أقلام وأراء

حسن عصفور: من “عالقدس رايحيين شهداء بالملايين” الى “عالسياج رايحيين من أجل الملايين”!

حسن عصفور 22-9-2023: من “عالقدس رايحيين شهداء بالملايين” الى “عالسياج رايحيين من أجل الملايين”!

لم يعد هناك فلسطيني، يجهل ما هي دوافع الحكومة الإخوانجية في قطاع غزة، من اطلاقها مسيرات نحو السياج الفاصل، ما أدى لسقوط قتلى وإصابات، تغطيها بشعارات من “المقدسات الوطنية”، لخداع الناس والعالم بحقيقة فعلها.

حماس، حاولت استخدام قصية الأسرى، “نقابا لمكذبتها” لتبرير مسيراتها الأخيرة، كونها تعلم انها قضية حساسة وقيمتها الوطنية، لكنها أيضا لا يمكن أن تكون مسألة يومية كغطاء خاص، لما تقوم به، وبعدما أدركت أن محاولتها تمرير مكذبتها على أهل قطاع غزة، الذين يرفضونها جملة وتفصيلا، كونهم يعلمون جيدا لماذا تقوم حماس وحكومتها بما تقوم به، لجأت الى المتاجرة بقضية القدس والأقصى، علها تجد ترويجا لمناورتها المكشوفة جدا، ما أحال القدس من قضية مقدسة وطنيا الى “لعبة تجارية”، في حسابها الفئوي الفريد، فلم تعد تقييم وزنا سوى لما يعزز سلطتها وحكمها.

بعد قمة كمب ديفيد 2000، وافتضاح مؤامرة رئيس حكومة دولة الاحتلال في حينه يهود بارك، بتهويد ساحة البراق وجدارها نحو النيل من المسجد الأقصى ومكانة القدس، خرج الخالد المؤسس ياسر عرفات، ليرد على مؤامرة “الثنائي باراك – شارون” حول هوية القدس والمسجد الأقصى وطنيا ودينيا بالشعار الذي بات محركا للوعي الوطني العام، “عالقدس رايحيين شهداء بالملايين”.

كلمات لم تذهب للمناورة والتدليس السياسي، قالها مؤسس الكيانية المعاصرة، قبل أن تكسر وحدتها حركة إخوانجية، بل جسدها الخالد ياسر عرفات في أحد أطول المواجهات مع دولة العدو استمرت 4 سنوات، قدم حياته ثمنا للمقدس الوطني، في مواجهة مؤامرة مركبة يهودية وبعض إقليمية، بعدما قاد المعركة الأكبر دفاعا عن هوية القدس مدينة وأماكن دينية وبراقا.

خلال تلك المعركة الأطول والأوسع، التي شكلت إحراجا لدول وأطراف تاجرت بالقدس والأقصى، وشكلت تحالف ضد السلطة الوطنية وقائدها التاريخي، لوضع نهاية سريعة لتلك المواجهة، حيث أن استمرارها يمثل كشفا لعارهم وخداعهم، ما أجبر تابع الفرس في لبنان نصرالله، بأن يطالب علانية وبلا أدنى خجل للسرعة في الخلاص من ياسر عرفات، فجاء لهم الدعم سريعا من رأس الإرهاب اليهودي شارون ليضع نهاية للخالد أبو عمار، وتبدأ رحلة تنفيذ مخطط التهويد والتقسيم، الذي يطل برأسه راهنا بمظهر جديد.

حماس، التي اعتقدت أن الزج باسم القدس والأقصى سيكون قاطرة تخرج أهل قطاع غزة لمناورتها، ما يسمح لها بتحقيق الامتيازات المالية والاقتصادية، التي تأثرت مؤخرا لأسباب تتعلق بما سيكون مطلوبا من دور في تمرير مخطط التقاسم الوظيفي، بعدما انطلقت مؤامرة داعمة لذلك من لبنان، لكسر رمزية المخيم وسلاحه خدمة لتمرير مخطط “عرقنة لبنان”.

ويبدو أن حسابات حكومة حماس، وبعض من قيادتها لم تأت وفق ما اعتقدت أن يكون نتيجة سريعة، بتهديد لكسر معادلة تفاهمها مع دولة الاحتلال ضمن معادلة “مال مقابل هدوء”، أي “خدمات أمنية تقدمها حماس لدولة الكيان مقابل خدمات مالية تدخل خزينتها”، فكانت النتائج مخالفة بأن ذهبت حكومة ” الفاشية اليهودية” لعقابها أكثر بدلا من الاستجابة، لتبدأ لعبة شد الحبل، لكسر شوكة حماس أمام جمهورها على طريق ابتزاز سياسي أوسع من معادلة “مال مقابل هدوء” لتصبح طرفا مهما في نشر مخطط الفوضى بالضفة الغربية الذي بدأت ملامحه تطل تزامنا مع مؤامرة حصار مخيم عين الحلوة وسلاحه، وكسر هيبة السلطة الفلسطينية واستباق أي خطوة مفاجئة قد يذهب لها الرئيس محمود عباس تتعلق بـ “فك الارتباط” بالمنظومة الاحتلالية نحو إعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال.

مسيرات حماس “عالسياج رايحيين من أجل الملايين” باتت سلاحا مسموما ضد أهل قطاع غزة بما ستجلبه من حصار أكثر وعقوبات أشد، وعارا وطنيا بتلويثها قضية القدس والأقصى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى