أقلام وأراء

بكر أبو بكر: صفة “الاسلامية” بين القبول والرفض

بكر أبو بكر 23-7-2023: صفة “الاسلامية” بين القبول والرفض

في حوار مع سميّي الأخ المثقف بكر نواعله تكتشف الكثير من المساحات، أو تحاول أن تكتشف الجديد أو المختلف مما استقر في العقول، وتعمل على مراجعة نفسك وأفكارك نقدًا وتغييرًا أوتطويرًا أو تثبيتا. ومما كان هدفًا لذلك هو فكرة أو صفة “الاسلامية” ما ألحقت بذيل اسم تنظيم سياسي فلسطيني أو أي تنظيم أو شيء ما، كيف يتم النظر لها من القبول او الرفض فكان التالي.

1- فكرة اسلامية لا تستقيم هنا، أي بألحاقها بذيل اسم تنظيم سياسي، لأنها تظهر وكأنها تحسّس لنقص لا سيما إن وقع إدخالها حديثًا، مثلًا أن تقع في ذيل اسم “فتح” أو “المبادرة” أو”قائمة العدالة”…الخ.

2- في الاسلام ثوابت دعوية إيمانية عقدية، لاشأن للتنظيمات السياسية بها، فيقع الخلط (المقصود من قادة التنظيم السياسي) بين الدعوي/العقدي، والسياسي.

3- القيم والأخلاق في المجتمعات والسلوك للأفراد، وكيانية الأمة هي الأساس للتعامل بين الناس، ومدادها الحضارة العربية الاسلامية بالاسهامات المسيحية المشرقية، وهي نسيج كل المجتمع بمن فيه على تنوعه وتعدديته.

4- تصر التنظيمات المتسترة بالدين أن تسمي نفسها اسلامية ]تميزًا واستغلالا[ لايستقيم في مجتمع مسلم كله، وقد تصح ربما في دول بعيدة مختلطة الديانات.

5- كل مسلم فهو اسلامي/اسلامية مهما كان حجم اقترابه من الدين ومهما كان رأيه السياسي، أما “الاسلاموي” وهم المقصودين (بالتنظيمات الدينية السياسية) فهم الذين يخصّون ويُقصون. يخصّون أنفسهم بالحقيقة المطلقة والطهارة والرأي الذي لا يأتيه الباطل! بل والقداسة لشخوصهم وتنظيماتهم (في خلط متعمد بين المعتقد الثابت، بالسياسي الانساني المتغير)، وهم يُقصون وينبذون ويُبعدون غيرهم عن بوتقة الإيمان.. (قالوها أم لم يقولوها تجدها في نفوسهم وتعبئتهم الداخلية الرافضة للمسلم الآخر).

6- يرى البعض أن فكرة تنظيم أو جماعة “الاخوان المسلمين” جاءت في زمن طغيان اللادينية المنبهرة بالغرب من رواد بالعالم العربي وخاصة مصر، وعنت “اخوان من المسلمين” في مواجهة الانبهار بالغرب اللاديني، وليس “الاخوان المسلمين” وحدهم حصريًا، والباقي خارج الملة ضمن المفهوم المخترع لجاهلية قطب للمجتمعات الاسلامية (مجتماعات المسلمين) وهو المفهوم السائد لاحقًا.

7- لم تعرف أي من دول المسلمين (على مدار التاريخ) نفسها أنها اسلامية! لانه لم يكن هناك داع لذلك، والآن تماما نفس الفكرة كل المجتمعات هي كذلك أي مسلمة وإسلامية فلا داعي لاثبات المثبت.

8- أن يكون المنتج الفلاني منتج مسلم لا يعني شيئًا الا استغلال الاسم “الاسلام” فماذا يفهم في مجتمع مسلم أن تكون شوكولاته إسلامية او بازيلاء إسلامية، أو زبدة إسلامية…إنه كلام غث.

9- استقرت اليوم فكرة “الاسلامية” بخلط مقصود للقداسة والعليائية والتمايز للجماعة أوللتنظيم عن غيره، وبين الدعوي والسياسي، أي بين الثابت والمتغير، ما اجتهد “اخوان” المغرب ثم تونس بفصل أنفسهم عنه، ومازال هذا الفصل ضائعا تائها أو مرفوضًا في “اخوان” مصر وفلسطين والأردن خاصة. ببساطة لأنه يكسبهم ميزة على غيرهم.

10- كل التنظيمات في فلسطين وطنية، ولايجوز لها الدلالة على ذاتها بتمايز قد يكون له معنى قديم نشأ بداية القرن ٢٠ في ظل الشيوعية (اللادينية) أو الامبريالية الغربية (اللادينية) التي انتهت، وظلت المجتمعات متمسكة بقيمها المستمدة من ذات الحضارة.

11- عندما اختلف المجتمع المسلم اثر الفتنة (علي ومعاوية رضي الله عنهما) انقسم المجتمع والأمة لتيارات وجماعات وفِرَق فكرية لم تطلق اي منها-رغم الاختلاف العميق-على نفسها “الاسلامية” دون غيرها فكانت الخوارج (سموا أنفسهم أهل الإيمان) باصنافهم الكثيرة، والمرجئة والقدرية والجبرية واصناف الشيعة الكثر، والمعتزلة (سموا أنفسهم أهل الحق، وأصحاب العدل والتوحيد،…الخ).

12- العالم أبو الحسن الأشعري (القرن 4 الهجري) في كتابة الشهير “مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين” ذكر مصطلح “الاسلامية” لأول مرة. وافترض بذلك أن كل التنظيمات أو التيارت المتنازعة والمختلفة هي “إسلامية” أي ضمن هذا المجتمع المسلم.

13- فكرة “الاسلامية” ضمن فكر سيد قطب تعني صراحة تجهيل مجتمعات المسلمين/الاسلاميين، وتعني نحن (أي الاخوان) المسلمين حقًا دون غيرنا، وهم الغارقون في الجاهلية، وهم (تم تصنيفهم لفئات) وبالتالي وقع تكفيرهم أو جزء منهم أو انهم منافقين او مشكوك بايمانهم بما يوجب سؤالهم او استتابتهم! أو الانعزال عنهم فيزيائيًا او نفسيًا على الأقل، أو مقاطعتهم أو بالحد المتطرف قتالهم.

14- بل واتخذت عقيدة الولاء والبراء من الآخرين-أي غير من هم في جماعتنا- والاستعلاء: أننا (أي هم الاسلامويون) الوحيدون على الحق وسوانا الباطل (ونحن في الجنة وغيرنا بالنار) في أخطر ما حصل للاسلام التعددي النظر والفقه، والمنفتج التفكير بطبعه.

15- لايجوز استخدام مصطلح “اسلامية” لاي تنظيم سياسي اليوم بتاتا. لانه وقع بهم تقسيم الاسلام الواحد الحنيف، وتقسيم المسلمين أنفسهم بين انشقاقات هذه التنظيمات، وتقسيم تعددية الأفكار لمرفوض/كافر، ومقبول/من شيعتنا مسلم واصبحت “الاسلامية” متاهة غير محددة بين عشرات التنظيمات العقدية/السياسية المختلفة والمتنازعة على تمثيل “الاسلامية” والاسلام دون المجتمع المسلم.

16- -فكرة “الاسلامية” الحزبية التنظيمية تفترض امتلاك الحزب (وقيادته) لحق التمثيل الحصري للدين! وتسقط قداسته على التنظيم ذاته، وبالتالي على شخوصه وبالتالي على كل مسلكهم وكل قراراتهم (او هكذا يجب أن يُخيّل للناس) وهذا خطل وبابوية.

17- من المقبول لدي مصطلح مفكر أو فكر إسلامي أي يفكربالشؤون الاسلامية عامة، لاحظ أنه قد يكون مسيحي أيضًا من يفكر بذلك. ومقبول مصطلح مجتمع مسلم، أو بحث إسلامي أو دراسات إسلامية أي مادته الإسلام العظيم.

18- فكرة “الاسلامية” في التنظيم الحزبي اليوم تحيط نفسها بغلاف صلب ومتين لكل قراراتها السياسية الحياتية المتغيرة، ولسلوك أعضائها مهما كان يمثل عارًا؟! فهو-الحزب-الجماعة الإسلام والإسلام هو. ولا يوجد بين سلوك الأعضاء ما هو مشين وسيء،! أي أنها تُسقط أو توحي في نفوس عامة الناس أن أفرادها محصنين من الرذيلة! لمجرد الانتماء للفصيل!

19- وتفترض وجود هيئة/قيادة حصرية (مقدسة، لا تحاسَب، أوقلما تُسأل، أو يتم الخضوع لها خضوعا كاملا ك”الميت بين يدي المغسل”/الإرشاد والمرشد) وهي سلطة ربانية (الأيادي المتوضئة، القائد الرباني،…في إسقاط نفسي على الناس بالقداسة التي تعني ألا يتكلموا نقدًا بتاتًا) وتمتلك حق الفصل في كل الشأن العقدي والفقهي ومعه السياسي المتغير …الخ ما هو ضد فكر الأمة والأئمة الفقهاء بالتعددية الفكرية والفقهية وحسب الزمان والمكان وانفتاح العقل على النظر والتفكر والتأمل والتفسير.

20- بكل بساطة نحن مسلمين وإسلاميين ومجتمع إسلامي، ولا نقر لأحد أن يغتصب عقونا التي منحنا الله سبحانه وتعالى إياها للنظر والتأمل والتبصر والتفكر والتخيّر، ولا نقبل أن يحتكر أي شخص أو فصيل الإسلام لأن الاسلام بطبعه غير قابل للحصر أو الاحتكار فهو الاكبر وهم دونه دومًا ولن يحيطون بحصريتهم بكليته أبدًا.

 

وهذا قليل من كثير ما يمكن ان تجده بكتبي حول الموضوع، والله موفقنا واليه المصير.
https://wordpress.com/sites/baker2014.wordpress.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى