أقلام وأراء

أذرع اسرائيل في هولندا وراء وقف تمويل اتحاد لجان العمل الزراعي الفلسطيني

د. أماني القرم

بقلم: د. أماني القرم ٩-١-٢٠٢٢

هولندا البلد التي تتمركز فيها محكمة العدل الدولية أوقفت تمويل اتحاد لجان العمل الزراعي بحجة وجود ‏صلات فردية بين موظفين في الاتحاد وتنظيم الجبهة الشعبية.. وهو أمر مستحدث ومستهجن في مجال ‏حقوق الانسان وحرية الفكر أن تربط انتماءات العاملين بمنظمات العمل المدني مع مسألة تدفق التمويل. ‏هولندا تمّول اتحاد لجان العمل الزراعي تقريبا منذ العام 2007 بما يعادل 45% من ميزانية الاتحاد، ووقف ‏التمويل سيترتب عليه تداعيات مأساوية إثر تعطيل مشاريع الدعم والتنمية الزراعية وتعزيز صمود المزارعين ‏الفلسطينيين على أرضهم خاصة في مناطق ‏‎(C)‎‏ التي تتعرض لهجمات عنيفة وهمجية وغير مسبوقة من ‏قبل قطعان المستوطنين . لكن القرار الذي وصف بأنه صادم لم يكن في الحقيقة مفاجئاً بل كانت له ‏مقدمات بدأت منذ عدة سنوات..‏

رغم أن هولندا لم تصف في قرارها اتحاد لجان العمل الزراعي بالارهاب، إلا أنه ليس من قبيل المصادفة ‏أبداً أن القرار الهولندي جاء تماشياً وتعزيزاً للتصنيف الاسرائيلي لست منظمات مجتمع مدني عريقة منها ‏اتحاد لجان العمل الزراعي بأنها “ارهابية” وهو ما أحدث ثورة بين الحقوقيين والناشطين في الولايات المتحدة ‏وأوروبا خاصة أن التبريرات الاسرائيلية خلت من معلومات واضحة تثبت فعليا مبررات القرار .. كانت ‏هولندا قد أجرت تحقيقا مستقلا بدأ في العام 2020 حول علاقة الاتحاد بأية تنظيمات، وجاءت نتائجه بأنه ‏لا صلات له بحركات سياسية أو عسكرية. ‏

لا يمكن تبرير القرار الهولندي بمعزل عن الأذرع الاسرائيلية والصهيونية في هولندا، فعلاقة اليهود واسرائيل ‏بهولندا علاقة تاريخية، ربّما أبرز احداثها ما تعرضوا له في تلك البلاد من اضطهاد وقتل إبّان المحرقة ‏النازية ، ثمّ ما تبعها من توظيف اسرائيلي/ صهيوني شديد الفعالية سياسيًّا لهذه الأحداث لاستقطاب مكونات ‏المجتمع الهولندي ورموزه السياسية . والجالية اليهودية في أمستردام تعد من أكبر التجمعات نفوذاً و ثراءً ‏لليهود في أوروبا، وتدين لاسرائيل بالولاء التام. وتمتلك عدداً من المؤسسات القوية اعلاميًّا وماليًّا وشعبيًّا ‏التي تدعم اليمينية الاسرائيلية بشكل مطلق، منها على سبيل المثال لا الحصر : منظمة “ليكود” و”مرصد ‏المنظمات غير الحكومية” أو ‏‎( NGO MONITOR) ‎‏ و”مرصد مراقبة العداء للسامية _ ‏CIDI ‎‏ ” وأي ‏شخص يطّلع على المواقع الالكترونية لهذه المنظمات يلاحظ وبوضوح مدى العنصرية التي تتمتع بها. ‏

تسببت تقارير ما يسمى “مرصد المنظمات غير الحكومية” بتعليق ما يوازي 8 ملايين يورو من الدعم ‏الهولندي للمنظمات الفلسطينية في عام 2020 كما أعلن المرصد صراحة على موقعه، جراء حملة ضغط ‏شنّها بالتوازي مع المنظمات الأخرى على الحكومة الهولندية بدأت منذ العام 2013 ، أي بعد سنوات ‏قليلة من بدء تمويل اتحاد لجان العمل الزراعي. وشملت رسائل مفتوحة ومتواصلة الى الوزراء والمسئولين ‏والبرلمانيين، مصحوبة بإعلانات مشوهة للمنظمات الاهلية الفلسطينية والادعاء بوجود صلات لها مع قتل ‏اليهود، ومهاجمة كل مسئول ووزير هولندي له علاقة بتمويل المنظمات الفلسطينية بدعم وتمويل قتلة ‏اليهود من دافعي الضرائب الهولنديين! وهو ما تعرضت له وزيرة التعاون الانمائي الهولندية من قبل منظمة ‏‏”ليكود” لأنها طلبت إكمال التحقيق المستقل قبل قطع التمويل!‏
حرب اسرائيل التي بدأت فعليًّا على منظمات المجتمع المدني الفلسطيني لن تتوقف محليًّا وعالميا. في ‏جعبتها هدفان: الأول، التخلص من الدور الذي تلعبه هذه المنظمات في الداخل الفلسطيني من دعم ‏للصمود وكشف للحقائق وفي الخارج من توطيد العلاقات مع العالم.‏
والثاني: التشكيك في المنظمات المدنية الفلسطينية وتشويه سمعتها عبر ربطها بالحركات المسلحة بأي شكل ‏لتجفيف منابعها المالية ووقف كامل لأنشطتها. ‏

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى