أقلام وأراء

حسن عصفور: جريمة نابلس والشاعر جرس إنذار مبكر لفتنة ليست نائمة!

حسن عصفور ٢٣-٧-٢٠٢٢م

بدون مقدمات، غبي من يعتقد أن دولة الكيان وأجهزتها المختلفة، تقف متفرجة أو “محايدة” من التفاعلات “غير الوطنية” الجارية بأشكال مختلفة في الضفة الغربية والقدس، وكأنها انعكاسات محلية لمظاهر “الانقسام – النكبة” وأطرافه المختلفة، بين هذا وذاك.

والاتهام بأن أجهزة المحتلين، بأسمائها المتعددة وأذرعها الإخطبوطية ليس مسألة هروبية من المنفذين والأدوات المحلية، بعيدا عن مسمياتها وألقابها، كون جوهر الأمر يتعلق بفتح نار اشتعالية في الجسد المتهالك أساسا منذ يناير 2006، من مرض سرطاني اقترب كثيرا من مركز “التفكير” في الدماغ، أوصلها الى حالة من حالات الغباء والتغيب، وشلل الرؤية وانعدام القدرة على اتخاذ ما وجب اتخاذه منذ سنوات، كسرا لحصار توراتي تهويدي للمشروع العام.

ما حدث مؤخرا، في مناطق الضفة والقدس، وأبرزها يونيو 2022 في جامعة النجاح ولاحقا جريمة إطلاق النار على د. ناصر الدين الشاعر، أحد قيادات حماس، المختلف معها ربما أكثر من اختلافه مع حركة فتح (م7) والسلطة القائمة، وأكثرهم دعوة لوحدة وطنية باتت دربا من خيال في ظل القائمين (رسميين وكيانات حزبية)، تفتح الباب سريعا أمام تطور متسارع لـ “الفتنة الذاتية” داخليا، كونها السلاح الأفضل لحرف جدول الأعمال الوطني، من مواجهة “عدو قومي” الى مواجهة “عدو – خصم محلي”.

ترحيل خصائص الانقسام – الانفصال، بيضة المشروع الاحتلالي الذهبية، الى الضفة لا مجال لها، كون القوة الرئيسية التي صنعت الانقسام هي التي تتحكم بمفاعيل الضفة والقدس أمنيا، ولكنها تستخدم أشكالا غير المظهر الانفصالي، عبر مظاهر “فتنوية”، بعدما تمكنت من وضع أطرافها في مواجهة عدائية صريحة.

دولة العدو القومي، وأجهزتها، تنفخ في “سور حماس” وقوتها، وهي تعلم يقينا حدودها جيدا، خاصة وهي من يساعدها على التمرد عبر الإغراء، تدفعها لأن ترى بذاتها “بديلا” أو “بديلا موازيا” آن أوان قطف ثمار فعلها بإزاحة فتح عن مكانتها ودورها التاريخي في الحركة الوطنية والسلطة، رغم انها أكثر “الصارخين” ضد اتفاق تشكيل السلطة، ما يعرف بـ”اتفاق أوسلو”، وهم أكثر المتمسكين ببقاياه “اليهودية”، في مظهر فاضح لانتهازية تاريخية نادرة.

مقابلها، تنفخ في “سور فتح” سلطة وأجهزة وفصيلا، بالخطر الذي بات يدق باب “حرمها القائم”، وإن تغافلت وأغمضت عينها ستذهب مع “ريح صرر سياسي” الى مكانة منزوية في سلم التاريخ، مانحة الحركة الإسلاموية فرصتها التي تنتظر منذ 2007 لاستكمال انقلابها بشكل معاصر مختلف.

وبين هذا وهذاك، عشرات تفاصيل وأحداث، تحركها أدوات تعلم يقينا أن سلاحها سيكون هو “الفاعل الرئيسي” في المشهد العام بالضفة والقطاع، خاصة وأن طرفي أدوات التنفيذ سريعا ما يذهب كل منهما لاتهام الآخر، ويبرئان دولة العدو بطريقة كأنهما “شريكان” معها ويخدمان مخططها، كما حدث بعد يناير 2006.

لعل ما حدث يوم 22 يوليو، ضد د. الشاعر يمثل جرس لصحوة سياسية – أمنية، بأن استخدام سلاح الفتنة، يتسارع بعد زيارة الرئيس الأمريكي لبيت لحم، الفاشلة بامتياز سياسيا ووطنيا، وأكدت المؤكد، بأن الأمل السياسي بحل عام غادر مع “الطائرة البايدنية” الى حين قد يطول زمنا..ولكي لا ينتقل الغضب الفلسطيني لفتح جبهة مواجهة مع العدو المباشر، بدأت قوات العدو تسارع في فتح جبهتها “الأثمن”  نار الفتنة، وكل شيء جاهز لا تحتاج سوى لشرارة هنا أو هناك.

جريمة اطلاق النار على د. الشاعر، كشفت تلك “الثقافة الاتهامية” الفورية للذات وليس للعدو، فسارعت حماس وأذرعها الإعلامية السامة وطنيا، باتهام السلطة وفتح، بل حددت أسماء وقيادات وكأنها كانت “جاهزة تماما” لتلك اللحظة، لم تنتظر ساعات لتعرف الحقيقة، فشكل جهازها الدعوي الأخطر وطنيا، لائحة اتهام برقيا، وأصدرت حكمها الفوري، لتكشف كم بها “عطب وطني وسياسي” وحتى عقلي، رغم ما قاله المستهدف ذاته، خلال اتصال الرئيس محمود عباس، (ربما تلك أسرع مكاملة للرئيس مع شخصية غير أسرية)، حرصه على “الوحدة الوطنية” فذهبت حماس عبر أذرعها الضارة لغير ذلك تماما.

الاستنكار العالم للجريمة يمثل دفعة، ولكن الأهم كيف يمكن محاصرة تلك الأدوات التي تنفذ مخطط العدو القومي، وعلى أجهزة السلطة وتنظيم فتح أن تسارع بكل ما لهم من قوة وفعل كشف تلك الخلايا، ومحاكمتها وطنيا وليس جنائيا، أي كانت مسمياتها، لو اريد حقا “محاصرة المخطط الاحتلالي القادم” بقوة.

قادم الأيام، لن يكون المشهد العام خاليا من فعل “الفتنة” غير النائمة…وسيكون أداتها مسميات ذات “نقاب مختلف”…وكل سهوة عنها سيكون نتاجها نارا بـ “الذات الوطنية” وليس لـ “ذات العدو القومي”!

ملاحظة: كما اليوم، قبل 70 عاما كانت ثورة يوليو في مصر، ثورة فتحت بابا للتغيير التحرري العروبي في بلادنا، من محيطها الذي كان هادرا حتى خليجها الذي كان ثائرا…ثورة واجهت كل أشكال تآمر استعماري ورجعي وأذناب محلية، فعلوا كل شيء لكسر فعلها ..نجحوا زمنا..ولكنهم حتما لن ينتصروا على روحها وقيمها…ثورة يوليو قادمة وليس ببعيد!

تنويه خاص: مش غلط تراقب “المسميات الفصائلية” في بقايا الوطن حرب الكلام بين أطراف منظومة دولة العدو القومي..الاتهامات بينهم أهم وثائق تأكيد لنمو “الفاشية اليهودية”..لما يصير عند قيادات تلك “المسميات” وقت استغلوا هيك كلام..مفترضين انكم مهتمين أصلا بشي ما غير مصالحكم!

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى