أقلام وأراء

حسن عصفور: نتنياهو ورغبة حرب وحدة الساحات خلافا لـمحورها

حسن عصفور 21-1-2023: نتنياهو ورغبة حرب وحدة الساحات خلافا لـمحورها

ما قبل عملية 7 أكتوبر 2023، كانت اللغة الإعلامية السائدة في المشهد العام، تعابير “محور المقاومة” و “وحدة الساحات” وتهديدات بتحذير دولة “الفاشية اليهودية” من تجاوز “الخطوط الحمراء”، والتي لم تحدد من طرف من أطراف المهددين، وتنتقل من لحظة لأخرى حسب الحالة التفاعلية.

مع قيام التحالف الأمريكي – الكياني الإسرائيلي” بشن حرب عدوانية شاملة على قطاع غزة، بعد ساعات من العملية الاقتحامية، كان الاعتقاد الأول، أن القطاع لن يكون وحيدا في حرب بدأ أنها تدميرية منذ لحظتها الأولى، وستفتح جبهات متسارعة في أكثر من منطقة بأشكال نارية كفرصة تأكيدا لمصداقية “المحور والساحات”، وخاصة بعدما فتحت واشنطن مخازن أسلحتها وأرسلت أسطولها العسكري مع المالي بمليارات الدولارات، كمؤشر الى أنها حرب أبعد حدودا مما أعلن عنها، تتجاوز الـ 365 كم مربع.

وبعد مرور 107 يوم، ما بدأ واضحا جدا، أن من يبحث عن حرب “وحدة الساحات” هو دولة الكيان وحكومته الفاشية برئاسة نتنياهو، محاولا بكل السبل المتاحة كسر “الحظر الأمريكي” بفتح جبهات موسعة، بدلا من الاكتفاء بـ “حملة مناوشات” و”مداعبات اغتيالية” لشخصيات مركزية ترضي غلاة الإرهابيين من التحالف الحاكم وقواعده، التي تبحث بكل السبل تدميرا لكل ما هو ليس يهوديا.

نتنياهو وجيشه ومؤسسته الأمنية كاملة، وليس كما يدعي بعض “هواة الكلام” هو ذاته فقط، يعتقدون بأن القيام بحرب أوسع من حدود الـ 365 كم مربع في قطاع غزة، هي فرصة تاريخية، قد لا تكرر مرة أخرى، من أجل ترسيخ مكانة دولتهم في المنطقة كقوة عسكرية تفوق كثيرا دولا مركزية أخرى، وتقدم ذاتها، بأنها الكيان الذي يمكن أن يكون “الجدار الواقي” من تهديدات يراها البعض العربي من غير عربية.

خيار دولة الكيان، حكومة وجيشا ومؤسسة أمنية، هو الذهاب الى حرب شاملة في أكثر من ساحة، وتحديدا ضد لبنان وضد إيران، وهو ما يتعارض نسبيا مع الاستراتيجية الأمريكية في الوقت الراهن، وخاصة أن حسابات واشنطن الأبعد مدى تتعلق بترتيبات شاملة، تعتقد أن إيران لها دور مركزي فيما تبحث عنه، ولا تراها “تهديد مركزي” لمصالحها في المنطقة، خلافا للسائد، بل كانت عنصرا هاما في تعزيز الوجود العسكري الأمريكي خاصة في العراق وشمال سوريا، وبعد 7 أكتوبر عودة الحضور العسكري البحري (تحالف الازدهار) بفضل الخدمات الحوثية في البحر الأحمر.

نتنياهو وحكومته، يعتقدون أن حربا شاملة، لن تأت لهم قرصة أخرى في المستقبل لا القريب ولا البعيد، فيما بعد حرب غزة، وهو ما سيفقدهم “ميزة الاستعراض العسكري” الذي كانت تقوم به ما قبل حرب غزة، وهي بحاجة للقيام بعمليات”ردع سريعة” بعدما نالت المواجهة الكفاحية خلال 107 يوما من “هيبتها العسكرية”، أي كانت “الذرائعية”، بل و”الأسباب الحقيقية” لإطالة زمن عدوانها على قطاع غزة، والتي تفترق كثيرا عما هو معلن، رهائن وسلاح حماس، فتلك هي الأقل قيمة استراتيجية في حربها الأكبر.

ولعل ما كشفه وزير المجلس الحربي آيزنكوت حول قضية حرب على لبنان، وبعيدا عن قضية تمكنه من عرقلتها، لكنها كشفت أن عمق القرار هو الذهاب لحرب “وحدة الساحات” تبدأ من لبنان، رغم ما يمثل ذلك افتراقا واضحا مع “الرغبة الأمريكية”، ليس خوفا من خسائر دولة الكيان من صواريخ حزب الله، كما يحاول البعض ترويجا ساذجا، لكنه منعا لتغيير قواعد مخططها الشامل في المنطقة، وفق مصلحة أمريكا العليا، وليس مصلحة إسرائيل العليا.

نتنياهو وحكومته، وخلال الـ 107 يوم، وليس قبلها، تمكن من اغتيال شخصيات مركزية في الحرس الثوري وقيادته في سوريا ونائب رئيس حركة حماس في قلب معقل حزب الله، ومعه مسؤولين بارزين في العمل العسكري للقسام، دون أن تجد أي حراكا حقيقي للرد، وكأنها ليست تجاوزا لـ “الخطوط الحمراء” التي رسمت قبل 7 أكتوبر 2023.

المفارقة أن رغبة نتنياهو في تنفيذ شعارات وحدة الساحات” واجهت رفضا عمليا من “محور الكلام”، الذي ادعي بأنه تأسس لمواجهة الكيان ومخططاته وحماية فلسطين القضية والأرض، ولكنه واصل الكلام عن ذات الكلام، عبر صواريخ “سلاح الاستهبال” بعيدة المدى، بذات الشعار الاستخدامي “الرد في المكان والزمان” سيكون…

الحرب العدوانية على قطاع غزة كشفت بوضوح صارخ، أن من كان طرفا في المؤامرة على الخالد المؤسس ياسر عرفات خلال حرب المواجهة الكبرى 2000 – 2004، وطالب بالخلاص منه شراكة مع الإرهابي شارون، لن يكون أبدا مع فلسطين..فمكذبة العصر كشفها قطاع الـ 365 كم مربع.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى