#أقلام وأراء

السفير ملحم مسعود – الجمال الإغريقي … يتجلًى … ويتحدى

السفير ملحم مسعود – اليونان 6.12.2021

رافائلا بلاستيرا … ملكة جمال اليونان تعلن انسحابها من مسابقة ملكة جمال الكون التي ينظمها الاحتلال الإسرائيلي في كانون الأول/ديسمبر المقبل … بلاستيرا قائلة:  

“لا يمكنني الصعود إلى تلك المرحلة، والتصرف كأن لا شيء يحدث، بينما يقاتل الناس من أجل حياتهم هناك”:

وفي تدوينة أخرى اعربت عن إعجابها بالشعب الفلسطيني قائلة : “قد لا أعيش في فلسطين، لكن فلسطين تعيش في قلبي إلى الأبد”.

هذا ما أدلت به  ملكة جمال اليونان … بلا سياسة …  ولا خوفٌ عليها ولا هم يحزنون … وكان كافيا ومعبرا , وكان له أصداء واسعة وتفاعلات إيجابية في كافة الأوساط  , ووسائل الإتصال الإجتماعي.

 منذ تلك اللحظة رحت بعيدا  في البحث عن اصولها وخلفيتها واهلها واصدقائها … ووجدت ضالتي في صديق قديم لديه كل المعلومات  التي أبحث عنها وقال لي ليس جمالها فقط هو سبب إختيارها لتكون ملكة جمال اليونان … لكن شخصيتها وثقافتها أهًلها لتكون ملكة جمال الإغريق بإمتياز . 

عند ذكر  كلمة اليونان …  أو الإغريق بالأحرى  يأتي على بالنا فورا المعني الحقيقي لكلمة “الجمال”. وذلك لأن اليونانيين القدماء كان لديهم العديد من الأسرار الجمالية المذهلة التي ساعدتهم علي التمتع بالجمال والتوهج الآثيري … مع لمسة ثقافية دائما وربما أبعد في العمق الثقافي والسياسي . وكانت الملامح الجمالية في الفكر اليوناني القديم من البدايات الأولى في القرن العاشر ق . م في قصائد شعراء الملاحم الإغريقية ( هوميروس ) وغيره حيث نقلت هذه القصائد الأساطير اليونانية بأسلوب شعري غنائي إستعراضي … وكانت تتحدث عن علاقة الآلهة بالبشر … وكيف تحكمت الأقدار بمصير الألهة والبشر , واصبحت مثل هذه القصائد هي المادة الأساسية بالإحتفالات الدينية التي كانت تقام في المدن اليونلنية في الساحل الأوروبي والساحل الأفريقي . كما إستمدت الأفكار الفلسفية الكثير من قوانينها من هذه الأساطير . 

وأصبح الجمال يقاس بالمعيار اليوناني المعروف  … وسبق أن  حصدت عارضة الأزياء بيلا حديد (  من إصول فلسطينية )  على لقب أجمل امرأة في العالم، وهي الأقرب إلى فكرة الإغريق القديمة عن الجمال المثالي وفقاً لدراسة علمية حديثة تعتمد على تطبيق نظرية القاعدة الذهبية لمقياس الجمال “فاي” اليوناني.

والشء بالشئ يذكر … وقفة سريعة في الأساطير اليونانية وما أكثرها   … كان هناك  آلهة الأولمب الإثنى عشر ( كل في إختصاصه وله ألقابه  … ) إذا صح الوصف ,  كانت إحداهما  ” إفروديتي ” ربة الحب والجمال والنشوة الجنسية. وربة الإخصاب بسائر أنواعه، وربة الحب ومسراته والزواج … مع القدرة على هدم وقتل الحب في قلوب البشر … حيث كانت الفتيات غير المتزوجات والأرامل يٌصلينَ لها لكي يحصلن على الزواج … وكان موطنها جزيرة   ( قبرص ) وما زالت الأساطير تهيمن عل هذا المكان حيث تأتي الفتيات والمحبين يغتسلون بمياه النبع ويتباركون  بها كما كانت “إفروديتي ” تفعل أو كما جاء في الاساطير …   وهي التي كانت  أيضا لها  العديد من الألقاب أو         ( المُهمات ) …  إفروديتي لم تكن إلهة الحب الجنسي فقط كرديفتها ” فينوس ” … وكانت تُدعى الإلهة الأم العظمى  وهذا قليل من الميثولجيا أو الأساطير  اليونانية .

وإذا كانت المنطقة اليوم  تعيش في أجواء ” هجمات ” دبلوماسية : تطبيع …  وجيوش …  وتجارة …  ورياضة …  كما جاء  في عنوان ( رأي القدس ) في صحيفة القدس العربي يوم 2.12.2021  أرجو أن يسمحوا لي أيضا  إضافة : “الإرتجاجات ” الجمالية في المنطقة  … والتي تحمل في طياتها الكثير من السياسة  عندما  أعلنت وزارة السياحة الإسرائيلية الثلاثاء أنّ الدولة العبرية ستستضيف للمرة الأولى في تاريخها مسابقة ملكة جمال الكون، مشيرة إلى أنّ فعاليات هذا الحدث الجمالي ستجري في ديسمبر  في مدينة إيلات الجنوبية المطلّة على البحر الأحمر يوم 12 من الشهر الجاري … وكانت الحملة الفلسطينيّة لمقاطعة إسرائيل تدعو لمقاطعة مسابقة ملكة جمال الكون في إيلات لأنّها تواطؤ مع منظومة الاستعمار والأبارتهايد وتغطية على جرائمها.

في الوقت الذي أُعلن فيه عن وصول ملكة جمال المغرب كوثر بن حليمة  إلى دولة إسرائيل ( رغم الانباء التي ترددت  عن لحقها بركب المتسابقات اللواتي أعلنّ مؤخراً تراجعهن عن المشاركة دعماً للقضية الفلسطينية، ورفضاً للممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين  ) وحدث عكس ذلك وهي    التي حظيت بإستقبال وترحيب غير مسبوق في أجواء إحتفالية ضخمة فور وصولها للمشاركة في الحدث المزمع عقده لم تكن تنقصها سوى زفة العروس :

 دقوا المزاهر يا اهل البيت تعالوا  جمع ووفق والله وصدقوا اللي قالوا.. عين الحسود فيها عود يا حلاوة …

للتذكير طالعتنا صحيفة الشرق الوسط بتصريحات   لجلالة الملك محمد السادس( 30 نوفمبر )  نذكر منها : قال وهو يدعو لإعادة بناء الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ليؤكد  إن موقف المغرب من عدالة القضية ( ليس ظرفياً أو مناسباتياً ) … وأضاف ان أي مجهود مهما خلصت النيات، لن يكتب له النجاح، إذا استمرت الإجراءات أحادية الجانب التي تدمر فرص السلام، وتذكي العنف والكراهية…

والقضية الفلسطينية التي تبقى جوهر الصراع في الشرق الأوسط … مُبرزاً أن موقف المغرب :

 «ينبع من قناعة وإيمان راسخين في وجدان المغاربة، مسنودين بجهد دبلوماسي جاد وهادف، وعمل ميداني ملموس لفائدة القضية الفلسطينية العادلة وقضية القدس … )

وفي المغرب أيضا تلاه ابن كيران، واشار  في كلمة له أمام اللجنة الوطنية للحزب (هيئة تضم مسؤولي الحزب في الجهات) بعد تصريحات محمد السادس أعلاه  إلى أنه: «لولا التهديدات الجزائرية، لما وصل التطبيع مع إسرائيل إلى ما وصل إليه»، وذلك في إشارة إلى الاتفاقات العسكرية المبرمة أخيراً بين الرباط وتل أبيب، خلال زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس للمغرب … وقال : إن حزبه لن يقف ضد الدولة المغربية في موضوع التطبيع مع إسرائيل، موضحاً: «لن نتخذ موقف إدانة دولتنا”.
وبالعودة للجَمال … فدولة الإمارات الشقيقة ايضا  اعلنت  أنها سوف  تُشارِك لأوّل مرّةٍ في  تاريخها  ( المديد … ) في مسابقة جمال الكون في إسرائيل . 
وكانتا  ملكتا جمال إندونيسيا وماليزيا قررتا الإنسحاب .  أما  ملكة جمال العراق السابقة راحت  تُدافع عن إسرائيل …( ولله في خلقه شؤون ) 

وهنا إستحضرتني قصيدة فخري البارودي يوم كُنا ننشدها في المدارس كل صباح ومطلعها : 

بلاد العرب أوطاني .. من الشام لبغداد

ومن نجد إلى يمن .. إلى مصر فتطوان

فلا حدٌّ يباعدنا.. ولا دين يفرقنا

لسان الضاد يجمعنا.. بقحطان وعدنان

لنا مدنية سلفت.. سنحييها وإن دثرت

ولو في وجهنا وقفت .. دهاة الإنس والجان

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى