ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: كرة ثلج خطيرة قد تتدحرج من لاهاي

إسرائيل اليوم 2024-01-09، بقلم: يوآف ليمور: كرة ثلج خطيرة قد تتدحرج من لاهاي

إن القرار بإرسال أهارون باراك للبحث في محكمة العدل الدولية ليس أقل من دراما. فهو يدل على أن حكومة إسرائيل توجد في مشكلة قانونية وإعلامية خطيرة للغاية لدرجة أنها مستعدة لأن تطلب ممن استهدفته كأحد عظماء خصومها أن يمثلها في البحث إياه.

البحث نفسه، الذي سيجرى يومي الخميس والجمعة من هذا الأسبوع استمراراً للالتماس الذي رفعته جنوب إفريقيا، هو بحث ذو مغزى كما ينعكس في البحث الجماهيري في إسرائيل.

عملياً، يحتمل أن يكون هو البحث الأخطر الذي تصدت له إسرائيل منذ الأزل.

وهو يجري في محكمة العدل الدولية في لاهاي (وليس في محكمة الجنايات)، استناداً إلى ميثاق منع الإبادة الجماعية من العام 1948.

إسرائيل موقعة بالطبع على هذا الميثاق، الذي تعود جذوره إلى الحرب العالمية الثانية والكارثة، كما أنها موقعة على المادة التي تسمح لكل دولة بأن ترفع دعوى حتى لو لم تكن طرفاً مباشراً في النزاع – مثلما فعلت جنوب إفريقيا الآن.

هذا أيضاً هو السبب الذي جعل إسرائيل تشارك في البحث ولا تقاطعه، مثلما درجت في الماضي في ما يتعلق بالمداولات في محكمة الجنايات.

إخراج المدافع الثقيلة

تبحث المحكمة في الالتماسات في هيئة كاملة من 15 قاضياً من كل العالم. وتتواصل المداولات نفسها لسنوات، لكن جنوب إفريقيا طلبت أيضاً إغاثة مؤقتة – أمراً احترازياً يأمر إسرائيل بوقف القتال فوراً. احتمال هذا ليس واضحاً، ويمكن للمحكمة أيضاً أن تصدر مرسوماً «نحيفاً» أكثر يأمر إسرائيل بوقف الأعمال التي تعرض للخطر مدنيين ومعناه العملي مشابه.

لمثل هذا الأمر لا يوجد معنى مباشر، لكن استمراراً له ستكون دول تطلب من مجلس الأمن أن يفرض على إسرائيل عقوبات عسكرية واقتصادية.

معقول أيضاً أن ترى فيه دول ومنظمات مختلفة تأكيداً على أن إسرائيل تنفذ إبادة جماعية بحق الفلسطينيين كي توقف اتصالات سياسية واقتصادية معها.

هذه كرة ثلج خطيرة لا بد سيستغلها أعداء إسرائيل، في الوسائط الإعلامية المختلفة وفي الجامعات لخلق رأي عام مناهض لإسرائيل.

يوجد تخوف حقيقي من أن يكون من شأن مثل هذا الضغط أن يؤثر حتى على الإدارة الإميركية ضمن أمور أخرى بتقييد بيع وسائل قتالية لإسرائيل، ومن شأنه أن يؤدي أيضاً إلى تحقيق في محكمة الجنايات في لاهاي في ختامه يتقرر رفع دعاوى بحق سياسيين وضباط إسرائيليين كانوا مشاركين في القتال.

لقد عرض هذا التحليل في الأيام الأخيرة أفضل الخبراء في البلاد على القيادة السياسية – الأمنية وإلى جانب ذلك توصية واضحة: أن ترسل إلى لاهاي المدافع الأثقل. إلى جانب استئجار المحامي اليهودي البريطاني البروفسور مالكولم شو ليمثل إسرائيل في البحث، تقرر إرسال قاضٍ ليجلس في هيئة القضاة، وذلك وفقاً للنظام الذي يسمح للدولة موضع الدعوى (وكذا للدولة المدعية) للمشاركة في الهيئة من قبل قاضٍ من قبلها.

اختيار ناجح

اختيار باراك ناجح لثلاثة أسباب. الأول، لأنه رجل قضاء رفيع المستوى سيعرف كيف يمثل إسرائيل بشكل أفضل من أي شخص آخر. الثاني، لأنه يحظى بالاعتبار والاحترام في منظومة القضاء الدولية أكثر من أي إسرائيلي آخر. والثالث، لأن بالذات خلافه العميق مع الحكومة ومع رئيسها يدل على أن الحديث يدور عن موضوع عموم إسرائيلي لا ينتمي لمثل هذه الحكومة أو غيرها.

التحدي لباراك لن يكون بسيطاً. في جنوب إفريقيا أعدت دعوى جدية، تستند ضمن أمور أخرى إلى جملة تصريحات لشخصيات عامة إسرائيلية دعت لإبادة/هدم/قصف/تهجير غزة.

إسرائيل ستدعي أن هذه الأقوال لا تمثل موقفها الرسمي، لكنها ستكون مطالبة بأكثر من هذا: بإيضاحات واضحة مثلاً من جانب رئيس الوزراء بأن السياسة المقترحة من الوزيرين سموتريتش وبن غفير بتهجير مواطني غزة ليست بناء على رأيه وعلى رأي الحكومة، مثلما تطالب الولايات المتحدة، التي تستعين بها إسرائيل الآن في الجهد الجبار لكبح قرار محتمل من المحكمة ضدها.

إن لاختيار أهرون باراك يوجد بالطبع جانب آخر أيضاً. ليس هناك من هو عانى مثله من هجمات تامة وممنهجة من أعضاء حكومة وأعضاء كنيست ومن آلة سم كاملة عملت بتكليف منهم، بمن في ذلك صحافيون كثيرون.

مشكوك أن يكون هناك أحد ما جرى التهجم عليه بشدة وبفظاظة كهذه مثل باراك (باستثناء ربما الباراك الثاني، إيهود)، في محاولة لشرعنة التشريع القضائي الذي مزق إسرائيل في السنة الأخيرة.

باراك هو من عظماء المدافعين عن جهاز الأمن الإسرائيلي ومن وقع على جملة قرارات محكمة شرعنت إجراءات أمنية كانت موضع خلاف.

في العالم سليم النظام، من خرجوا ضده – وعلى رأسهم بنيامين نتنياهو، يريف لفين، سمحا روتمان وآخرون – كانوا سيطلبون بالتأكيد المغفرة، لكن للأسف أن يعرفوا كيف يقدموا الشكر ليهودي مسن ناج من الكارثة هو نفسه وضع كل شيء جانبا وسيخرج هذا الأسبوع إلى لاهاي كي يدافع عن بلاده ضد أعدائها.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى