ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: الصفقة المصيدة

إسرائيل اليوم 2024-01-31، بقلم: يوآف ليمور: الصفقة المصيدة

صفقة المخطوفين التي تلوح في الأفق ستثير خلافاً سياسياً عميقاً. فإسرائيل مطالبة بأن تدفع فيها أثماناً باهظة، ولن تعيد الى الديار كل المخطوفين.

تتضمن الصفقة المقترحة تحرير عشرات المخطوفين – نساء، كباراً في السن ومرضى. بالمقابل ستكون إسرائيل مطالبة بان تحرر آلاف السجناء الفلسطينيين (حسب مفتاح 100 سجين لكل مخطوف)، وان توافق على وقف نار طويل يمتد بالتراكم لنحو شهر ونصف والزيادة الكبيرة للمساعدات الإنسانية التي تدخل الى القطاع. السجناء الفلسطينيون الذين سيتحررون لن يكون بينهم قتلة، كما ان إسرائيل لن تتعهد بوقف القتال وبالانسحاب الكامل من القطاع. وحسب وكالة “AFP” الفرنسية، فقد أفادت حماس بانها تريد “وقف نار كاملاً وشاملاً” في غزة وانسحاباً.

للصفقة المقترحة فضلان بارزان: الأول، هو انها تكسر أكثر من شهرين من الطريق المسدود في المفاوضات، وترسم مخططاً لإعادة بعض المخطوفين الى الديار. والثاني، هو انها لا تمنع إسرائيل من العودة الى الهدف المركزي الثاني إلى الحرب – هزيمة حماس مثلما فعلت في نهاية الصفقة السابقة التي في إطارها تحرر 85 مخطوفاً إسرائيلياً.

للصفقة أيضا نقيصتان بارزتان: الأولى هي انها تطرح ثمناً أعلى بكثير لقاء كل مخطوف (في الصفقة السابقة كانت النسبة هي 3 سجناء مقابل كل مخطوف)، وتلمح بان الثمن لاحقاً سيرتفع وسيفترض تحرير سجناء مع دم على الأيدي بهدف إعادة مزيد من المخطوفين. الثانية، هي أنها تترك في ايدي حماس عدداً كبيراً من المخطوفين ستستخدمهم لتحقيق أهدافها – وعلى رأسها حفظ حكمها.

التصريحات مقابل الواقع

الموافقة المبدئية التي أعطتها إسرائيل للصفقة تدل على الضائقة التي علقت فيها الحكومة. بعد 116 يوماً من القتال، وبخلاف الآمال، لم تتمكن إسرائيل من ان ترسم لنفسها مخططاً آخر يجعل من الممكن إعادة مخطوفين أحياء الى البلاد في فترة زمنية معقولة. فالتصريحات بان الضغط العسكري يدفع قدماً بقضية المخطوفين لم تسند بنتائج: عملياً مخطوفة واحدة فقط (اوري مجيدش) حررت في حملة عسكرية، بينما عدد أكبر بكثير من المخطوفين قتلوا بنار الجيش الإسرائيلي أو أعدموا على أيدي حماس. وكذا الأمل في أنه في هذا الوقت يكون صفي بعض من قادة حماس قد خاب.

الى جانب الضغط الجماهيري المتزايد في إسرائيل، فان الحكومة مطالبة بان تحسم. بعد أن أوضحت المحافل المهنية في الجيش وفي الشاباك بانها ستعرف كيف تعود الى القتال حتى في نهاية هدنة طويلة نسبيا، تقرر الدفع قدما بالصفقة. في إسرائيل واعون بأنها ستعطي حماس وقتاً طويلاً للانتعاش وترميم البنى التحتية وأطر القتال التي تضررت. ينبغي الاعتراف بان الجيش الإسرائيلي أيضا يحتاج الى الانتعاش: قسم من الوحدات متآكلة، كما أن الآليات بحاجة الى المعالجة. كما ستسمح الهدنة بتسريح مزيد من رجال الاحتياط وتقليص العبء الثقيل على المرافق الاقتصادية.

ستطرح الهدنة الطويلة معاضل أخرى أهمها هي مسألة إعادة سكان الجنوب إلى بيوتهم. وفي ظل غياب القتال والتهديد على الجبهة الداخلية، ليس معقولا الإبقاء على عشرات الآف الإسرائيليين في حالة لجوء فترة زمنية طويلة بهذا القدر. هذا سيلزم الحكومة بان تتصرف بشجاعة، وان تقول للسكان بان يحتمل انه في المستقبل أيضا ستطلق صواريخ من غزة وان كان بوتيرة أقل مما في الماضي.

في اثناء الهدنة التي أحاطت صفقة المخطوفين السابقة، أوقف حزب الله النار أيضا في الشمال. معقول ان يتصرف هكذا الآن أيضا، كونه أعلن بان حربه تأتي تضامناً مع غزة. هذا سيتيح أيضا إعادة معظم سكان الشمال إلى بيوتهم، باستثناء البلدات التي تلامس الحدود اللبنانية. يمكن لإسرائيل أن تستغل هذه المهلة الزمنية كي تحاول الوصول إلى اتفاق يبعد حزب الله عن الجدار، وإذا فشلت – أن تجمع شرعية لمعركة عسكرية واسعة ضد المنظمة في المستقبل.

ستشدد الصفقة المطروحة الخلاف السياسي في الحكومة وفي الجمهور. من جهة، فان النهج الذي يقول إن للحرب ضد حماس يوجد زمن، حتى سنين، بينما زمن المخطوفين محدود وينفد باستمرار، ويجب العمل على تحريرهم فورا. بكلمات أخرى: مخطوفون الآن، حماس لاحقا، تخوفا من أنه اذا كانت الأولوية للقضاء على حماس فلن يتبقى مخطوفون أحياء بعد ذلك.

حسب النهج الثاني، من الواجب مواصلة ضرب حماس الآن، حتى تقويضها قبل قضية المخطوفين. التخوف هو أن تكسب حماس وقتا وتجمع قوة، وإسرائيل تفقد طاقة وشرعية تبقى بدون كل المخطوفين وبدون تقويض حماس أيضا. ويحتمل أن تكون مطالبة بان تدفع في المستقبل أثمانا أبهظ أكثر.

لقد ألمح نتنياهو بنواياه حين أعطى ضوءا أخضر للفريق الإسرائيلي للتقدم الى الصفقة. وهي ستحظى بإسناد المعسكر الحمائمي في حكومته – قيادة غانتس، آيزنكون وآريه درعي – ومعارضة المعسكر الصقري بقيادة بن غفير وسموتريتش. نتنياهو سيضطر لان يناور هنا بين الالتزام الأساسي من جانب الدولة تجاه المخطوفين والتأييد الجماهيري الواسع للاتفاق، وبين إمكانية نشوء صدوع في الائتلاف على خلفية عدم استنفاد خطوات الحرب – وأساسا إذا ما نفذت صفقات لاحقة تطيل الفترة الزمنية من عدم القتال، وعلى خلفية الضغط الدولي (الذي من المتوقع أن يزداد) للوصول إلى توافقات على مستقبل القطاع.

الآن ستكون إسرائيل مطالبة بأن توضح نواياها. سموتريتش ادعى بأنه في غزة سيقام حكم عسكري، ووزراء ونواب من اليمين شاركوا أول أمس في مظاهرة تأييد عديم الذوق لإعادة إقامة مستوطنات إسرائيلية في غزة.

سارع غالنت بالإعلان أن هذا لن يحصل، وفي الولايات المتحدة اقتبسوا تصريحات لنتنياهو الذي تعهد بأن ليس لإسرائيل نية الحكم في غزة.

رغم ميل إسرائيل لاستباق الشؤون السياسية الحزبية على شؤون الدولة، فإنها لا يمكنها أن تتحدث بلسانين. رغبتها في أن تدفع قدما بصفقات أخرى واستئناف القتال تستوجب مناورات مركبة، وفي العالم الغربي والعربي يطالبون الآن بأجوبة وبضمانات لجدية نوايا الحكومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى