يديعوت: علاج «الصُّداع الأمني» في مخيم جنين

يديعوت 2023-07-05، بقلم: يوسي يهوشع: علاج «الصُّداع الأمني» في مخيم جنين
سبقت عملية الجيش الإسرائيلي في مخيم اللاجئين جنين تحضيرات امتدت شهوراً طويلة، بما في ذلك إحاطات من محافل رفيعة المستوى في القيادتين السياسية والأمنية.
تحدثوا عن “حملة كبرى في جنين”، بل شبهها بعضهم بأعمال حملة “السور الواقي” في عهد الانتفاضة الثانية.
لهذا السبب بالذات من المفضل إدخال العملية في التوازن المناسب: من يضع النشاط الحالي في صف واحد مع “السور الواقي” يجعل منا ومن نفسه أُضحوكة.
بالمناسبة، فإن الضربة المفاجئة – الهجوم من الجو – لم تكن قصة نجاح استثنائي.
مع كل الاحترام لإصابة قيادة الغرفة المشتركة لمنظمات “الإرهاب” عرف الجيش ضربات مفاجئة أكثر نجاحاً منها.
أُقرّ النشاط نفسه قبل أسبوعين من وزير الدفاع، يوآف غالانت، بالضبط في الموعد الذي بدأت فيه.
بدأ التدهور في مخيم اللاجئين جنين عملياً منذ نشوب “كورونا”. فقد ابتعدت السلطة الفلسطينية عن المكان لدرجة القطيعة الحقيقية عما يحصل هناك. ومنذ البداية لم تكن أجهزة أمن السلطة تسيطر هناك بيد عليا، لكن الضعف أصبح فقداناً للسيطرة. وعليه فمن المهم الإشارة أيضاً إلى أننا لا نريد صورة وضع مشابهة في باقي المدن في “يهودا” و”السامرة”، وهذا هو أحد الأسباب التي تجعلنا بعيدين عن انتفاضة، وبالتالي حملة تقترب من “السور الواقي”.
جهاز الأمن، بإسناد من حكومة إسرائيل وتحت الضغط الدولي، فعل كل شيء كي يسمح لأجهزة السلطة الفلسطينية بأن تجد طريقها عائدة إلى أزقة المخيم وفرض القانون والنظام. ومع ذلك، من الصواب انتقاد السياسية الإسرائيلية، إذ إنها هي التي جعلت المخيم محصناً، ومعزولاً، ويجتذب إليه المسلحين و”المخربين”، ومخازن السلاح، وباقي الوسائل القتالية، ويتمتع بدعم اقتصادي ومعنوي من منظمات “الإرهاب”، من غزة وحتى من إيران.
الآثار “الهدامة “لمخيم اللاجئين لا تتوقف عند الحاجز أو الخط الأخضر. فقد جبت سلسلة العمليات، مصدرها مخيم جنين، وأساساً عمليات إطلاق النار، حياة عشرات الإسرائيليين الأبرياء.
بعض منفذي العمليات هم من سكان المكان. بعضهم هرب إلى هناك، وبعضهم تلقى التوجيه والسلاح من المخيم. هذا واقع لا يمكن لدولة إسرائيل أن تسلم به.
في جهاز الأمن قدروا بأنه مع دخول القوات إلى النشاط في المخيم سيعثرون على غنيمة كبرى على شكل أسلحة من أنواع مختلفة، بما فيها أسلحة إطلاق النار الصاروخية.
حتى موعد كتابة هذه السطور إننا لم نرَ حجوماً استثنائية لوسائل قتالية، أو سلاحاً محطماً للتوازن من أي نوع. وعليه، فمن كل أحداث الأشهر الأخيرة وعلى رأسها الاستعدادات والعمليات المبهرة للقوات الخاصة بمشاركة “الشاباك” وسلاح الجو، يبدو أننا في مراحل إنهاء عملية الإحباط المعززة والمركزة. بلا حملة، لا سور، لا واقٍ.
الآن ينبغي الأمل في أن يكتفي الجيش الإسرائيلي بالإنجازات القائمة من النشاط، وأن ينهيه بينما يده هي العليا بشكل واضح. بلا خسائر في صفوف قواتنا وبلا تبجح قد يوقظ ساحات أخرى من الأفضل ألا تستيقظ.
أما بالنسبة لحل وجع الرأس الأمني، الذي يسمى مخيم جنين، فالجواب هو ضربة، وبعدها ضربة، وبعدها ضربة أخرى. نشاط أو عملية واحدة، مهما كان ناجحاً، لن يجعل المخيم واحة، ولن يجعل سكانه محبي صهيون. لكن يمكن ويجب نسخ وتكييف النموذج الذي كان في عملية “طريق مصمم” في حزيران 2002 بعد “السور الواقي”، بإحباط “الإرهاب” الذي ضرب إسرائيل في عهد الانتفاضة الثانية.
نشاط إثر نشاط، ليلة إثر ليلة، على مدى فترة طويلة وبشكل مركز في مخيم اللاجئين. كما لا يكفي الجهد العسكري، إذ تعلمنا أنه في الساحة الفلسطينية هناك حاجة لدمج الجهد العملياتي الإحباطي القومي بجهد مدني متواصل يمنح الجمهور الفلسطيني “ثمن الخسارة”، أي التطلع إلى حياة أفضل بحيث يخاف الإنسان العادي من أن يفقده بسبب “الإرهاب” أو بسبب أحداث إجرامية. وختاماً: سواء سميناها حملة أو نشاطاً المهم أن ننهيها في الوقت المناسب، ونعود في أقرب وقت ممكن. المرة تلو الأخرى إلى أن ننتصر.
مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook