ترجمات أجنبية

الغارديان: أظهرت حرب غزة انقسامات حزب العمال البريطاني

الغارديان 11-11-2023، بقلم مايكل سافيج: أظهرت حرب غزة انقسامات حزب العمال البريطاني

كشف آخر استطلاع  لمؤسسة “أوبونيوم” أن شعبية زعيم الحزب كير ستارمر انخفضت، فيما كشف الاستطلاع عن انقسامات داخلية داخل حزب المحافظين. ولكن الناخبين ينظرون إلى حزب العمال بأنه الأكثر انقساماً بشأن الحرب الدائرة في غزة، وسط مظاهر قلق من استقالات جديدة، هذا الأسبوع، من نواب المقاعد الأمامية بالبرلمان بسبب الحرب. وتأثرت شعبية ستارمر، حيث تراجعت النسبة التي ترى فيه زعيماً قوياً، مقارنة مع الشهر الماضي.

ويقترح الاستطلاع الأخير أن المحافظين يعيشون خلافات داخلية، ما يعني أن حزب المحافظين فشل من استغلال أول تحد كبير يواجه ستارمر من نوابه. ولا يزال حزب العمال متقدماً بـ17 نقطة على المحافظين، لكن الدعم الشعبي العام تأثر بشكل كبير نظراً لموقفه من النزاع. فقد أدى رفض ستارمر الدعوة إلى وقف إطلاق النار لقلق من رموز بارزة يخشون من أنه سيكون في آخر القادة العالميين الذين زادوا من الضغوط على إسرائيل لوقف القتال في غزة.

 فقد دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى وقف إطلاق النار، ولكن العارفين بحزب العمال يقولون إن ستارمر يراقب الرئيس الأمريكي جو بايدن عن كثب. في وقت ظل وزير شؤون الخارجية بحكومة الظل، ديفيد لامي قريباً في لغته من لغة وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن.

 لكن التحدي الأكبر للعمال هو يوم الأربعاء، عندما سيتقدم الحزب الوطني الإسكتلندي بمشروع تصويت بمجلس العموم على وقف إطلاق النار.

ومن المرجح أن تطلب قيادة العمال من نوابها الامتناع عن التصويت، حيث يرون في المشروع مصيدة سياسية.

وهناك مخاوف من دعم سدس النواب في المقاعد الأمامية، والذين عبّروا عن دعم لوقف إطلاق النار كواجب، ولم يستقل حتى الآن سوى نائب في المقاعد الأمامية بسبب الحرب.

ويكشف الاستطلاع الأخير أن سمعة حزب العمال تعرضت لضربة قوية من الخلاف بشأن غزة. وقد انخفض صافي نقاطه بمعدل 18 نقطة، وعند النظر إليه كحزب متّحد بداية شهر تشرين الأول/أكتوبر. وكذا انخفض صافي نقاطه بـ 12 عند النظر إليه كحزب متسامح.  وفي الوقت نفسه انخفضت سمعة ستارمر كزعيم قوي بعشر نقاط وبنفس الفترة.

ومع ذلك، فالخلافات الداخلية بين المحافظين، وبخاصة تعليقات وزيرة الداخلية سويلا بريفرمان على حيادية الشرطة، ووصفها المتشردين الذين ينامون في الشوارع بأنه “خيار في أسلوب حياة”، وليس دليلا على العوز، منعت حزب المحافظين وزعيمه ريشي سوناك الاستفادة من تراجع حزب العمال. وخسر كل من سوناك وستارمر، خلال الأسبوعين الماضيين، نقاطاً في المعدل الإجمالي لشعبيتهما. وقال جيمس كراوتش، مدير الشؤون العامة بمركز استطلاعات “أوبونيوم” إن “الحكومة أطلقت العنان لحزب العمال فيما ظهر  وكأنه أصعب أسبوع واجهته المعارضة، وكان رد العمال على النزاع في الشرق الأوسط سبباً في ظهوره بمظهر الحزب المنقسم، وبدا ستارمر أضعف مما كان عليه. وبنهاية الأسبوع، تحول الانتباه إلى خلافات المحافظين وترددهم في اتخاذ القرارات، ما فتح الباب أمام تقدم العمال بـ 17 نقطة”.

وفي السياق نفسه، بعدما اتهمت الشرطة بمحاباة اليسار ومؤيدي فلسطين، بمقال نشرته قبل مسيرة لندن، يوم السبت. وقالت في افتتاحيتها: “عندما ترتفع حرارة التوترات السياسية، وتزيد المخاطر على النظام العام، فإن أي سياسي مسؤول يحاول أن يخفف من الضغط والحصول على نصيحة الشرطة بشأن الأمور المتعلقة بالعمليات ويدعو علناً للهدوء. إلا أن وزيرة الداخلية سويلا بريفرمان اختارت الطريق الشعبوي قبل المسيرة في لندن، يوم السبت، احتجاجاً على العملية العسكرية في غزة، والتصرف بتهور، وإظهار لغة تحريضية، والتلميح بأسوأ السيناريوهات التي قد تحدث”. فقد نشرت بريفرمان مقالتها الناري في “التايمز”، وهي تعرف أن هناك خلافات بينها ومفوض الشرطة سير مارك روالي حول كيفية مراقبة المسيرة. وكانت تريد منع المسيرة التي اعتبرتها احتفالية خاصة بيوم الهدنة. لكن صلاحيات الشرطة لمنع المسيرة مرتبطة، وبصواب، بما ينص عليه قانون النظام العام. ويمكن للشرطة الحظر لو علمت أن المحتجين لن يلتزموا بالقيود وأن هناك مخاوف من فوضى عامة ومن دمار للممتلكات وعرقلة لحياة المجتمع. صحيح أن المسيرات التي نظمت في الأسابيع الماضية احتوت على عناصر غير مرغوب فيها، واعتقلت الشرطة أعداداً صغيرة، بما في ذلك اعتقالات تتعلق بالإرهاب والتحريض على الكراهية.

ولكن التظاهرات شارك فيها مئات الآلاف والتزموا بالقيود التي وضعتها الشرطة. وهذا لا يعني أن كل مشارك يؤيد حل الدولتين في الشرق الأوسط. لكن الشعارات التي نظر إليها بأنها دعوة لتدمير إسرائيل لا تقدم مبرراً قانونياً لمنع الاحتجاج، والذي عبّرت فيه غالبية المشاركين فيه عن الرعب من أفعال الإرهاب التي مارستها “حماس”، في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وكذلك العدد الضخم من الفلسطينيين الذين قتلوا بسبب الهجوم الإسرائيلي على غزة.

 ووضع القانون عتبة عالية لمنع المسيرات، وكانت آخر مرة استخدم فيها لمنع احتجاج قبل عقد، والمسؤولية تقع على الشرطة لتقييم إن كانت الشروط متوفرة لمنعها والتقدم بطلب للمنع لو قررت هذا.

 وليس من حق وزيرة الداخلية التدخل من خلال ممارسة الضغوط السياسية على الشرطة لمنع أمر لا تحبه. وهو بالضبط ما فعلته بريفرمان، فمن خلال استخدام لغة نارية مثل “محتجون يدعون للكراهية”، و”رعاع” قامت بتقديم صورة غير صحيحة عن آلاف الناس الذين يمارسون حقوقهم الشرعية للتظاهر، وقامت بطريقة غير مباشرة بتشجيع جماعات اليمين المتطرف للخروج وعقد مظاهرة مضادة في يوم الهدنة. وهو ما فعلوه، وحدثت مناوشات عدة مع الشرطة في وسط لندن، وقبل الوقوف صمتاً لدقيقتين، حيث هتف رجال ملثمون بشعارات معادية للإسلام، وليس بعيداً عن النصب التذكاري “سينوتاف”، وحدثت اعتقالات، ومواجهات في المساء، وكان على الشرطة عمل جهدها لمنع المحتجين المتطرفين من مواجهة المحتجين الداعين لوقف إطلاق النار.

وطوال كل هذا، أكد رئيس الوزراء ريشي سوناك أن بريفرمان تحظى بثقته. وكرئيس للوزراء فهو مسؤول في النهاية  تصرفات وزيرة داخليته، فتقويضها لاستقلالية عمل الشرطة، وإثارتها للتوترات في وقت حساس، ينظر إليها على أنها محاولات لتعزيز طموحها لكي تقود حزب المحافظين مرة، ويجب عليه طردها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى