ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – بقلم  مئير  بن شبات – تحديات 2022

اسرائيل اليوم – بقلم  مئير  بن شبات – باحث كبير في معهد بحوث الامن القومي – مستشار الامن القومي ورئيس هيئة الامن القومي  2017 – 2021.-   16/12/2021

” بانتظار دولة اسرائيل عام غير بسيط. وضعها الاستراتيجي جيد ولكنه هش، وكثير التحديات. وضمن المهام: منع النووي عن ايران ودحرها عن سوريا “.

الوضع الاستراتيجي لاسرائيل عشية حلول السنة المدنية الجديدة جيد، ولكنه هش وكثير التحديات. “جيد” – لانه رغم احداث السنة الماضية، تنهي اسرائيل العام 2021 بينما مكانتها الاقتصادية متينة،  اقتصادها قوي ومستقر، قوتها العسكرية غير موضع شك وهي تواصل التمتع بثمار انجازاتها السياسية من صورة قوتها الامنية الشاملة، من مزاياها كامة استحداث وحداثة تكنولوجية. 

“هش” – في ضوء العدد الكبير من المسائل القابلة للانفجار، العلاقة بين هذه المسائل والاثار العربية لكل واحدة منها. بالطبع، على رأسها جميعها، مسألة النووي الايراني: الاقتراب من نقطة الحسم والتوتر المتزايد حولها، في الملعب السياسي ولا سيما الامني.

“كثيرة التحديات” – هذا الوصف، الذي يتميز به بشكل ثابت وضع اسرائيل العام، ينطوي هذه المرة ايضا على الصعوبة للتصرف وفقا لمباديء التفضيل التي وجهت الخطى في الماضي، عقب الحاجة للتصرف برقة  وبتركيز زائد، من المستوى الاستراتيجي وحتى المستوى العملي. تحدٍ بحد ذاته هو اتخاذ القرارات بالنسبة لبعض من المسائل في اطار المنظومة الاسرائيلية، في ضوء خلافات الرأي حول طاولة المباحثات. 

تراص المجتمع في اسرائيل هو شرط ضروري لمناعتها القومية. الامر صحيح في كل وقت، فما بالك بالاختبارات التي من شأن الواقع السياسي الامني ان يستدعيها لنا. التوتر في العلاقات التي بين العرب واليهود في المدن المختلطة منذ احداث حارس الاسوار، واحساس الاحباط والهبوط في الامن الشخصي في ضوء ضعف الحوكمة وتعاظم الجريمة الشديدة في الوسط العربي خلق شروخ جديدة وعمق تلك السابقة – من نتاج الاستقطاب الداخلي. صورة الوضع في هذا الموضوع تستوجب تغييرا في النهج ووضع المعالجة لذلك ضمن الاهداف الاولى للحكومة في السنة القادمة. 

تهديد وجودي لاسرائيل

ما هي الغاية؟ الى اين ينبغي توجيه الجهود؟ 

أولا – تثبيت دولة اسرائيل كدولة يهودية، ديمقراطية، قوية، آمنة ومزدهرة. هذا هو الهدف الاسمى الذي ينبغي ان يوجه جهود الدولة، ويشكل بوصلة لتحديد اهداف ملموسة بشأن تخطيطها وتنفيذها، في كل المجالات. تعكس هذه الصيغة رغبة للالتصاق قدر الامكان بالمستوى العملي ولكنه لا يستبعد البحث الهام واللازم دائما في المسائل الكبرى: الهوية، الغاية والرؤيا. 

ثانيا – منع تحول ايران لدولة حافة نووية. كما أسلفنا، في رأس تحديات اسرائيل مع حلول العام 2022 يوجد الجهد لمنع تحول ايران لدولة نووية، او لدولة حافة. وبالتعريف البسيط، فان “دولة حافة” هي دولة يوجد لها تكنولوجيا وقدرة عملية لبناء سلاح نووي، لكنها لم تنفذ ذلك بعد.

لماذا يعد البرنامج النووي هاما لايران لدرجة الاستعداد للمخاطر بدفع اثمان باهظة لا تحتمل؟ يمكن ايجاز الجواب بكلمتين: البقاء والرؤيا.

تسعى ايران الى سلاح نووي كي تضمن نظام آيات الله في وجه تدخل عسكري خارجي لاسقاطه. بقاء النظام هو الضمانة لئلا تكون الثورة الاسلامية في الرؤية التاريخية مثابة لحظة عابرة. بقاء النظام هو ايضا  الاداة الاساس لتحقيق رؤياه الطموحة. 

السلاح النووي، او حتى مكانة دولة حافة، يمكنهما أن يسمحا لايران بحرية عمل في خطواتها التآمرية وفي برامجها لتثبيت هيمنة ايرانية في المنطقة. يمكنها أن تستخدم قوات تابعة برعاية الردع الهام  الذي سيضاف اليها وستتمتع بمكانة عالمية محسنة ومن زيادة قدرة المساومة لديها في مسائل مختلفة. وجود سلاح نووي في يد ايران هو تهديد وجودي لاسرائيل.

لا ينبغي القبول كفرضية في أنه في زمن وفي كل سيناريو ستتصرف ايران بشكل عقلاني. وان تمنعها اعتبارات الربح والخسارة دوما من أن تضرب اسرائيل ضربة مباشرة. فتشبيه اسرائيل بالورم السرطاني وتهديدات متواترة لابادتها تعكس نمطا وموقفا عميقا تجاهها. 

لا حاجة للخيال منفلت العقال كي نرسم سيناريو يخلق فيه اضطراب داخلي شديد في ايران يؤدي بالقيادة الى التقدير بان النظام قريب من نهايته، اغراء، قبل لحظة من السقوط، لاستخدام السلاح النووي الذي تحت تصرفه، مثابة “علي وعلى عدوي الشيطان الصغير يا رب”.

ولكن حتى بدون السيناريو المهدد المتمثل بالقاء قنبلة، فان التهديد لاسرائيل لا يطاق.  فمكانة دولة نووية ستسمح لايران بتحريك قواتها التابعة لتنفيذ هجمات تقليدية مكثفة ضد خصومها دون ان تخشى من رد عسكري عليها. يمكن لايران أن تنظر من الجانب بأمان، وان ترى فروعها يناوشون خصومها بنار مستمرة بالاف الصواريخ. يمكن للامور ان تكون صحيحة بالنسبة لحزب الله،  للحوثيين وللميليشيات المختلفة المدعومة من ايران. 

كما ان تحول ايران الى دولة نووية او الى دولة حافة سيؤدي الى سباق تسلح نووي في المنطقة كلها. مصر، السعودية، تركيا ودول اخرى لم تقف جانبا. يقصر اليراع عن وصف عرض تداعيات مثل هذه المسيرة. الهدوء والاستقرار لن يكونا في القائمة. 

وبالتالي، لا ينبغي الموافقة على نهج  مستعد لان يحتوي ايران نووية. على اسرائيل  أن تصر على مطلبها بخطوات  تمنع عن ايران ان تكون دولة حافة نووية. 

الضغط لا يزال فاعلا

الاتفاق هو وسيلة، وليس غاية! هو ذو صلة فقط اذا ما تضمن تعهدات، خطوات وآليات تضمن تحقيق الغاية. والا فانه يشبه الدواء غير الملائم للمرض: ندفع عليه ثمنا، يزرع أملا عابثا بالشفاء،  ويعطي جهودا لايجاد بدائل، وفي نهاية المطاف – تتواصل المعاناة، سواء من المرض ام من الاعراض الجانبية.

ليس لايران ما يدعوها الى الاسراع للوصول الى اتفاقات ولا سيما ليس للقيود والخطوات الجوهرية من النوع المطلوب. خيار عسكري مصداق وضغط اقتصادي شديد يمكنهما أن يكونا حجة مقنعة. من الصعب ايجاد مثال على برنامج نووي لدولة تم تفكيكه دون ضغط او اكراه. 

صحيح، لم يؤدِ الضغط حتى الان بايران الى نقطة انكسار، ولكن ليس في هذا ما يشهد على نجاعته. فالوسائل التي استخدمت لم تستنفد، وامكانية تغيير الحكم في الولايات المتحدة أنارت للايرانيين الافق وزرعت فيهم الامل. وبالذات على هذه الخلفية، فان اداة العقوبات في يد ادارة بايدن يمكنها أن تكون رافعة اقوى مما كانت في الادارة السابقة لانها ستلقى اقتصادا ايرانيا مرضوضا، وفي ضوء التأثير المعنوي الذي سيكون لها على سبيل اغلاق فتحة الامل. 

ان الحوار بين اسرائيل والولايات المتحدة يجب أن يستمر، في كل القنوات، في كل المواضيع وبالنسبة لكل السيناريوهات، للمدى الفوري وللمديات الاطول. والى ذلك على اسرائيل  أن تبقي حرية عملها وحرية الاعراب عن موقفها. والنقاش في المسائل العملياتية يجب أن يجرى في المنتديات الداخلية المناسبة. ليس صحيحا  خوضه في وسائل الاعلام. ليس صحيحا  التطوع بالمعلومات لاعدائنا. 

ابعاد قوى محور الشر

تحد اضافي في مستهل العام 2022 هو دحر ايران عن سوريا.  

ان المعركة السياسية – الامنية لمنع تموضع ايران حققت نتائج. دون التخلي عنها، ينبغي تقدير الاحتمالات لتسوية سياسية، تؤدي الى الابعاد المطلق لقوى المحور الشيعي عن هذه الدولة.  تسوية كهذه يجب أن تمر عبر اتفاق امريكي – روسي، تنضم اليها الدول السنية وتركيا. على خلفية التوتر في العلاقات الامريكية – الروسية يبدو أن سوريا بالذات يمكنها أن توفر لهما فرصة  لتحقيق  انجاز مشترك: حل دبلوماسي لنزاع معقد ومضرج بالدماء. ماذا تتضمن التسوية؟ رؤية اسرائيل في قلب التسوية، التزام باخراج القوات الاجنبية التي دخلت سوريا بعد 2011 (تعريف يتضمن ايران وفروعها)، آليات رقابة واشراف على المعابر والحدود، منع تموضع محافل ارهاب اسلامية والحفاظ على اتفاقات الفصل من العام 1974.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى