يهود العالم ومناشدة أمريكا بإنقاذ الكيان من الخطر الأكبر نتنياهو

حسن عصفور 26-7-2023م: يهود العالم ومناشدة أمريكا بإنقاذ الكيان من الخطر الأكبر نتنياهو

لم يسبق يوما أن وجدت دولة الكيان حالها تحت مرمى “نيران صديقة”، بل من هم أحد أعمدة وجودها اغتصابا منذ العام 1948، كما هي الآن، في عهد حكومة “التحالف الفاشي”.
ربما قبل عام من الآن، كانت هناك بعض المجموعات اليهودية في العالم، وخاصة في أمريكا، يرفعون الصوت انتقادا لسياسة حكومات دولة الكيان في الأرض المحتلة، وأثر جرائمهم على مستقبلها، وخطر مطاردتها أمام المحاكم الجنائية، وممارسات عنصرية تصيبهم بأذى كبير، ولكن لم يكن هناك أي من أشكال الحديث عن طبيعة النظام السياسي القائم، بل كانوا يستخدمونه “نموذجا” في مواجهة “الظلامية الديمقراطية” في الدول العربية، وقبل أسابيع لا أكثر خرجت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين لتشيد بتلك الدولة متجاهلة ممارستها وجرائم حربها وعنصريتها.
 ولذا ما حدث خلال الأيام الأخيرة عالميا من تحول جذري، من الإشادة العمياء بالديمقراطية الى الرعب الكبير عليها، بل وعلى الدولة ذاتها، وصلت الى أن أحد إعلامي صحيفة “واشنطن بوست” يوم 24 يوليو 2023، يعتبر نتنياهو هو “الخطر الأكبر على إسرائيل”، تلخيص مكثف جدا لما تراه جبهة اليهود العالمية، فيما يحدث داخل الكيان.
وقادت صحيفة “نيويورك تايمز”، عبر الصحفي اليهودي توماس فريدمان حملة علنية ضد الخطر الكبير الذي سيواجه دولة الكيان، جراء سياسة تحالف نتنياهو، وقال بشكل صريح، ان الرئيس بايدن هو وحده لا غيره من يمكنه انقاذ إسرائيل مما يحدث لها وبها، وهي دعوة ربما لم يلجأ لها يهودي يوما ما، وما كان صراخا انقاذيا عام 1973 خلال أيام حرب أكتوبر الأولى، مع فارق أن الأول يتعلق بخطر من داخلها والثانية حرب عليها من خارجها.
وفتحت ذات الصحيفة، التي كانت و”واشنطن بوست”، أعمدة الدعاية الصهيونية لدولة الكيان تاريخيا، صفحاتها، في سابقة نادرة، لسفراء أمريكيين يهود عملوا في تل أبيب، مطالبين واشنطن بوقف مساعدتها العسكرية لإسرائيل، دعوة تمثل انقلابا في تفكير البعض اليهودي، وخاصة أن أبرز داعتها مارتن إنديك المعروف بمدى ولائه للدولة العبرية، وذهب أحد أكثر السفراء الأمريكان تعصبا للصهيونية المتطرفة ديفيد فريدمان، اعتباره ما يحدث يماثل “خراب الهيكل”، مؤشرا أنها مقدمة لدمار دولة إسرائيل.
أن تخرج صحف عبرية رئيسية، يديعوت أحرنوت، هآرتس وإسرائيل اليوم، ومنها من كان يميل تاريخيا الى اليمين الذي يمثله نتنياهو، لتخرج في اليوم التالي للتصويت على تعديل قضائي “المعقولية”، متشحة بالسواد، وبعنوان: “يوم أسود للديمقراطية في إسرائيل”، مع ما صاحبها قبلا وبعدا من مظاهر كشفت عمق الكراهية من “يهودي ليهودي” التي بدأت تكشف عن حقيقتها، ولم تعد تقتصر على كراهية “اليهودي للفلسطيني العربي”.
تطورات لم تكن يوما ضمن أي تحليل لا سياسي – فكري ولا طبقي، ولا تسير وفقا لمسار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، تطورات ذاتية نتاجها جوهر العمق العنصري في الفكر الصهيوني ذاته، أزالت كثيرا من “قشور الديمقراطية”، التي استخدمت تضليلا للترويج لغير الحقيقة، خاصة في واقع عربي ظلامه الديمقراطي كبير.
التطورات الأخيرة في دولة الكيان، وانتصار الفاشية العمياء، هو انعكاس عملي للحقيقة السياسية، فلا يمكن لأي كيان أو دولة أن يحتل أرض وشعب ويمارس كل جرائم الحرب والعنصرية ثم يدعي أنه “ديمقراطي”، فتلك أكذوبة فكرية” لا يمكن تصديقها سوى لمن يريد ألا يرى الحقيقة بأركانها كاملة.
التطورات الأخيرة في دولة الكيان، والانحدار السريع نحو الفاشية الأكثر سوادا لن يقتصر أثرها داخل الكيان ذاته، بل ستجد لها انعكاسات مباشرة على أرض دولة فلسطين التاريخية، وفي الأرض المحتلة منها، فمن هو فاشي ضد اليهودي سيكون أكثر فاشية ضد الفلسطيني حيثما كان مقيما.
من السذاجة السائدة، ان يخرج البعض ليكرر كلاما محفوظا خارج الإبداع ليرى أن أي حرب تشنها تل أبيب ضد الخارج ستطفئ نار الخوف والصراع الذاتي، مقولات تكشف أن الجهالة راسخة، فما يحدث ليس “مناورة” بين طرف وطرف، بل هي صراع جذري يهدد كيانهم ولا خلاص بالطريقة التقليدية، بما فيها اسقاط تحالف الفاشيين الحاكم.
انقاذ دولة الكيان من الأخطر عليها كما يراه يهود العالم، هو أن تتخلى كلية عن عنصريتها وجرائم حربها وفي المقدمة منا انسحاب كامل من أرض دولة فلسطين وفقا لقرار 194 لعام 2012، والتعايش كدولة ضمن ما اعترفت لها الأمم المتحدة، مع تسوية قضية القدس واللاجئين، وفقا للشرعية الدولية.
الاحتلال والعنصرية هي الوجه الآخر للفاشية المتنامية..بقاء أي منها سيكون هو الخطر الذي يهدد وجود دولة الكيان.
ولآن ما يحدث في الكيان، ليس شأنا خاصا ذاتيا، ما يجب أن يدفع “الرسمية الفلسطينية” أن تضعه على جدول أعمالها (المجهول) حتى ساعته، ليكون قاطرة ترتيب أهدافها، بتعليق الاعتراف المتبادل والذهاب لإعلان دولة فلسطين، كحق مقر في الأمم المتحدة من جهة، ومن أجل حصار “الأهداف الفاشية اليهودية” حول الضفة والقدس وخاصة بعد خطة الإرهابي سموتريتش فيما يتعلق بمنطقة “ج”.
التحرك الرسمي لحماية دولة فلسطين هو فرض الضرورة الوطنية، في ظل ما يحدث داخل دولة الكيان من الخطر الفاشي المتسارع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى