ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم– بقلم ايال زيسر – هكذا لم تقم الدولة الفلسطينية

اسرائيل اليوم– بقلم  ايال زيسر  – 9/12/2019

إن الاعتراف التاريخي الذي منحته ادارة الرئيس ترامب للمشروع الاستيطاني الاسرائيلي في يهودا والسامرة هو مسمار آخر وربما أخير في نعش فكرة الدولة الفلسطينية.

لقد كان في اسرائيل من سعى الى التشكيك بالدوافع وبالاساس الاستخفاف بمعنى اعلان وزير الخارجية مايك بومبيو في أن يهودا والسامرة ليستا أرضا محتلة وبالتالي فان البلدات الاسرائيلية التي اقيمت فيها لا تنتهك القانون الدولي. ولكن بقيت على حالها حقيقة ان الولايات المتحدة، القوة العالمية التي تحوز المفتاح لكل خطوة في الساحة الدولية وبالتأكيد الساحة الاقليمية، سحبت دفعة واحدة البساط من تحت محاولة الفلسطينيين بعيدة السنين، بمساعدة الكثير من دول العالم، اجبار اسرائيل على الاستجابة للمطلب الفلسطيني بالانسحاب الى حدود 1967 والسماح باقامة دولة فلسطينية.

مثلما في قرار الادارة الامريكية الاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل لم تسعى الى أن تفرض أو تخلق واقعا من العدم، بل اعترفت بالاجمال بالواقع القائم على الارض، وبتعبير آخر اعترفت بان المشروع الاستيطاني الاسرائيلي اجتاز منذ زمن بعيد نقطة اللاعودة. اما حقيقة أن تصريح بومبيو استقبل بالصمت وفي اقصى الاحوال بشجب هزيل من جانب “المشبوهين المعتادين”، وعلى رأسهم الفلسطينيون، الدول العربية وبضع دول اوروبية، فتدل على أنه في العالم ايضا بات الكثيرون يسلمون بحقيقة أن حل الدولتين موضع شك ويحتمل أن يكون اصبح غير واقعي.

قبل ربع قرن فقط، مع التوقيع على اتفاق اوسلو، كان الفلسطينيون قريبون مسافة لمسة من اقامة دولة في معظم ان لم يكن في كل الارض التي سيطرت عليها اسرائيل في حرب الايام الستة. غير أنه في لحظة الحقيقة اختاروا العنف كي يصلوا الى الخط النهائي، وهذا الطريق اعادهم الى الوراء مسافة سنوات جيل. اما اليوم فتوجد الحركة الوطنية الفلسطينية في احدى الازمات الاشد التي شهدتها، وليس في يديها جواب على التحدي الذي تقف امامه، وعلى أي حال ايضا ليس الجواب على قرار الولايات المتحدة مثلما على اجراءات اسرائيل ايضا.

ولكن التحدي الذي تقف امامه الحركة الفلسطينية لا يوجد بالضرورة في اروقة الامم المتحدة او في واشنطن بل بالذات في اوساط الجمهور الفلسطيني نفسه. فالشباب الفلسطيني وان كانوا يواصلون الاعراب عن التزامهم التام بفكرة الدولة الفلسطينية، الا انهم يصوتون بالارجل في صالح الاندماج في دولة اسرائيل. هكذا في شرقي القدس حيث يسعى الجميع الى الاندماج في نسيج الحياة الاسرائيلية بل وفي المستقبل سيطلبون المواطنة الاسرائيلية، وكذا ايضا في اجزاء اخرى من يهودا والسامرة.

ظاهرا، يدور الحديث عن انجاز اسرائيلي من الدرجة الاولى، وعلى الاقل من زاوية نظر الحكومة الحالية. ولكن ينبغي الاعتراف بان هذا الواقع يضع تحديا حقيقيا أمام اسرائيل. فحتى اليوم عارض الكثيرون في اسرائيل، في الحكومة وفي الجمهور فكرة اقامة دولة فلسطينية، ولكنهم امتنعوا في نفس الوقت عن عرض فكرة بديلة لفكرة الدولتين وفضلوا تأجيل كل بحث في المسألة الى المستقبل البعيد، هذا اذا كان البحث واردا على الاطلاق.

غير أن المستقبل بات هنا. في ضوء انهيار فكرة الدولة الفلسطينية، على اسرائيل ان تصحو وان تبلور سياسة تسمح لها بمواصلة الحفاظ على هويتها كدولة يهودية وديمقراطية. بعد كل شيء، لن يبعد اليوم الذي تطرح فيها الجماعة الاهلية الفلسطينية، ولكن قبل ذلك ايضا الفلسطينيون انفسهم، مطلب حل الدولة الواحدة. وفي واقع الامر، حتى بدون مثل هذا المطلب، تصبح هذه الفكرة رويدا رويدا حقيقة على الارض. على اسرائيل ملقي الواجب في البحث عن حل ابداعي لهذا الواقع الجديد، واذا ما انطلقنا الى انتخابات جديدة، من الافضل أن تكون هذه المسألة ايضا على جدول اعمال المرشحين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى