#أقلام وأراء

السفير ملحم مسعود: إيرلندا … أكثر من حكاية

السفير ملحم مسعود – اليونان 17.4.2023 إيرلندا … أكثر من حكاية

 كم هي صعبة الكتابة عن إيرلندا

لا سيما تعقيدات حدودها … والإثنية والهوية … والتقسيم والتصنيف السياسي … هذا إذا فرض الطابع الديني نفسه ( بروتستنس … وكاثوليك وغيره ) أما ثقل الإرث  البريطاني الحافل ... فحدٍث ولا حرج .  

وصل الرئيس الأميركي جو بايدن إلى بلفاست من هذا الشهر   آملا المساهمة في حفظ السلام في الذكرى الخامسة والعشرين لاتفاق وضع حدا لثلاثة عقود من الصراع الدامي في ايرلندا الشماليةبعدها وصل الرئيس إلى جمهورية أيرلندا، حيث زار العاصمة دبلن ومقاطعات لاوث (شرق) ومايو (غرب) التي يتحدر منها أجداده الذين هاجروا، على غرار آخرين، في منتصف القرن التاسع عشر هرباً من المجاعةالتي شهدتها البلاد، ليستقروا أخيراً في ولاية بنسلفانيا وغيرها … والرئيس  بايدن  كاثوليكي (كمعظم أهلها  ) وثاني رئيس في الولايات المتحدة  بعد كنيدي لا غير   حتى  الآن  ….

وقبيل صعوده إلى الطائرة الرئاسية قال بايدن (80 عاما) إن الأولوية بالنسبة إليه  “حفظ السلام” ووضع حد لمأزق سياسي ناجم عن معارضة أحزاب موالية للمملكة المتحدة القواعد التجارية لمرحلة ما بعد بريكست … الخ

ألقى بايدن كلمة في دبلن يشيد فيها “بالعلاقات العميقة والتاريخية التي توحد أمتينا وشعبينا …

وفي مراجعة سريعة للتاريخ …

في العاشر من نيسان/ابريل 1998 في يوم الجمعة العظيمة في مثل هذه الأيام الذي يسبق عيد الفصح المجيد انتزع الجمهوريون المؤيدون لإعادة توحيد مقاطعتهم مع إيرلندا والوحدويونالمصرًون على البقاء داخل المملكة المتحدة، أنجزوا اتفاق سلام لم يكن متوقعا بعد مفاوضات مكثفة شاركت فيها لندن ودبلن وواشنطن الذي لا يستطيع إنكاره أنصار «بريكست » في بريطانيا، هو أن «بريكست» كان وراء الأزمة السياسية الحالية، التي يمر بها إقليم شمال آيرلندا، منذ شهر يناير كانون الثاني 2022، نتيجة استمرار «الحزب الاتحادي في رفض المشاركة في الحكومة المحلية، ما لم يحظَ الإقليم، من قبل بروكسل، بمعاملة مساوية لبقية الأقاليم البريطانية.

حلّت هذه الأيام، والحياة السياسية في الإقليم في حالة تجمّد. فلا الحكومة الجديدة باشرت مهامها، ولا البرلمان الجديد انتخب رئيساً جديداً وباشر عقد جلساته

. والأسوأاستناداً إلى معلقين سياسيين، أن قضايا خلافية عديدة كان يُظنُّ أنها اختفت من المشهد، عادت إلى الظهور مؤخراً وبقوة، مثل الحدود، الهُوّية، المواطنة، وحق تقرير المصير.

قادةُ الحزب الاتحاد الديمقراطي ما زالوا يصرّون على عدم العودة للمشاركة في الحكومة المحلية، لعدم رضاهم حتى عن التعديلات التي أُجريت مؤخراً، بين لندن وبروكسل، على بروتوكول شمال آيرلندا، في اتفاق جديد أُطلق عليه اسم «إطار ويندسور»،

لكنهم  يطالبون اليوم الحكومة البريطانية بتحقيق مزيد من التنازلات من بروكسل. ومن الواضح، يقول المعلقون، إن القيادات الاتحادية، تبحث عن أعذار لأنها تجد صعوبة في المشاركة في حكومة يقودها حزب «شين فين» الكاثوليكي الجمهوري، على اعتبار أنه كان الأكثر فوزاً بالأصوات والمقاعد البرلمانية في الانتخابات الأخيرة.

اتفاق السلام عام 1998 نجح … ، إلى حدّ كبير، في إيقاف نزيف الدم، إلا أنه فشل في لأم جرح الكراهية، أو ترسيخ مصالحة حقيقية بين الملكيين من الطائفة البروتستانتية والجمهوريين من الطائفة الكاثوليكية. والدليل أن الأسوار الفاصلة ازدادت عدداً، ليس على الأرض فقط، بل وفي القلوب كما وصفهاجمعة كليب

هذه هي حقا الكتابة عن إيرلندا …

فما بالكم عندما يكون الحال عن الشأن الفلسطيني في إيرلندا ؟؟؟

اي لماذا يدعمون الإيرلنديون الفلسطينيون وقضيتهم ؟؟؟

احتلت القضية الفلسطينية مكانا مميزا في ضمير الأيرلنديين منذ أمد طويل بما يتجاوز كثيرا الاعتبارات الجغرافية والاقتصادية أو السياسية

لم يفلح الكفاح العسكري الصهيوني ضد البريطانيين في أواخر الأربعينيات بتغيير النظرة التي ترى في إسرائيل “ ألستر يهودية موالية ” حسب السير رونالد ستورز -أول حاكم بريطاني للقدس- فعلى غرار منطقة ألستر بشمال أيرلندا التي تسعى لإبقاء أيرلندا تحت الحكم البريطاني وإعاقة القومية الأيرلندية, فقد صممت إسرائيل كي تكون حاجزا أمام القومية العربية ..

وخلال حقبة اتفاقيات أوسلو وما بعدها استمرت حكومات أيرلندا في توفير الدعم القوي وغير المحدود للقضية الفلسطينية, وفي حديث لرئيس الوزراء الأيرلندي بيرتي أهيرن أمام رابطة السياسة الخارجية في مدينة نيويورك في سبتمبر/أيلول من عام 2000 أعلن : أن البعد الأخلاقي للشؤون الدولية كان السبب الأول والرئيسي للدور الأيرلندي بدعم القضية الفلسطينية”.

كذلك الارتباط والتأييد الأيرلندي للقضية الفلسطينية استمر حتى بعد تبخر التفاؤل بحقبة أوسلو, ففي يونيو/حزيران 2003 قام بريان كوين -الذي أصبح بعد ذلك وزير خارجية أيرلندا- بزيارة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في أوج الانتفاضة الثانية حتى بعد أن رفضت إسرائيل استقبال الشخصيات الأجنبية التي تلتقي الزعيم الفلسطيني خلال زيارتها للمنطقة ..

فقد رفع نحو 12 ألفاً من الشخصيات العامة الأيرلندية ومن بينهم 52 من أعضاء البرلمان وأعضاء من البرلمان الأوروبي والشيوخ والسياسيين المستقلين عريضة إلى الحكومة تطالبها بمقاطعة إسرائيل, ومنذ ذلك الحين نفذت حملات مهمة من أجل عزل إسرائيل ونزع شرعيتها .

( مجلة فورن )

هذه هي السياسات الإيرلندية إتجاه القضية الفلسطينية … أن المنظمات غير الحكومية الأيرلندية استمرت في العمل بنشاط لترجمة الدعم العام الأيرلندي للفلسطينيين إلى أعمالويمكن لأيرلندا أن تدعي أنها أكثر العناصر المنظمة الفاعلة في الحملة الدولية للتضامن مع الفلسطينيين ..

رفع علم فلسطين فوق بلدية دبلن في أيرلندا في ٢٠١٧م

فقد رفع نحو 12 ألفاً من الشخصيات العامة الأيرلندية ومن بينهم 52 من أعضاء البرلمان وأعضاء من البرلمان الأوروبي والشيوخ والسياسيين المستقلين عريضة إلى الحكومة تطالبها بمقاطعة إسرائيل, ومنذ ذلك الحين نفذت حملات مهمة من أجل إسرائيل ونزع شرعيتها

هذا قليل من كثير.

كم هو  الود مفقود بين الإنجليز والإيرلنديين وتراه في حياتهم اليومية … وهذا مثال بسيط ليس من الفكاهةلكن من واقع حياتهم …

في محال لبيع بعض التحف وأشياء للذكرى من هذا البلد الجميل :

سال سائح ما هذه الصورة التي أراها بكثرة ؟؟؟

قال البائع إنها صورة الباخرة  ( تيتانيك ) … تيتانيك نحن صنعناها في إيرلندا والكابتن الإنجليزي أغرقها   … “

السفينة تيتانيك
السفينة تيتانيك

 

أخيرا … كراهية الإنجليز على الإيرلنديين إنصبت على علاقاتهم مع الفلسطينيين  

مثالا على ذلك …  كان العبد الفقير  إلى الله عائدا من أمريكا اللاتينية برفقة الأب المناضل إبراهيم عياد  وإفترقنا في مطار لندن … ذهب أبونا إلى  إسبانيا …  وكان هناك من ينتظرني

لتبدأ التحقيقات وتبدأ توجيهات التهم … أولها تهريب أسلحة للأرلنديين الخ . 

وكانت ردة فعل القيادة الفلسطينية وخصوصا ياسر عرفات تعليقا عل تصريحات تاتشر باننا سوف نرسل اسلحة إلى إيرلندا ونعرف ذلك ...
كانت ردة فعل تاتشر التسريع بالإفراج عن العبد الفقير وترقيع مواقفها، عندها نشرت صحيقة (الحياة )  … في عددها الصادر يوم الثالث من يناير 2010 بقلم  ( كمال الطويل ) مقالا بعد 30 عاما  عن الحادث تحت عنوان : “ أزمة بين لندن ومنظمة التحرير بعد اعتقال مسؤول في «فتح» بتهمة تهريب أسلحة إلى متمردي إيرلندا”.

وللحديث بقية

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى