ترجمات عبرية

إسرائيل اليوم: التشريع الذي مزق الشعب: نهاية البداية

إسرائيل اليوم 2023-07-27، بقلم: دافيد بيرتس: التشريع الذي مزق الشعب: نهاية البداية

تقلصت علة المعقولية. منطقي بما يكفي أن يحصل هذا في دولة غير معقولة كدولتنا، غير أن كل مقالات التحليل التي تشرح ما هو الضرر الذي يمكن أن يقع جراء تقليص علة المعقولية دحرت جانبا. فالكل منشغل بإحساس “خراب البيت الثالث”، هذه بداية النهاية. اسمحوا لي أن اقترح إمكانية أخرى. هذا التشريع يمثل نهاية البداية. فقد أقيمت دولة إسرائيل في خلطة مجنونة. بنوع من المعجزة نجح هذا ونجا وتطور، لكن تحت غطاء انفعال عودة صهيون بعد ألفي سنة من المنفى أزيحت جانبا حقيقة أن الدولة أقيمت باعوجاج، بلا دستور ومع وثيقة استقلال صيغت على عجل. وعند السؤال: يهودية أم ديمقراطية؟ قلنا فلنقم الدولة أولاً، وبعد ذلك نحطم الرأس. إذاً، ها نحن الآن، في ذروة الحر، نحطم الرأس.

كل أولئك الذين يخشون من أن تكون الدكتاتورية تقترب تحت غطاء الديمقراطية نسوا أننا كنا في واحدة كهذه على مدى الخمسينيات وبعد ذلك. كانت هناك حكومات استخدمت “الشاباك” للتنصت على خصوم سياسيين، وكان خبز عيشهم تعيين مقربين وتوزيع وظائف لأناسهم، حكومات انتهجت إكراها ثقافيا رهيبا وحاولت صهر عموم الهويات في كتلة واحدة من خلال نفيها ونكرانها.

اتسعت الفجوات الصغيرة منذئذ مع السنين لتصبح شروخا عميقة. مع جهد كبير نجح المركز في حفظ الغطاء في أننا كلنا نعيش في الدولة ذاتها بينما عمليا كنا نعيش في “بلدان أخرى” كل الوقت. لقد كشف التشريع عن عمق الهوة التي تفصل بين الولايات المتحدة وإسرائيل. انقسمنا إلى مجموعتين: الأولى أولا ديمقراطية وعندها (ربما) يهودية. والأخرى أولا يهودية وعندها (ربما) ديمقراطية. والآن، تتقاتل المجموعتان في الشوارع بحماسة، فتصدح بشروخات الماضي ولا تعنى بالمستقبل.

من الصعب ألا نقدر أناس الاحتجاج والحماسة الهائلة التي ضحوا فيها بزمنهم، بمالهم، وبسلامة أجسادهم من أجل دولة إسرائيل الجديرة بنظرهم. لكن النجاح الهائل للاحتجاج في تقرير جدول الأعمال العام وبدون هدف واضح، باستثناء إسقاط الحكومة كان في طالحها. مع المسيرات إلى القدس وصلت النشوى ذروتها. ليس واضحا ما الذي سعى زعماء الاحتجاج لأن يحققوه، إذ إن الحكومات تسقط بالكولسات والمؤامرات البرلمانية أو تستبدل في صناديق الاقتراع وليس في المسيرات إلى القدس، مع التلويح بالأعلام وحصار الكنيست.

اللحظة الأكثر طعنا لم تكن التصويت بل صور الأعداد التي جاءت بعده. دم أخيك يسفك وانتم تجرون التصوير الذاتي؟ لكن التصوير الذاتي هذا كان رمزيا على نحو خاص. إذ أكثر مما تعرف هذه الحكومة إلى أين تسير تعرف أساسا ضد من تعمل، وهذا أساس المشكلة: انعدام الثقة بحكومة كل جوهرها هو زق اصبع في العين والعمل “ضد”.

إذا لم يكن يوم الاثنين الماضي كافيا ليهز الدولة، فقد رفع الحريديون، أول من امس، مشروع قانون أساس: تعلم التوراة كي يزقوا اصبعا أخرى في العين. غير أن لهذا الاعتداد ثمنا. ديمغرافيا، الحريديون والمستوطنون هم أقلية تحتاج إلى الأصوات التقليدية كي يخلقوا ائتلاف سيطرة. حتى، اليوم، سارت أغلبية التقليديين خلف أصحاب القبعات انطلاقا من التزام تاريخي باليهودية قبل الديمقراطية.

من يعول على أن التقليديين يوجدون في حقيبتهم الدينية، سيكتشف أن من يتجرأ على أن يفرض على التقليديين الخيار بين اليهودي أو الديمقراطي سيفقدهم لصالح اختيار الإسرائيلية. يمكن البكاء على البيت الثالث الذي ضاع في واقع الأمر، الاثنين الماضي، ويمكن البدء بالنظر 25 سنة إلى الأمام والفهم بأنه أمامنا يوجد الربع الرابع الأهم لدولة إسرائيل، الربع الذي وقعت فيه أوجاع الرأس على الجيل الأصح ليفهم ما هو الديمقراطي وما هو اليهودي وأساسا كيف يرتبط كل هذا من جديد ليكون إسرائيليا.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى