أقلام وأراء

تقديرات عسكرية صهيونية تحلل دروس وعبر الرصاص المصبوب، وتستعد لعملية قادمة في قطاع غزة

مركز الناطور للدراسات والابحاث

 الاستعدادات تشمل: حماية المباني، التشجير الأمني، كتائب الدفاع المناطقي، رادار أكثر جودة، القبة الحديدية، برنامج “روبوتي” للرصد والجمع

تقييم صهيوني: الرصاص المصبوب أحدثت ردعاً قوياً لقطاع غزة:

زعم وزير الحرب الصهيوني “إيهود باراك” أنه بعد مرور 3 سنوات على عملية “الرصاص المصبوب” ضد غزة، فلا زالت حماس “مرتدعة”، وعلى ضوء بدايات العام الجديد فعليها التذكّر جيداً قوة وصلابة أذرع الجيش، ومع ذلك فهي تواصل تعاظم قوتها بما يتعلق ببناء قوة وترسيخ حكمها في القطاع.

من جهته، قال الجنرال احتياط في الجيش الصهيوني، هاداس دوفدفاني، أنه قبل 3 سنوات بدأت عملية “الرصاص المصبوب”، واستمرت 27 يوماً، تحسّن فيها مستوى الردع لدى الجيش بشكل ملحوظ، وتغير الوضع في قطاع غزة من نواحي كثيرة، خاصة المجال العسكري، إلى جانب تحسن نوعية الحياة في مستوطنات غلاف غزّة، والمساعدات الإنسانية في القطاع، والوسائل القتالية المتطورة التي أدخلها الجيش منذ العملية، باتت تشكل جزءاً من مميزات التغيير في الوضع الأمني والعسكري حيال عشية الخروج للعملية، وكل ذلك يشير إلى أن تأثيراتها شملت مختلف جوانب القطاع، ومنها أن حماس لم تقدم على شيء فعّال ضد الجيش عقب العملية.

وأضاف: قوة الردع الناشئة بفعل الحرب ما زالت فعّالة اليوم، لكن من المحتمل أن تضعف، فكلما مرّ الوقت زاد التوتر إزاء حماس وبقية المنظمات في القطاع، ورغم أن الجيش غير مهتم بالتصعيد، لكنه على أتمّ الاستعداد لحماية سكان الجنوب، والرد بقوة وحزم إزاء أي عمليات مسلحة، ما يشير إلى الإدراك بأن المعركة القادمة في غزة ستبدو مختلفة، ولذلك يستمر الجيش بتنظيم تدريبات وتجديد أوامر بهدف التحسين واستخلاص العبر، بعد أن تميز القطاع منذ انتهاء الحرب بحالة من الهدوء النسبي، الذي تم خرقه ببعض موجات التصعيد.

لكن رئيس فرع القومية والاستيطان والأمن في قيادة المنطقة الجنوبية التابعة للجيش، تومير تابور، يذكر بما قال أنه “فيتو” صهيوني كان معلناً قبيل الحرب بدخول غزة، بسبب حالة القلق على حياة الجنود، ولكن، منذ “الرصاص المسكوب”ارتفعت قدرة ردعنا جداً، واليوم ندرك أن لدينا الخطط الكافية لمواجهة القطاع، لأن ما حدث عقب العملية كان هدوءً ملحوظاً، وعرفت حماس أننا نستطيع إصابتها، لكن كلما ابتعدوا عن الرصاص المسكوب، تضعف ذاكرتهم.

أما عن تأثير الحرب الأخيرة في الميدان فهو قوي، لأنه بدءاً من تشرين الأول 2000 وحتى أوائل 2009، أطلق ما يزيد عن 12 ألف قذيفة هاون وصاروخ منحني المسار، وسقط عام 2008 فقط ما يزيد عن 3 آلاف صاروخ وقذيفة هاون خلال التهدئة، وكان 15% من سكان الدولة، حوالي مليون صهيوني، واقعين تحت تهديد الإطلاق، والتوغل من أرض القطاع.

ويضيف: قبل الرصاص المسكوب، خلال 7-8 سنوات، أُطلق بين 30-60 صاروخ قسّام وقذيفة هاون يومياً، وهذه كمية غير ملحوظة، إلى جانب 40 صفارة إنذار في اليوم، واليوم يوجد زهاء قذيفتي هاون في الأسبوع، مقابل 200 قبل ذلك! وهي مقارنة منصفة، ما يعني أن الوضع الأمني اليوم بعد العملية جيد في غلاف غزة، ومثال ذلك الطلب المرتفع على الشقق في سديروت، حيث تنتظر 700 عائلة في الطابور.

وهو ما يشرحه ضابط الدفاع المناطقي في فرقة غزّة، “إيلان ديان”، بالقول: عام 2011 استثنائي نسبياً مع 5 عمليات تصعيد، قد يكون بسبب الوقت الذي مرّ منذ “الرصاص المصبوب” الذي يُضعف الذاكرة، أو بسبب اعتبارات داخلية فلسطينية، في بعض عمليات التصعيد كانت المنظمات الأخرى هي التي سخّنت القطاع، بينما اهتمت حماس بالهدوء، التي تبدو وأن لديها مصلحة بالهدوء بعد الضربة القاسية التي تلقتها في بداية 2009، وهي اليوم منظمة قائمة على مؤسسات كبيرة ومنظّمة، بينما دخلت منظّمات أخرى كالجهاد الإسلامي إلى موقع المتطرّفين، وقد تنجح حماس أحياناً بتهدئتها، لأنها تدرك الثمن، ولكن لا يعنينا من يطلق وما يُطلق، لدينا عنوان واحد، وهو حماس.

الاستعدادات الصهيونية المقبلة:

ويشير ضابط الدفاع المناطقي في فرقة غزّة، “إيلان ديان”، إلى أنّ منطقة غلاف غزة باتت اليوم الأكثر حماية وتدريباً، والأبرع في مجال حماية وسلامة المواطن، وثمّة عدّة أسباب لذلك، من بينها:

مشروع حماية كل المباني التي تبعد عن قطاع غزّة أقل من 7 كيلومترات.

حتى نهاية السنة يتوقع أن تنتهي، عملية التشجير الأمنية التي تضم محاور أساسية، وأماكن أخرى، وهي في مراحلها الأخيرة.

تأليف كتائب دفاع مناطقي في المستوطنات.

استخدام رادار أكثر جودة، يعطي تحذيراً أفضل إزاء إطلاق قذائف هاون، ووضع بطاريات “القبة الحديدية”.

وأضاف: تعمل بطارية القبة الحديدية، المخصصة لاعتراض صواريخ من أراضي القطاع، من خلال فرضية أنه في الواقع الحالي، فإن العدو يوجه أساس نيرانه تجاه الداخل، هذه الفرضية توجه الجيش كافة، لذلك، منذ “الرصاص المصبوب” تحسّن جهاز الردع، وأضيفت المئات من صفارات الإنذار من قبل قيادة المنطقة الداخلية لجعله أكثر تركيزاً، وتتحرك البطاريات الـ3 بين المستوطنات في غلاف غزة وفق مستوى التهديد فيها، وفي الربع الأول من العام الحالي 2012، يتوقع وصول بطارية أخرى رابعة، وقد تصل خامسة في الربع الثالث، ولكن حتى نهاية 2013 ستضاف بطارية سادسة، بحسب المخطط.

أما رئيس قسم الوسائل القتالية والآليات غير المأهولة في قيادة ضابط سلاح المشاة والمظليين الرئيسي، دانيال تورجمان، فرأى أن مرور 3 سنوات على “الرصاص المصبوب” يؤكد أن الجيش مطالب بتجهيز قوات سلاح المشاة، وتحسين حمايتهم وقدراتهم، كالقدرة القتالية الليلية على سبيل المثال، وهذه أمور ظهرت كاستنتاج بعد الحرب، لذلك نستثمر الكثير في تطوير واستيعاب وسائل قتالية حيوية للمعركة، رغم ان الحرب الأخيرة في غزة شهدت استخداماً واسعاً للوسائل القتالية من كل المجالات كوسائل الدعم الحربي والرصد والتخريب والصواريخ، وبسبب مخطّط الأرض في غزّة، المتميّز بالقتال في منطقة مبنية، فإن الوسائل القتالية الأساسية المستوعبة جاءت ملائمة لنوع الأرض وطابع الحرب كوسائل دعم حربي، والمناظير، وسلالم وعدّة اختراق.

ويضيف: من ناحية أن الحديث يدور حول منطقة مبنية كقطاع غزة، يجب تحسين القدرة القتالية والدقيقة لدى القوة، وقدرة المناورة، والرد بصورة ناجعة في هذا المخطط القتالي المعقّد، وهذه الأمور تكشف مستوى ثقة المقاتل بقدرته على القتال، وعلى مواجهة العدو المستعد جيداً بنجاح، ففي مجال القناصة، على سبيل المثال، تم استخدام بندقية قناصة جديدة طويلة المدى تعرف باسم “باراك”، تحسن قدرات الفتك لدى الجيش في النهار والليل، وفي مجال قذائف الهاون يدأبون الجيش على تطوير قذائف أكثر دقة، كما أن الوسائل القتالية المحسّنة ستساعد القوات لتكون أكثر سرعة، قاتلة ومرنة.

المثير في الأمر، أنه إضافة لذلك، وكجزء من عملية رفع مستوى الدقة، يوجد حالياً في مستوى التطوير ما يعرف بـ”المؤمّن السهل”، وهي منظومة لتحديد موقع وكشف إطلاق نيران من سلاح بسيط، تتيح للقوة الرد بسرعة أكبر وبضبط أعلى من خلال تشخيص مصدر إطلاق النار بسهولة، وذراع البر يهدف لخلق مناورة سريعة متواصلة وفتاكة باستخدام هذه المنظومة المحتوية على قاذف قنابل يدوية متقن ودقيق جداً قادر على العمل في الضوء والظلام، وذخيرته أكثر فتكاً، وما عدا ذلك، داخل المدينة والمنطقة المبنية عموماً، فثمّة حاجة لوسائل تخريبية لاختراق الأبواب، ودخول أماكن معقّدة، من خلال عبوات ناسفة أو أفعى سلاح المشاة، وهي وسائل قتالية مخصصة لفتح ممر نظيف من العوائق والألغام، ولتعزيز محيط المنطقة المفتوحة والمبنية.

أما عن الاستعدادات العسكرية لحرب متوقعة جديدة ضد غزة، فقد بدأت في العامين المنصرمَين أعمال متواصلة لآليات غير مأهولة في حدود قطاع غزّة، من خلال برنامج “روبوتي” للرصد والجمع، سيضم في المستقبل قدرة على إطلاق النار، خاصة وأن الآليات غير المأهولة تساعد قوات الأمن بتحديد وتشخيص عبوات ناسفة، وأشخاص في كل منطقة الجدار في فترة زمنية قصيرة فعالة، دون تعريض جنودها للخطر، وتعمل من خلال الحفاظ على مستوى عملياتي وتنفيذي جيد، ومن خلال الرد على العبوات وإطلاق النيران المباشرة باتجاه قواتنا.

من جهته، قال رئيس اللواء الاستراتيجي التابع لقسم التخطيط في الجيش الصهيوني، غاي تسور، أن الجيش يحتاج 7 مليار شيكل إضافية لتحسين مستويات المناورة لقواته البرية، مقدماً رؤية مقلقة تتعلق بها أثناء القتال، خاصةً في ظل تراجعها مع امتلاك أعداء “إسرائيل” كميات كبيرة من الصواريخ المضادّة للدبابات، ما يحتّم ضرورة الحاجة لاستثمارات مالية ضخمة لتحسين القدرات الدفاعية وتطوير القدرات الإلكترونية المضادّة لهجمات “السايبر” ليتمكّن الجيش من تحقيق أهدافه.

موقع الجيش الصهيوني *

ترجمة: مركز دراسات وتحليل المعلومات الصحفية * 6/1/2012

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى