ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: مخاطر الاتفاق الإسرائيلي والبدائل المحتملة وسبل التعامل مع التهديد الجديد

إسرائيل اليوم 4-9-2023، بقلم يوآف ليمور: مخاطر الاتفاق الإسرائيلي والبدائل المحتملة وسبل التعامل مع التهديد الجديد

التطبيع مع السعودية يضع إسرائيل في إحدى المعاضل الأكثر تعقيداً في تاريخها؛ فمن جهة، هناك إمكانية لتطبيع العلاقات مع أكبر وأهم الدول العربية والإسلامية ولاحقاً مع سلسلة دول أخرى أيضاً؛ ومن جهة أخرى، ثمة تنازلات واسعة في مسائل هي في لباب الأمن القومي الإسرائيلي، بما في ذلك تلك التي قد تحدث تغييرات تكتونية في المنطقة.

لا حاجة لمزيد من الحديث عن الجانب الإيجابي؛ فالسعودية هي الجائزة الكبرى: سياسياً وأمنياً وأساساً اقتصادياً. الاتفاق معها سيفتح مساراً للاقتصاد الأكبر في المنطقة، وإلى مصالحة تاريخية مع الإسلام. كما أنه سيبني محوراً أمنياً – سياسياً مستقراً ستكون إسرائيل في مركزه تجاه التهديد الإيراني، ويدحر المسالة الفلسطينية أو على الأقل يساعد على إعادة ترتيبها بموافقة كل الأطراف.

هذه الفضائل مهمة، لكن لا يمكن تجاهل النواقص التي تعقبها. فقد طرح السعوديون على الأمريكيين قائمة مطالب طموحة وعلى رأسها ثلاثة أمور: حلف دفاع، ومشتريات مكثفة للأسلحة وقدرات عسكرية وتكنولوجية متطورة، وبرنامج نووي مدني يتضمن تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية.

المطلب السعودي الأول جيد لإسرائيل وللشرق الأوسط. مشكوك أن تحصل السعودية على كامل مطالبها (حلف مشابه للناتو)، وربما تضطر للاكتفاء بأقل (“شراكة أمنية مركزية” مثل المكانة التي أعطيت للهند) وربما أيضاً أقل بكثير. لكن وجود مثل هذا الاتفاق سيزيد التدخل الأمريكي في المنطقة بشكل قد يردع ويلجم الجهات السلبية.

المطلب السعودي الثاني إشكالي جداً من ناحية إسرائيل؛ فأسلحة ومنظومات سلاح متطورة، بما في ذلك التكنولوجيا العليا، ستضع السعودية في المقدمة العسكرية – التكنولوجية في المنطقة كتفاً إلى كتف مع إسرائيل. وما دامت السعودية في المعسكر سوية العقل، فليس في ذلك تهديد ظاهر، لكن ماذا سيحصل إذا ما وقع فيها انقلاب أو إذا ما تضرر ولي العهد الذي يقود الإصلاحات؟

هل سيبقى التفوق العسكري؟

لهذا السبب يحرص الأمريكيون على إبقاء التفوق العسكري النوعي لإسرائيل. يجري الأمر تحت قانون كونغرس، وإسرائيل ستطالب بالحصول الآن على امتيازات واسعة كي تتمكن من التعايش مع المطالب السعودية. يعد جهاز الأمن هذه القائمة، لكن على إسرائيل أن تتأكد من أنها ستقدم لها (على الأقل توعد بها وتتقرر) قبل تثبيت الاتفاق مع السعودية.

المطلب السعودي الثالث هو الأكثر إشكالية. ظاهراً، يدور الحديث عن برنامج مدني يستهدف الإبقاء على السعودية كقوة عظمى للطاقة العالمية حتى في عصر ما بعد النفط، لكن قد يتحول بسهولة وفي غضون وقت قصير لأغراض عسكرية. طرح السعوديون بضعة حلول ممكنة لإرضاء الموردين، وعلى رأسه الاقتراح بإقامة شركة أمريكية سعودية تتحكم بعملية التخصيب وتتأكد من أنها لا تنفذ إلا لاستخدام مدني. مثل هذا الحل لن يكون جيداً إلا إذا ما تبقى، لكن ماذا يحصل إذا ما سيطرت قوى معادية على الحكم في السعودية أو إذا ما قررت ذات يوم تأمين الشركة (مثلما فعلت مع شركة النفط القومية لديها (أرامكو)؟

يدعي مؤيدو الصفقة بأنه إذا لم تورد الولايات المتحدة للسعودية قدرة على تخصيب اليورانيوم، فستفعل ذلك الصين أو فرنسا. هذه حجة ضعيفة، لا لأن الدولتين امتنعتا عن ذلك حتى اليوم؛ فمشكوك أن تسيرا نحو خطوة بعيدة الأثر بهذا القدر ضد السياسة الأمريكية وبشكل يضعهما تحت عقوبات من جهتها، ومشكوك أن تفعل السعودية ذلك لأن كل هدفها هو الدخول هذه المسيرة تحت المظلة الأمريكية.

ثمة تعليل آخر يطرحه مؤيدو الصفقة، وهو حقيقة أن الإمارات تحوز برنامجاً نووياً مدنياً. غير أن الإماراتيين يفعلون هذا بعد أن وقعوا على البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يحظر معالجة البلوتونيوم وتخصيب اليورانيوم، وهم يعملون تحت رقابة وثيقة فيما قسم من السياقات ينفذ في دول أخرى.

وللانتقال إلى المسار العسكري، فالمطلوب زمن ومقدرات ومنشآت تتيح للدول الغربية ما يكفي من الفرص لوقف المسيرة.

الخبراء متشككون

أما السعوديون بالمقابل، فسيعطى لهم استقلال كامل؛ وهو أمر سيفتح بالضرورة سباقاً إقليمياً عندما تطالب دول أخرى – من تركيا ومصر وحتى العراق والأردن – لنفسها قدرات تخصيب مستقلة مشابهة. ونتيجة لذلك، سيتضعضع استقرار المنطقة، وستحوز جملة جهات مفتاح الانطلاق المحتمل لقدرات التخصيب العسكري.

بالنسبة لإسرائيل، قد يكون هذا كارثة حقيقية تتناقض تناقضاً مطلقاً مع سياستها المعلنة؛ ألا تسمح لأي جهة في المنطقة الحصول على قدرة نووية عسكرية.

في مقابلة منحها قبل أسبوعين في واشنطن، قال الوزير رون ديرمر إن إسرائيل لا تستبعد نووياً مدنياً في السعودية رغم عدم اتخاذ القرار في الموضوع بعد. تجرى في الأشهر الأخيرة مداولات مشاركة مجموعة ضيقة من كبار المسؤولين الذين يبحثون في الموضوع تحت التوجه للبحث عن حلول تتيح لإسرائيل التعايش معه بسلام.

ولكن ثمة شكوك من توفر ابتكار كهذا. فمحظور على إسرائيل أن تجمل الواقع، وعليها أن تسأل نفسها باستقامة فيما إذا كانت فضائل الاتفاق مع السعودية توازي نواقصه. الجواب واضح: أفضل الخبراء يعتقدون أن لا، وخصوصاً بسبب المسألة النووية.

يبدو أن بنيامين نتنياهو يعتقد خلاف ذلك. هذا مدهش، لا لأنه كرس العقود الأخيرة للصراع ضد النووي الإيراني، بل لأنه حذر قبل سنة فقط من على كل منصة ممكنة من اتفاق الغاز مع لبنان، وقضى بأنه خطر أمني على إسرائيل. أما الآن فيقف خطر أكبر على جدول الأعمال بعدة إضعاف الحسم فيه في أي تجاه كان سيصمم وجه المنطقة لسنوات عديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى