هآرتس: والآن بانتظار حرب لبنان الثالثة
هآرتس 16/9/2024، عاموس هرئيل: والآن بانتظار حرب لبنان الثالثة
اطلاق الصاروخ البالستي من اليمن نحو اسرائيل كان متوقعا، حتى أنه جاء بعد تحذير مسبق اطلقه وزير الخارجية الحوثي أول أمس. ورغم ذلك فان منظومات الدفاع الجوي فشلت هذه المرة في مهمة الاعتراض. وحسب بيان المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي فان الصاروخ انفجر في الجو، الشظايا سقطت في منطقة مفتوحة قرب موشاف كفار دانيال. لم تكن اصابات، لكن مجرد الانفجار، على بعد بضع كيلومترات عن مطار بن غوريون، يمكن أن يشير الى ثغرة في الدفاع الاسرائيلي ويشكل سبب للقلق. ايضا شركات الطيران الاجنبية الغت في الشهر الماضي معظم الرحلات التي عملت حتى الآن الى اسرائيل ومنها على خلفية التوتر مع ايران وحزب الله.
اذا تبين ان الحوثيين استهدفوا مطار بن غوريون بشكل ثابت فانه ستنشأ لدينا ازمة طيران وسياحة واسعة حتى اكثر من الازمة الحالية، رغم جهود الاعتراض الكبيرة للجيش الاسرائيلي. في بيان الحوثيين قيل إن الامر يتعلق بصاروخ فرط – صوتي متقدم نجح في تضليل المنظومات الاسرائيلية. القسم الاول في البيان لا اساس له من الصحة. أما بخصوص القسم الثاني فانه من تحقيق سلاح الجو أمس تبين أن الامر يتعلق كما يبدو باعتراض جزئي فقط – احدى الاعتراضات التي اطلقت اصابت الصاروخ ولكنها لم تدمره بالكامل.
اذا كان هناك حقا فشل في الاعتراض فهذه ستكون المرة الثانية التي ينجح فيها الحوثيون في اختراق الدفاع الاسرائيلي. في تموز الماضي اطلقوا مسيرة انفجرت في تل ابيب في مبنى قرب الشاطيء وقتل مواطن اسرائيلي. المسيرة اطلقت في حينه في مسار اتجه شمالا فوق الاراضي المصرية وبعد ذلك شرقا فوق البحر المتوسط باتجاه شواطيء اسرائيل. في هذه المرة حركة الصاروخ كانت من اتجاه جنوب – شرق. ويبدو أن الاستهداف كان مطار بن غوريون. من المرجح أن المدى المخطط للهدف لامس الحد الاعلى لمدى الصاروخ، 2000 كيلومتر، وربما أن ذلك مس بفعاليته.
مدة تحليق صاروخ كهذا هي حوالي 15 دقيقة. الصاروخ وبحق تم تشخيصه في مرحلة مبكرة، لكن عندما يكون الامر يتعلق بهذه المسافة وفي منطقة غير معروفة فانهم في الجيش الاسرائيلي لا يتحملون المخاطرة، لذلك تم نشر الانذارات في مناطق واسعة نسبيا وعدد كبير من السكان في منطقة الساحل طلب منهم الدخول الى الملاجيء. الاكتشاف والانذار عمل كما هو مطلوب ولكن يبدو أن الاعتراض حظي بنجاح جزئي فقط.
بعد تفجير المسيرة في تل ابيب هاجمت اسرائيل بشكل كثيف اهداف للحوثيين في مينائهم الرئيسي في الحديدة. الحكومة الحوثية اعلنت في حينه بأنها ستنتقم، واليوم ايضا يقولون في اليمن بأن الحساب ما زال مفتوح وأنه يتوقع أن يكون هناك رد شديد آخر قبل 7 اكتوبر القادم. فشل الاعتراض على التهديد من اليمن جاء على خلفية نجاح اسرائيل، بمساعدة الولايات المتحدة ودول عربية صديقة، في احباط هجوم كبير للصواريخ والمسيرات من ايران في نيسان الماضي واعتراض هجوم مسيرات حزب الله من لبنان في الشهر الماضي.
الضغط يزداد
الازعاج المتجدد من اليمن يندمج بالتوتر في الساحات الاخرى – استمرار الحرب في قطاع غزة، وبالاساس تبادل اللكمات المتزايد على الحدود مع لبنان. هذا يزيد الضغط على الحكومة من اجل العمل بشدة اكبر ضد حزب الله، الى درجة الدعوة الى شن حرب شاملة. من تصريحات رئيس الحكومة الاخيرة يتبين بوضوح أنه لا يسعى الى صفقة تبادل ووقف لاطلاق النار مع حماس في الفترة القريبة، رغم حشود المتظاهرين ضده.
في هذه الاثناء حسب الادارة الامريكية فان العائق الرئيسي امام عقد الصفقة هو رئيس حماس يحيى السنوار، الذي تشدد مؤخرا في مواقفه في المفاوضات. ولكن نتنياهو ايضا يوجد لديه الوقت، وقد بدد بشكل متعمد فرص سنحت لاسرائيل خلال اشهر المفاوضات الطويلة. رئيس الحكومة لا يدفع قدما بالصفقة في الوقت الذي فيه ماكنة سمه تؤشر على عائلات المخطوفين، التي تعمل على اعادة اعزائها. خلال ذلك المشاركين في الاحتجاج يواجهون بعنف متزايد من قبل مؤيدي نتنياهو، وبشكل مقلق اكثر بتنكيل الشرطة العنيف.
في الخلفية تجري مشاورات في القيادة السياسية والامنية العليا حول العملية المطلوبة. نتنياهو يحث الجيش على العمل بصورة اكثر شدة واوسع، سواء في لبنان أو في مناطق اخرى في القطاع (النشاطات هناك تتركز الآن على ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا وفي قطاع عرضه كيلومتر في عمق المنطقة الفلسطينية خلف الجدار على الحدود. ولكن من غير الواضح من تصريحات رئيس الحكومة العلنية أو اقواله في النقاشات مع الجيش الاسرائيلي اذا كان توجهه هو المواجهة الشاملة أو أنه يعتقد أنه يمكن زيادة الهجمات ضد حزب الله وتحقيق نتائج دون الوصول الى حرب.
القيادة العليا توجد في موقف غير مريح. في الوقت الذي يتنصل فيه نتنياهو من كل مسؤولية عن الاخفاقات في مذبحة 7 اكتوبر فان رئيس الاركان هرتسي هليفي والجنرالات تحملوا المسؤولية علنا. ولكن معظمهم لم يطبقوا تحمل المسؤولية حتى الآن. كلما اقتربت الذكرى السنوية الاولى للمذبحة يزداد الضغط عليهم من اجل الاستقالة، الذي في جزء منه يأتي بشكل سخيف من قبل نتنياهو نفسه. في هذه الاثناء وازاء اخفاقاتها في اندلاع الحرب وانخفاض ثقة الجمهور بها فان هيئة الاركان تجد صعوبة في مواصلة اتخاذ موقف مستقل في كل النقاشات.
في منتهى السبت الماضي نشر يارون ابراهام في “اخبار 12” اقتباسات من محادثة اجراها هليفي قبل يوم مع عائلات المخطوفين، تحدث فيها بشدة نسبية لصالح عقد الصفقة وحذر من موت جميع المخطوفين اذا لم تدفع الحكومة قدما بالمفاوضات. السؤال هو هل هليفي يمكنه التحدث بهذا الشكل ايضا في الكابنت؟ هل يمكنه قول ذلك لنتنياهو ووزراء الكابنت عندما يطلبون رد صهيوني مناسب على الاطلاق المستمر نحو الجليل؟ هل رئيس الاركان يمكنه عرض وضع الاستعداد والجاهزية في وحدات الجيش الاسرائيلي كما هو وعند الحاجة التوصية باسلوب عمل مختلف؟.
هناك موعدا هدف يجب اخذهما في الحسبان عند محاولة توقع اذا كانت ستندلع حرب. في نهاية الشهر نتنياهو سيلقي خطاب في اجتماع الجمعية العمومية للامم المتحدة في نيويورك. اضافة الى ذلك في نهاية السنة سيحل الشتاء، حيث شروط الاحوال الجوية القاسية تعمل دائما في صالح العصابات التي تدخل الصواريخ من داخل مناطق محمية وتصعب العمل على سلاح الجو، مهما كان متطور وتكنولوجي. نافذة الفرص لحرب شاملة ليست غير محدودة بالنسبة لاسرائيل، إلا اذا أملى حزب الله موعد البدء في الحرب.
في بداية جلسة الحكومة صباح أمس قال نتنياهو إنه “يسمع صراخ” سكان الشمال، “الوضع القائم لن يستمر”، هكذا وعد. “هذا يقتضي تغيير ميزان القوى على الحدود الشمالية. نحن سنفعل كل ما مطلوب من اجل اعادة سكان الشمال بأمان الى بيوتهم. أنا ملتزم بذلك. نحن سنفعل ذلك بفضل بطولة الجنود ومن خلال وحدتنا، كشف متماسك انبرى لعدوه”. وطوال هذا الوقت ماكنة السم تواصل بشكل محموم العمل.