أقلام وأراء

المحامي زياد أبو زياد: زيارة وفد اللحنة المركزية لمخيم جنين

المحامي زياد أبو زياد 9-7-2023: زيارة وفد اللحنة المركزية لمخيم جنين

الزيارة التي قام بها عدد من أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح برئاسة الأخ محمود العالول “أبو جهاد” الى مخيم جنين أمس تعكس الصورة الطبيعية والحقيقية لواقع علاقة شعبنا مع قيادته، وكان يجب أن تتم هذه الزيارة وبالشكل والتوقيت الذي تمت به لتقطع الطريق على كل المغرضين الدخلاء على العمل الوطني يحاولون اقتناص الفرصة لتصدر المشهد وتزوير إرادة الشعب والإساءة لرموزه.

لقد شاهدت كما شاهد غيري ما تم حين توجه وفد فتح للمشاركة في تشييع شهداء مخيم جنين والتشويش الذي تم على الأخ محمود العالون نائب رئيس حركة فتح مما أدى الى عدم اتاحة الفرصة أمامه لمخاطبة الجمهور الحاشد.

صحيح أننا بشر نعتب وننفعل ونغضب ونعبر عن انفعالنا وغضبنا وكما يقول المثل” بقدر العشم يكون العتب”. ولكن الذي حدث لم يقتصر على التعبير عن الغضب والعتب، وإنما استُغل وخاصة من قبل بعض “مناضلين” وسائل التواصل الاجتماعي الغائبين تماما عن ساحة وميادين الفعل والنضال الحقيقي، للمزاودة على فتح وعلى السلطة ومهاجمتها بشكل سيء.

ولا شك بأن قيام وفد فتح مرة أخرى بزيارة المخيم واستقباله من قبل قيادات وكوادر المخيم بشكل لائق أعاد وضع الأمور في سياقها الحقيقي ونصابها الصحيح، ويجب البناء عليه في ترسيخ قواعد الثقة بين قواعد المقاومة والقيادة، حتى في غياب رؤية مشتركة لكيفية التعامل مع الاحتلال.

الشعب غير ملزم بقواعد أي بروتوكول أو مذكرات أو بروتوكولات تفاهم، والشعب من حقه أن يعبر عن رفضه للاحتلال بالطرق التي يراها مناسبة والوسائل التي تكون في متناول يده، وعلى القيادة الرسمية أن تترك للشعب الهامش الذي يستطيع من خلاله ممارسة حقه المشروع في رفض ومقاومة الاحتلال.

من أقوال آبائنا المأثورة ” قوم بلا جُهال ضاعت حقوقها”. ومن شاهد أو حضر الجاهات والعطوات في كثير من الحالات يذكر أن كبار القبيلة كانوا دائما يميلون لقبول العطوة والتهدئة ويتظاهرون بالمرونة والاستعداد للتنازل، وكان الشباب دائما هم المتمردون الذين يرفضون التفريط والتنازل ويصرون على أخذ حقهم بالكامل، وكان كبار القبيلة يتظاهرون بأنهم غير راضين من الشباب ولكنهم كانوا راضين عنهم في قرارة أنفسهم، لأن وقفة الشباب ورفضهم القبول بأية شروط تحملها الجاهة لا تلبي مطالبهم، هي التي تسند ظهر الكبار العُقال وتعينهم على الإصرار على الشروط التي يطالب بها الشباب.

كان الكبار يتذرعون بأن هؤلاء الشباب هم “جُهال” – أي لا تنطبق عليهم نواميس الكبار- ويلتمسون لهم العذر بأنهم “جُهال”، ولكن حقيقة الأمر هي أن هؤلاء “الجهال” هم الوحيدون القادرون على حماية حقوق القبيلة ومن هنا قالوا ” قوم ٌ بلا جهال ضاعت حقوقها”.

لقد قال المتحدث باسم كتيبة جنين بأن “بواريدنا” ليست مسيسة لصالح أحد ولكننا متحدون في الهدف وهو مقاومة الاحتلال. ويا حبذا لو أدرك القائمون على الشأن الرسمي أهمية الفصل بين عقلانية الكبار وجهالة الشباب وأقروا بأن جهالة الشباب هي وحدها التي تعينهم على الوقوف أمام الضغوط الخارجية التي تمارس عليهم، وأنه إن لم تُلبّ مطالب الشباب فإن أحدا ً لن يستطيع اسكاتهم.

ومع كل ما سبق لا بد من الإشارة الى أن هناك حملة تحريض ضد السلطة الوطنية الفلسطينية واتهامات لها بالفشل والعجز والتخلي عن المقاومة والمطالبة بحلها.

ولا شك بأن مثل هذه الحملة هي حملة ساذجة عاطفية في جزء منها ومغرضة معادية لحقوق شعبنا في الجزء الآخر.
ساذجة وعاطفية، لأن من يتحدثون من هذا المنطلق لا يأخذون بالحسبان بأننا جزء من المنظومة العالمية والإقليمية وأن كل من يتحدث عن الشرعية الدولية أو يطالب بملاحقة ومحاكمة إسرائيل في المحافل الجنائية والسياسية الدولية يجب أن يعرف بأن السلطة الفلسطينية ودولة فلسطين المعترف بها دوليا ً هي وحدها المؤهلة للتواصل والوصول الى المرجعيات الدولية لأنها جزء من الشرعية الدولية، وأن أي تنظيم فلسطيني غير معترف به دوليا ً ومصنف بأنه إرهابي لا يستطيع الوصول للمحافل الدولية التي تصل اليها دولة فلسطين، وأن السلطة هي انجاز وطني يجب التمسك به وتطويره والبناء عليه وليس هدمه.

وأما الجزء الآخر المغرض والمعادي لحقوق شعبنا في انتقاده للسلطة ومطالبته بحلها فهو الجزء الذي لا يملك بديلا ً وطنيا، ويندرج في اطار الحملة المسعورة التي يشنها اليمين الفاشي في إسرائيل ضد السلطة وضد الدولة الفلسطينية لأن بقاء أي شخصية وطنية اعتبارية فلسطينية يُشكل عائقا ً وتهديدا ً للمخطط الصهيوني القائم على طمس وجود الشعب الفلسطيني تمهيدا ً لتصفية حقوقه وقضيته.

وأخيرا، لا بد قبل انهاء هذه العجالة من توجيه التحية للمناضلين الشرفاء في مخيم جنين وفي كل بقعة على امتداد ساحة هذا الوطن، والتحية والمجد لأرواح الشهداء، وتمنياتنا بالتعافي السريع لكل المصابين والجرحى.

ولنتفق على أمر واحد وهو أن استمرار وجود الاحتلال هو المصدر الوحيد للعنف والقتل وأن السلام الحقيقي لن يكون ممكنا إلا بزوال الاحتلال وتحقيق الأمن والكرامة والحرية لشعبنا اسوة بكل شعوب المنطقة والعالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى