ترجمات عبرية

تسفي برئيل يكتب – في الجزائر يبحثون عن مدير حسابات متشدد

بقلم: تسفي برئيل ، هآرتس/ ذي ماركر 18/4/2019

من يبحثون عن رمزية في انتخابات الرابع من تموز الذي فيه ستجري الانتخابات للرئاسة في الجزائر، يمكنهم أن يجدوا بأن يوم الاستقلال الامريكي يمكن أن يسجل كيوم التحرير للجزائر من سلطة النخب. التي حولت دولة غنية الى ساحة حرب اهلية.

لقد سجل مواطنو الدولة هذا الشهر احد الانتصارات عندما تسببت مظاهراتهم في جعل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يقدم استقالته من منصبه بعد عشرين سنة من الحكم. ولكن حركات الاحتجاج لا تكتفي بذلك. القيادة غير الرسمية تطالب كل طبقة النخبة السياسية – بمن فيهم رؤساء الحزب الحاكم واحزاب المعارضة القديمة – الاستقالة من مراكز القوة التي يحتلونها. حركات الاحتجاج تريد تغييرات في الدستور تضمن حقوق المواطن والمساواة امام القانون وتوزيع مناسب وعادل للميزانيات وحرية التعبير التي سحقت من قبل الحكومة والجيش.

تعيين الرئيس المؤقت عبد القادر بن صلاح، وحكومة مؤقتة، لم ينجح في تهدئة النفوس. المتظاهرون يواصلون الخروج الى الشوارع وإن كان باعداد اقل بكثير من التي كانت في ايام المظاهرات الاولى؛ قضاة يهددون بأنهم لن يتعاونوا مع عملية الانتخابات ولن يلعبوا فيها أي دور كمراقبين اذا لم تتغير انظمة الانتخابات بصورة تضمن أن كل مواطن يمكنه الانتخاب دون تهديد أو ضغط؛ وعشرات من بين الـ 1540 رئيس بلدية اعلنوا عن مقاطعة الانتخابات كتعبير عن التضامن مع المتظاهرين ومع القضاة. باختصار، في الاشهر الثلاثة المتبقية حتى الانتخابات، الجزائر لا تنوي أن تنزل عن الاجندة الاقليمية.

ثلث الشباب تقريبا عاطلون عن العمل

الانتخابات هي فقط الخطوة الاولى التي يمكنها أن تأتي بتغيير في بنية النظام وفي تركيبة مراكز القوة التي ستدير الدولة. المرحلة الضرورية القادمة ستكون تطبيق اصلاحات اقتصادية قاسية، التي حتى الآن لم تتم صياغتها. خطة كهذه ستضطر الى أن تطرح وسائل وطرق من اجل أن تعيد للدولة احتياطي العملة الصعبة التي انخفضت باكثر من 50 في المئة منذ العام 2014 وهي تبلغ الآن 68 مليار دولار؛ وجسر العجز العميق في الميزانية بالنسبة لاجمالي الناتج المحلي الخام؛ وتقليص نسبة البطالة – التي تبلغ الآن 12 في المئة (30 في المئة في اوساط الشباب الذين يشكلون ثلثي الـ 41 مليون مواطن في الدولة)، وسن قوانين جديدة لتشجيع الاستثمارات في الدولة.

الجزائر التي لديها احتياطي الغاز الرابع في حجمه في العالم ستضطر الى مواجهة احتياجات داخلية متزايدة ستقضم من كميات الغاز المخصصة للتصدير. الغاز والنفط هما المنتجان الاساسيان اللذان تصدرهما الدولة ويدخلان لها 60 في المئة من ميزانية الدولة. الحلقة المفرغة التي تغرق فيها الجزائر بسبب سياستها الاقتصادية هي أنها لا تشجع الاستثمارات الاجنبية في تطوير آبار النفط وحقول الغاز، حيث أن القانون يلزم بأن السيطرة على كل شركة اجنبية يجب أن تبقى في ايدي شريك جزائري. هذا التشريع الذي يبعد المستثمرين عن الدولة، يزيد من خطورة وضع الصيانة لحقول الغاز وآبار النفط القائمة وتعيق تطوير حقول وآبار جديدة.

البيروقراطية الثقيلة تساهم بدورها في هرب المستثمرين الذين يشتكون من الفترة الزمنية الطويلة والمتعبة التي يمرون بها الى أن يتم اصدار التصريح لانشاء شركة أو حفر بئر للنفط. نتيجة لذلك، حوالي 60 في المئة من اقتصاد الدولة هو غير رسمي، يتجاوز القانون ويتهرب من دفع الضرائب. اضافة الى ذلك، تفضيل المقربين في اعطاء رخص الاعمال التجارية والبناء وسيطرة مجموعات صغيرة وثرية على الاقتصاد تمنع دخول جزائريين الى الدائرة الانتاجية للاقتصاد. وهؤلاء يفضلون تحويل اموالهم الى الاسواق في الخارج.

العبء الثقيل على ميزانية الدولة هو دفع الدعم وتشغيل اكثر من 40 في المئة من الموظفين في الاجهزة الحكومية. مثلا، سعر انتاج كيلوواط من الكهرباء لساعة واحدة يبلغ 12 دينار جزائري، في حين أن سعره للمستهلك هو 4 دنانير فقط. هذه هي طريقة الحكومة لشراء الهدوء السياسي وتهدئة الشارع. هكذا نجحت الجزائر في التهرب من تأثير ثورة الربيع العربي بعد أن رفعت أجور الموظفين ونسبة الدعم، التي تأخذ 20 في المئة تقريبا من ميزانية الدولة. ولكنها بذلك قلصت احتياطي العملة الصعبة وقلصت الاستثمار في البنى التحتية.

ما العمل اذا؟

من اجل التغلب على العجز في الميزانية تستطيع الجزائر الحصول على قرض سخي من صندوق النقد الدولي، ولكنها ترفض في الوقت الحالي التفاوض مع الصندوق لأنها ما زالت غارقة في الصدمة التي تسبب بها القرض السابق، وهي تخشى من الشروط القاسية التي يفرضها الصندوق على الدول التي تستعين به. المثال القريب بالنسبة لها هو مصر التي حصلت في 2016 على قرض بمبلغ 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي واضطرت الى تقليص بصورة شديدة الدعم للوقود ولجزء من المنتجات الاساسية. ولكن مصر نجحت بفضل قيادة السيسي في صد الاحتجاج الذي كان متوقع في اعقاب التقليصات، واليوم تعتبر دولة تسير في طريق اقتصادي مستقر.

في الجزائر الغارقة في فوضى المظاهرات والاحتجاجات، وفي الوقت الذي فيه الحكومة المؤقتة لا تحظى بالشرعية، فان فرض قرارات اقتصادية جديدة يمكن أن يدخل الدولة في دوار سياسي يصعب توقع نتائجه. الطريقة السهلة التي تتبعها الحكومة هي مواصلة طبع الاوراق النقدية بكميات كبيرة، ولكن هذا ايضا هو الطريقة المضمونة لسيطرة التضخم المالي الذي سيحتاج الى زيادة كبيرة للفائدة ستؤدي الى قمع القطاع الخاص.

خلافا لدول مثل السودان والمغرب، الجزائر توجد لها موارد يمكنها أن تنقذها من الفوضى الاقتصادية شريطة أن تكون لها قيادة ذات صلاحية مع شرعية شعبية. وتستطيع ادارة الاقتصاد بشكل ناجع. ولكن في دولة فيها الجيش والنخبة هي التي تملي بصورة تقليدية السياسة، فان الانتخابات القادمة لا تضمن أن قيادة كهذه يمكن أن تقوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى