هآرتس: هل دولة إسرائيل ستكون موجودة في 2024؟

هآرتس 10/6/2025، الوف بن: هل دولة إسرائيل ستكون موجودة في 2024؟
المنشق السوفييتي اندريه امالريك كان مؤرخ شاب في جامعة موسكو عندما نشر كتابه المثير للجدل في 1970 بعنوان “هل سيبقى الاتحاد السوفييتي قائما حتى العام 1984؟”. نبوءته ظهرت خيالية، لكنه لم يخطيء في التوقيت إلا بسبع سنوات. عندما اختار هذا التوقيت، 1984، تكريما لجورج اورويل، وقد توفي قبل أن تتحقق نبوءته. فبعد سجنه في معسكرات العمل السوفييتية تم نفيه من وطنه، وتوفي في حادث سير في اسبانيا.
في إسرائيل 2025 توجد جملة واحدة لامالرك تظهر مثل ضربة في البطن وهي “حرب طويلة ومتعبة ادارها زعماء متملقون، التي افرغت حكومة السوفييت من الموارد والشرعية”. هكذا تنبأ بالمسرع لتحطم الاتحاد السوفييتي، حتى لو تنبأ بنشوب حرب ضد الصين وليس الغرق في الوحل الجبلي لأفغانستان. تقريبا مثل تقديرات الاستخبارات في إسرائيل، التي تنبأ بهجوم في الشمال وليس في الجنوب، لكنهم كانوا محقين في تشخيص الخطر في 2023.
امالرك تساءل: “كيف سيصف مؤرخ في المستقبل التطورات التي ظهرت في حينه غير معقولة. وباثر رجعي كأمر لا يمكن منعه”. وفقا لمنهجه يجب ان نسأل هل يمكن ان زعيم ايران علي خامنئي كان محق في نبوءته التي تقول بان إسرائيل ستكف عن الوجود في 2024، وفي تشخيص العملية التي يمكن أن تقود الى هناك. في نهاية المطاف الاتحاد السوفييتي لم يهزم في حرب نووية عالمية، بل انهار من الداخل. وضد الانهيار الداخلي لا يوجد حل عسكري مثل “منظومة دفاع متعددة الطبقات” أو “قصف بعيد المدى”.
بعد مرور عشرين شهر على الحرب إسرائيل تظهر المناعة والازدهار. فالشيكل مستقر، نسبة البطالة متدنية، الشواطيء والمطاعم في تل ابيب مليئة. القتل والجوع في غزة موجود “في الاعلام الدولي” ولا يضر بالتيار العام في إسرائيل، الذي يشتكي في الأساس من ارتفاع أسعار الرحلات الجوية الى الخارج. ولكن في كل مكان تظهر علامات الانحطاط: تفشي الجريمة، الخلافات الداخلية وفقدان الامل. الاعتماد على أمريكا ترامب كامل الى درجة أن اليسار الإسرائيلي نفسه يعتبر الرئيس المتقلب ملاك سلام، بالضبط مثلما يعلق اليمين الامال عليه في عملية الترانسفير. والإسرائيليون الذين يغادرون كل أسبوع مع أولادهم الى استراليا يشيرون الى توجه لا يقل عن تفاخر الجيش بـ “تصفية قائد آخر من حماس”.
امام الذعر المتزايد في أوساط الجمهور فان الزعامة مقطوعة عن الواقع. رئيس الحكومة يركز على نشر نظرية مؤامرة حول هجوم حماس، التي استهدفت اتهام “الكابلانيين” بالخيانة وتبرئته من تحمل المسؤولية عن 7 أكتوبر. نحن نذكر نتنياهو بأنه حتى بعد اقالة جميع المسؤولين وتدمير غزة بالكامل والبقاء في الحكم بطريقة معينة فان الناس سيذكرونك كقائد أوصل البلاد على حافة الدمار، والعالم سيذكرك كقاتل جماعي ادمن على الهرب من الواقع. عبادة الشخصية التي يغذيها نتنياهو بدون كلل كبديل عن مؤسسات الدولة فقط تزيد عزلته وخوفه من الأعداء الحقيقيين والمتخيلين.
هكذا فان المنظومة السياسية تنشغل في تعميق الشرخ الداخلي – بدلا من إعادة ترميم إسرائيل من انقاض الانقلاب النظامي والحرب الخالدة. نتنياهو لا يريد ولا يستطيع عرض إصلاح. سيرته الذاتية المليئة بتعظيم الذات، التي نشرها قبل الحرب بسنة، تتم قراءتها الآن مثل 600 صفحة من لا شيء، وليس فيها أي بشرى للمستقبل باستثناء دمار آخر. ها هي فرصة تاتي لمرة واحدة لكل من يدافعون عنه: يجب بلورة رؤية لليوم التالي، ووقف التفكك الداخلي ودحض نبوءة التدمير لخامنئي. البند الأول في هذه الرؤية يجب ان يكون وقف الحرب قبل ان تبتلع غزة إسرائيل فيها بلا رجعة، بالضبط مثلما حذر امالرك حكام الإمبراطورية السوفييتية، الذين لم يرغبوا في الاستماع اليه.