الصراع الفلسطيني الاسرائيليغزة

جولات القصف .. (إسرائيل) تقود حرب استنزاف ضد المقاومة

عمر موسى ، نبأ برس ١٥-٧-٢٠١٨

بعد ضغوط وتدخلات إقليمية منذ صباح أمس، يمكن القول أن الأمور عادت إلى نقطة الصفر، أكثر من   200 قذيفة أطلقتها المقاومة، رداً على القصف الصهيوني لمواقعها على طول القطاع، في  جولة “القصف بالقصف” الأخيرة، التي نفضت الشك بعيداًعن فرضية إندلاع حرب على غزة،  إذا ما حدثت جولة مشابهة، خلال الأيام القادمة.

“لا يمكن القبول بمعادلة المقاومة”  هذا  هو موقف جيش الاحتلال، الذي نقلته الصحف العبرية صباح اليوم  تعليقاً على أحداث أمس، إذ يجمع مراقبون، أن  احتمالية احتواء الوضع، الذي كان مستوعباً خلال الجولات السابقة، قد صار ماضياً، وأن الحرب صارت أمراً محتوماً، إذا ما استمرت الحال على ذاته.

منذ بداية الأحداث، كان التحريض الإسرائيلي من كبار قادة الاحتلال، على شن عملية عسكرية ضد القطاع، على أعلا مستوياته، وعلى وجه الخصوص الأحزاب اليمينية،   رئيس حزب “هناك مستقبل”، “يائير لابي” قال: “إن الإسرائيليين يدفعون ثمنا باهظا بسبب سياسة الحكومة التي أرسلت لحماس منذ اليوم الأول لاندلاع المسيرات الشعبية رسائل غير صحيحة، والنتيجة أن حماس تنظر للحكومة الإسرائيلية وتراها خائفة، مع أن الأصل أن تخاف منا حماس، وليس العكس”.

ونقلت صحيفة معاريف عن “عمير بيرتس”، “وزير الحرب الأسبق”، قوله: “إن سياسة الاغتيالات يجب أن تعود اليوم لاستهداف قادة حماس؛ لأن الحركة تشد الحبل باتجاهها، وتختبر كيف سيكون رد الفعل الإسرائيلي، نعيش اليوم في مرحلة جديدة من التوتر الأمني؛ لأن تزايد سقوط القذائف الصاروخية من غزة باتجاه مستوطنات الغلاف تعني أن الردع الذي تحقق بدأ يتراجع باتجاه فرض معادلة جديدة، ما يتطلب من إسرائيل ما الذي تقرره من الناحية الإستراتيجية”.

خلاصة التحريض الإسرائيلي، أنه منذ  بداية مسيرات العودة،  المقاومة في غزة، تقود حرب استنزاف ضد الاحتلال على الحدود،  دون رد قوي ، جعل “الردع الإسرائيلي في مرحلة متهاوية” أمام غزة،  وهو ما يوجب على الجيش رد إعتبارها مرة أخرى.

“اليكس فيشمان” المعلق العسكري في يديعوت احرونوت، كتب معلقاً على زعم أن المقاومة تقود حرب إستنزاف ضد الاحتلال: ” تدرك “حماس” أن إسرائيل غيرت قواعد اللعبة وتهاجمها لتدمير ممتلكاتها دون دفع ثمن القتال ، سواء في الضحايا أو في الصورة الدولية، تقوم حماس بشن حرب استنزاف خاصة بها على طول السياج من أجل إرغام إسرائيل على فتح الإغلاق، لكن اتضح أن إسرائيل ترفض لعب هذه اللعبة. وعلاوة على ذلك ، فإنها تستغل نفس حرب الاستنزاف الشعبية العنيفة التي تقودها حماس على السياج من أجل إضعاف جناحها العسكري. يعتمد نجاح هذه الاستراتيجية على طول فترة النفس التي ستُمنح للجيش – سواء من قبل سكان محيط غزة أو من قبل القيادة السياسية ، الذين يدفع بعضهم إلى القيام بأنشطة قد تؤدي إلى مواجهة عامة.

 وقال: لم يهاجم جيش الدفاع الإسرائيلي قطاع غزة بسبب البالونات الحارقة، ولا حتى بسبب إصابة قائد الكتيبة يوم الاثنين عندما ألقيت عليه قنبلة يدوية في مواجهات حول السياج. بالنسبة لإسرائيل ، هذه فرص تشغيلية ميدانية فقط. على مدى أشهر ، كان الجيش يعمل على ما يبدو على أنه خطة منظمة تهدف إلى تقويض قوة حماس العسكرية دون الاضطرار إلى احتلال قطاع غزة ودفع ثمن الحرب والسيطرة على قطاع غزة.

وأضاف: المفهوم الاستراتيجي هذا تم التعبير عنه في بيان رئيس الأركان بأنه بحلول عام 2018 سيتم تدمير جميع أنفاق حماس الهجومية، لكن هذه ليست القدرة العسكرية الوحيدة لحماس التي ينوي الجيش الإسرائيلي تدميرها تدريجيا. منذ أشهر ، يشن جيش الدفاع الإسرائيلي حرب استنزاف ضد البنية التحتية العسكرية لحماس، وقد اكتسب هذا الاستنزاف قوة دفع منذ 30 مارس، عندما شنت حماس حرب الاستنزاف الخاصة بها على السياج الحدودي، لكن في الواقع، قدمت حماس للجيش الإسرائيلي يومياً مبرراً للرد على الاستفزازات العنيفة والاساءة الى السيادة، وبلغت ذروتها مع الحرائق التي تسببها بالونات حارقة في إسرائيل تطلق من القطاع . وفي هذا الإطار، عمل جيش الدفاع الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة ضد أكثر من 200 هدف عسكري في غزة. في إسرائيل يوجد عناصر- بما في ذلك وزراء وأعضاء كنيست – سخروا من الجيش: لا خسائر من طرف العدو والقنابل تصيب العقارات المتروكة وهلم جرا . الجيش ابتلع الإهانة ولكن “قنبلة العقارات” تسببت اليوم بفقدان حماس للقدرة على التصنيع وعلى الإنتاج الذاتي بعشرات النسب المئوية.

ويختم: ” نحن نشهد حربي استنزاف منفصلتين – حرب حماس وحرب إسرائيل. القاسم المشترك لكليهما هو أن إسرائيل تستخدم أحداث الاستنزاف الخاصة بحماس – مثل البالونات الحارقة، وأعمال الشغب ، وإيذاء الجنود – كذريعة لتكثيف حرب الاستنزاف ضد البنية التحتية العسكرية لحماس في جميع أنحاء قطاع غزة”.

 في مقابل ذلك، ظلت المقاومة مستمرة في معادلتها، رغم ادراكها لحقيقة الحرب التي يجرها الاحتلال إليها، وأبقت على دائرة التكلفة العسكرية المستخدمة، في رد الهجوم الإسرائيلي، دون اندفاع  غير محسوب.

وفي الغضون، قال الباحث في الشأن العسكري، رامي أبو زبيدة: إن خيار الحرب لم يتحول بعد إلى أمر حتمي لدى العدو والمقاومة في هذه المرحلة، لكن اللعب على حافة الهاوية وشد الحبل ليس نزهة وقطع الحبل امر وارد، مضيفاً: ” يعي الكيان الصهيوني ان التهديد الذي يطال جبهته الداخلية، العسكرية والمدنية معاً، في ضوء المُعطيات الجيو- استراتيجية التي تعيشها إسرائيل، ومن القدرة التي باتت تمتلكها المقاومة للمس بالأهداف على أراضيها، كابوساً يؤرِق دولة الاحتلال من أي حرب قادمة.

وقال أبو زبيدة : ” الفجوات في تجهيز الجبهة الداخلية الإسرائيلية للحرب لا تزال واسعة جداً، وأجهزة النظام الدفاعي مثل القبّة الحديدية وغيرها لن تكون كافية لتوفير حل كامل للجبهة الداخلية، فالواضح أن التهديد على الجبهة الداخلية “الإسرائيلية”، سيكون أخطر بكثير، في أية مواجهة قادمة، والسبب الأساسي لذلك ليس زيادة كميات الصواريخ وقذائف الهاون، التي يمكن أن تسقط على “إسرائيل” بل الفعالية القاتِلة لهذه النيران، نتيجة لذلك، فإن الخسائر والأضرار التي ستلحق بالجبهة الداخلية المدنية والعسكرية لـ”إسرائيل” قد تزيد مئات الأضعاف .

يخلص مراقبون لـ”نبأبرس”، “أن هناك فوارق صعبة في حرب الإستنزاف التي يقودها الاحتلال ضد المقاومة، أولاً، نوعية الأثر الذي يمكن أن  تحققه المقاومة ضد الاحتلال في هذا الميدان، مقارنة باستهداف الاحتلال البنى التحتية العسكرية للمقاومة، وثانياً، درجة إستيعاب الخسائر والمخزون العسكري، والقدرة على  التجديد و التعويض “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى