ترجمات عبرية

بقلم: جدعون ليفي واليكس ليبك – والد محمد لم يفهم لماذا قام إبنه برشق الحجارة ، ويتهمهم باطلاق النار عليه وهو مصاب

بقلم: جدعون ليفي واليكس ليبك، هآرتس21/4/2019

هذا ميدان دائري يضج بالحركة، مفترق طرق في شارع 60، محور الحركة الرئيسي في الضفة بين حاجز حوارة ومفترق تفوح، على بعد قليل من الميدان، الذي يسميه الفلسطينيين ميدان بيتا. القمامة توجد على جانب الشارع، هذه هي المنطقة الصناعية في حوارة التي لا يوجد فيها صناعة سوى الكراجات والمطاعم التي تطل على الشارع. في يوم الاربعاء في 3 نيسان وجد ثلاثة شباب انفسهم في الميدان وحدهم. الثلاثة كانوا في الطريق للعمل. فقط اثنان بقيا على قيد الحياة، والثالث الذي رشق الحجارة اطلقت النار عليه وقتل. منظمة “بتسيلم” قالت هذا الاسبوع بأن هذا كان اعدام وأن الجيش الاسرائيلي اهتم باخفاء الحقائق وتدمير البينات.

كل شيء حدث في رمشة عين. قبل وقت قصير من الثامنة صباحا وصل محمد عبد الفتاح الى الميدان الدائري، وهو عامل عمره 23 سنة، متزوج وأب لطفلة عمرها سبعة اشهر، كان في الطريق من شقته في بيت عمه في قرية بيتا الى مصنع عمه للطوب في قرية جماعين حيث كان يعمل.

كما يبدو، نزل من السيارة، شهود عيان شاهدوه وهو يقف على جانب الشارع ويدخن السجائر. ما الذي كان يدور في رأسه؟ ماذا كان يخطط؟ ما الذي دفعه؟ هذا كما يبدو لن نعرفه في أي يوم. بعد ذلك قطع الشارع الى الجانب الغربي ووقف على جانب الشارع. على بعد قليل من السيارات التي تمر من الشمال الى الجنوب وعلى بعد امتار من الميدان، المكان الذي تبطيء فيه السيارات بشكل كبير. الحركة كانت مكتظة، الساعة الثامنة والنصف صباحا، رشق حجرين أو ثلاثة حجارة غير كبيرة على السيارات المارة. هذه الحجارة لم تصب أحد. هذا لم يكن مكان مثالي لرشق الحجارة بدون القاء القبض عليك أو قتلك.

ايضا عند زيارة بيت عائلته لم ننجح في ايجاد تفسير لماذا قام برشق الحجارة. “هو لم يعد شاب صغير، لم يعتقل في أي يوم، كان متزوج وأب لطفلة ولديه مكان عمل ثابت، وكان في طريقه الى العمل. قبل ايام من ذلك كان في رحلته الاولى الى داخل اسرائيل، زار القدس وأكل السمك في يافا هو وزوجته. ربما أن السر يكمن في هذه الرحلة. لا احد يعرف بشكل صحيح ما الذي دفع هذا الشاب المتزوج والأب لطفلة الى رشق الحجارة أو محاولة طعن مستوطن في ذاك الصباح.

احدى السيارات التي رشق الحجارة عليها، سيارة الـ “رينو” بيضاء مع اعلان بالازرق لاتحاد احزاب اليمين ملصق على النافذة الامامية، كان سائقها يهوشع شيرمان احد سكان الون موريه ومدير اتحاد اليمين في الانتخابات في المنطقة. فيلم فيديو مشوش لكاميرا حماية يظهر سيارة شيرمان التي كانت تسافر من الشمال الى الجنوب وهي تتوقف. مرت 15 ثانية تقريبا وشيرمان نزل من السيارة ومشى نحو الطرف الآخر وكما يبدو اطلق النار على عبد الفتاح الذي ظهر وهو ملقى خلف السيارة.

ما حدث بعد الـ 15 ثانية لا يمكن رؤيته لأن السيارة تخفي ذلك. في هذه الاثناء توقفت ايضا شاحنة اسرائيلية وظهر سائقها وهو ينزل منها. الباحثان في “بتسيلم”، سلامة الدبعي وعبد الكريم سعدي، قالوا إن شهود عيان سمعوا اطلاق رصاصتين، وهم يعتقدون أن شيرمان اطلق النار من داخل السيارة قبل النزول منها.

“جنودنا الابطال”

عبد الفتاح حاول، حسب اقوالهم، الاختباء خلف سيارة قمامة متوقفة على جانب الشارع. حسب اربع شهادات مشابهة لشهود عيان جمعتها “بتسيلم” فقد اطلق السائقين الاسرائيليين النار من مسافة قصيرة عدة رصاصات حتى بعد أن سقط وهو مصاب على الشارع. “بتسيلم” اتهمت الجيش الاسرائيلي الذي قام بحذف مقاطع الفيديو التي ظهر فيها اطلاق النار على المصاب. وجاء في وسائل الاعلام الاسرائيلية أن “ارهابي فلسطيني اطلقت النار عليه وتم تحييده من قبل سائقين بعد محاولته طعن رجل وابنته قرب حوارة في جنوب نابلس”.

“من تقرير بتسيلم: في هذه المرحلة كان عبد الفتاح موجود بين حاويات القمامة، شيرمان اقترب منه وأطلق عليه بضع رصاصات اخرى. شاحنة كانت تسافر على الشارع توقفت ونزل سائقها منها. وهو وقف قرب شيرمان وقاما باطلاق بضع رصاصات اخرى على عبد الفتاح الذي كان في هذه المرحلة ملقى وهو مصاب على الارض. عبد الفتاح توفي متأثرا بجراحه بعد فترة قصيرة في مستشفى بلنسون”. خالد حواجبه، شاب يعمل في احد المحلات المجاورة، اصيب ببطنه باحدى الطلقات. وقد تم نقله الى مستشفى رفيديا في نابلس وسرح الى بيته بعد بضعة ايام. بعد دقائق من اطلاق النار على أيدي المستوطنين جاءت الى المكان سيارات عسكرية وجنود وقاموا بتفريق السكان الذين بدأوا بالتجمع بواسطة قنابل الصوت. حسب “بتسيلم”، بعد ذلك على الفور دخل ثمانية جنود الى محلين تجاريين في المنطقة لفحص كاميرات الحماية فيها. في احدى الكاميرات قاموا بتفكيك جهاز الـ “دي.في.آر” وغادروا المكان. بعد عشرين دقيقة تقريبا عاد الجنود الى هذا المحل واعادوا تركيب الجهاز وشاهدوا الصور. جنديان صورا الشاشة بهواتفهم المحمولة. وبعد ذلك حذفوا التوثيق من جهاز الـ “دي.في.آر” وغادروا المكان.

في فيلم قصير نشر في الشبكات الاجتماعية الاسرائيلية سمع تفسير المصور بالعبرية: “الارهابي حاول القفز على سيارة اليهودي وطعنه. جنودنا الابطال قاموا بتصفيته. لا يوجد أي مصابين”. شيرمان قال بعد الحادثة مثلما نشر في الشبكات الاجتماعية “في مفترق البيوت قفز على السيارة ارهابي مع سكين وحاول فتح الباب. نزلت من السيارة وخلال محاولة الارهابي تجاوز السيارة نحوي قمت بتحييده باطلاق النار عليه بمساعدة احد السكان من مستوطنة مجاورة كان يسير خلفي”.

في وسائل الاعلام نشر أن ابنته جلست في المقعد الخلفي في السيارة. الادعاء كان أن عبد الفتاح حاول فتح باب السيارة وطعنها. والدها ظهر في الفيلم الذي ارفقته “بتسيلم” مع التقرير وهو يسير ببطء وهدوء نحو الشاب الذي اختبأ خلف السيارة. ماذا حدث هناك بالضبط؟ في “بتسيلم” مقتنعون حسب الشهادات التي جمعوها بأن اطلاق النار استمر من مسافة قصيرة ايضا عندما المصاب ملقى على الشارع.

في هذا الاسبوع نشر أن المجلس الاقليمي شومرون قرر منح المستوطنين اللذين اطلقا النار وسام تقدير. خلافا لاقوال شيرمان والجيش فان “بتسيلم” قالت استنادا الى التحقيق بأن السائقين اطلقا النار على عبد الفتاح بدون مبرر، بعد ابتعاده عن السيارة وجلس وراء حاوية القمامة في المكان. حسب “بتسيلم”، قوات الامن التي وصلت الى المكان لم تفعل أي شيء لاعتقال المستوطنين. وسارعت الى ابعاد الفلسطينيين من المكان وتوجهت لحذف توثيق الحادثة “بهدف ضمان عدم كشف الحقيقة وكي لا تتخذ ضد المستوطنين أي اجراءات”.

المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي قال ردا على ذلك للصحيفة “الارهابي اطلقت النار عليه من قبل مواطنين وتم تحييده بعد رشق الحجارة على سيارات اسرائيلية. وبعد ذلك اقترب من احدى السيارات وحاول القيام بعملية طعن. الحادثة قيد التحقيق”.

لم تتم اعادة الجثمان

خربة قيس هي قرية صغيرة على سفح بلدة سلفيت. بيت والد عبد الفتاح، الأب عبد المنعم عبد الفتاح (50 سنة)، يعمل حارس في رام الله وأب لستة اولاد. البيت جيد ومحمد كان الابن البكر، أنهى الثانوية ولكن للأسف الشديد، على حد تعبير والده، لم يواصل تعليمه وذهب للعمل. في تشرين الاول 2017 تزوج من إبنة عمه رائدة عوض الله من قرية عين عريك قرب رام الله. قبل سبعة اشهر ولدت ابنتهما البكر جوان. كانوا يأتون للزيارة في نهاية الاسبوع، نهاية اسبوع في بيت عائلة  العروس ونهاية اسبوع عند عائلة الزوج في قرية خربة قيس. في يوم الجمعة الاخير في حياته كانوا في عين عريك. لأنهما كانا سيذهبان في اليوم التالي في رحلة منظمة في حافلة الى القدس ويافا. وقد ابقيا الطفلة عند جدها وجدتها. وعندما عادا من الرحلة سافرت الأم الى عائلتها لاحضار الطفلة وبقيت هناك بضعة ايام. محمد بقي وحده في الشقة في بيتا المجاورة لمكان عمله.

في يوم موت إبنه كان الوالد في عمله في رام الله، أحد ابناء العائلة اتصل معه وابلغه أن محمد أصيب. بعد وقت قصير اتصل معه شخص من الشباك وأمره بالحضور الى قاعدة عسكرية في حوارة. هذا الشخص قال له إن إبنه حاول طعن جندي. وبعد ذلك قال له إن إبنه رشق الحجارة. الأب اجاب بأنه من غير الممكن أن يقوم إبنه بفعل شيء كهذا.

في التحقيق معه سئل الاب اذا كان محمد نشيط في أي حركة، وهل حاول احد اقناعه برشق الحجارة أو الطعن، وهل كان يعاني من مشكلة نفسية أو مشكلات في العائلة أو العمل. ربما تشاجر مع زوجته. الأب اجاب بأنه لم تكن لابنه أي مشكلات عائلية وأنه لم يكن في أي يوم نشيط في أي تنظيم. المحقق كرر الاسئلة مرتين وثلاث مرات.

الأب ما زال لا يعرف أن ابنه توفي. رجل الشباك قال له إنه اصيب وتم نقله الى مستشفى بلنسون، وأوصاه بالتوجه الى مكتب التنسيق والارتباط الفلسطيني من اجل تنسيق المصادقة على دخوله الى اسرائيل من اجل زيارته. في نهاية المطاف قال له “من الآن أنت واولادك تحت الرقابة، إنتبه. هذا تحذير، هذا ضوء احمر. من سيرفع رأسه نحن سنقطعه”. الأب مكث ثلاث ساعات في حوارة.

عند عودة الأب الى البيت كان هناك تجمع من جميع القرية قرب البيت وفهم أن إبنه توفي. في الشبكات الاجتماعية كتب أنه قتل من قبل مستوطنين. لماذا رشق الحجارة؟ أنا لا اصدق أنه فعل ذلك، قال الأب، “لقد كان في طريقه الى العمل، لكن حتى لو حدث ذلك، احيانا المستوطنون يستفزون الناس الذين يقفون على الشارع، يبصقون عليهم ويشتمونهم ويحاولون دهسهم. وحتى لو أنه رشق الحجارة فهو لم يعرض حياة أحد للخطر. القانون يقول بأنه اذا كان أحد ما ملقى وهو مصاب فمحظور اطلاق النار عليه. قوموا باعتقاله، لكن لماذا قمتم بقتله؟”.

جثمان عبد الفتاح لم تتم اعادته من اسرائيل حتى الآن. وكل جهود العائلة للحصول عليه لم يستجب لها. في مقبرة القرية الصغيرة حفروا القبر. والآن توجد كومة تراب والقبر ما زال مفتوح وفارغ.

*     *    *

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى