ترجمات عبرية

إٍسرائيل اليوم: ما الذي يجب البحث عنه بالضبط في ليبيا؟

إٍسرائيل اليوم 3-9-2023، بقلم ايال زيسر: ما الذي يجب البحث عنه بالضبط في ليبيا؟

مهزلة “لقاء القمة” بين وزير الخارجية (لأربعة أشهر أخرى…) ونظيرته من ليبيا، التي اضطرت إلى الفرار للنجاة بروحها عقب اللقاء والبحث عن مأوى خارج بلادها، ستنسى في الأيام القريبة القادمة. فبعد كل شيء، لنا أمور أهم وأكثر حقيقية لننشغل بها من التبليغ عن لقاء عديم الأهمية تسرب أو سربه أحد ما كان يمكنه أن يضبط نفسه وكان ملزماً، على أفضل التقاليد الإسرائيلية، “أن يركض ويروي للرفاق”.

لولا التسريب وما عقبه لشككنا بأن هناك دولة تسمى ليبيا، وأن لها حكومة، حتى وإن كانت هذه تفتقد السيطرة على معظم أراضي الدولة. لشدة الأسف، لولا التسريب لشككنا أيضاً بأن لإسرائيل وزارة خارجية تؤدي مهامها بشكل جزئي ومتعثر.

ثمة سبب وجيه يجعل إدارة العلاقات السرية بين دولة إسرائيل ودول عربية وإسلامية، بعضها دول معادية، تؤتمن في أيدي رجال الموساد الذين هم موجودون ضمن مسؤولية ديوان رئيس الوزراء. يمكن التعويل على هؤلاء بأن يبدوا ضبطاً للنفس ويحفظوا السر.

لكن فضلاً عن الحرج الذي لا بد سينقضي، بل وفضلاً عن الضرر الذي لحق بصورة دولة إسرائيل التي كمن تعرض للخطر حياة أولئك الذين هم مستعدون للحديث معها والتعاون معها، تنشأ بضعة استنتاجات واجبة عن الحدث.

حان الوقت، بعد 75 سنة استقلال، وبعد أن تحولت إسرائيل إلى قوة إقليمية عظمى يدق الجميع بابها، دولة تثق بنفسها، قوية ومزدهرة، لها علاقات متينة مع معظم دول العالم – للتوقف عن التصرف كفقراء على الأبواب وكأننا “عشيقة في التلة”، كل من يقيم معها علاقات يخجل بها، وينفي أمر وجودها.

ما كان صحيحاً في السنوات الأولى من وجود إسرائيل، حين غازلنا يأس كل زعيم أو مسؤول عربي، كان مستعداً للالتقاء بها أو يتلقى رسائل منا عبر طرف ثالث، وحين كنا مستعدين لتحمل المذلة التي في نفي العلاقات معنا وكأننا دولة منبوذة – لا ينبغي أن يكون هذا هو نمط عملنا اليوم، في العقد الثاني من القرن الـ 21.

إذا كانت جملة الخرق عديمة القيمة إياها، التي تسمي نفسها حكومة ليبيا ولا تسيطر في بلادها بل ولا تتمتع بالاعتراف والشرعية في أرجاء العالم، لا تريد العلاقات معنا أو تخجل بها… فلتتفضل لتبحث عن أصدقاء لها في مكان آخر. ما كسبه الليبيون بعلاقاتهم معنا أكثر من مصلحة إسرائيل في ربط نفسها بليبيا، الدولة الممزقة والمدمرة والتي لا تزال غارقة في حرب أهلية، مضرجة بالدماء.

ينبغي لإسرائيل أن تقيم علاقات سرية بما في ذلك مع دول معادية، شريطة أن تخدم مصالحها السياسية والأمنية، أما الاتصالات الدبلوماسية الرسمية والملزمة فهي موضوع آخر تماماً.

حان الآن للكف عن الركض وراء آخرين، بل علينا أن نتعاطى مع أنفسنا بقدر أكبر من الاحترام، ونطالب من يتحدث معنا أن يحترمنا، وبخاصة في ضوء حقيقة أن مسيرة السلام والتطبيع في علاقاتنا مع العالم العربي اجتازت نقطة اللاعودة. بعد كل شيء، معظم الدول العربية وبالتأكيد تلك الجديرة بلقب الدولة – بمعنى دولة تؤدي مهامها تسيطر فيها أنظمة مستقرة – معظم هذه الدول تقيم علاقات مع إسرائيل الآن.

ولمن كان يحتاج إلى دليل، فها هي وبالتوازي مع العقدة الليبية، هبطت طائرة كان معظم مسافريها مواطنين إسرائيليين، هبوطاً اضطرارياً في جدة بالسعودية. وفي ليبيا سبق أن كان الرعاع يقتحمون المطار للتفظيع بالإسرائيليين، لكن السعودية استقبلتهم ببشاشة ونالوا عناية سريعة وموضوعية. جدة وليس ليبيا، تشكل الاتجاه الذي يسير إليه العالم العربي في علاقاته مع إسرائيل. وكما أسلفنا، هذه رحلة لم يعد ممكناً وقفها. وفي هذه المناسبة، لعل الوقت حان لإعادة بناء وزارة الخارجية وإعادتها إلى عهدها العظيم الذي عرفته في السنوات الأولى لنشوء الدولة حين شكلت مصدراً مركزياً ورائداً في تصميم منظومة العلاقات الخارجية لإسرائيل وعلاقاتها مع جيرانها العرب.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى