هآرتس: هاكم حرب اختيارية اخرى حسب السيناريو الثابت
هآرتس 26/9/2024، جدعون ليفي: هاكم حرب اختيارية اخرى حسب السيناريو الثابت
الحروب الاختيارية لاسرائيل يوجد لها نموذج ثابت؛ من غير المعقول كم هو ثابت. فهي دائما تبدأ بالقول إن اسرائيل غير معنية بها. في كل الحالات لا، أو ليس الآن. هذا هو النداء الاول للاسراع واعداد الملاجيء. بعد أن تعلن اسرائيل بأنها غير معنية بالحرب، تبدأ في اشعالها.
الطرف الثاني، الذي يقولون عنه بأنه هو ايضا غير معني بالحرب، يؤججها ويقوم بالاستفزاز، كي لا يظهر وكأنه ضعيف؛ الغباء يتقاسمونه بالتساوي. في هذه الاثناء يتم اجراء مفاوضات دبلوماسية مستعجلة تهدف الى منع الحرب. التقارير متفائلة. اسرائيل مبدئيا لا تؤمن بالدبلوماسية، وهي تتعاون مع الوسطاء وتلقي بالتهمة على الطرف الثاني. هي أعطت فرصة للدبلوماسية. شيك.
النيران تزداد. اسرائيل لا يمكنها ضبط نفسها. هناك اتفاق بالاجماع في اسرائيل على أن ذلك لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل. سلاح الجو يبدأ بالهجوم. اللون يعود الى وجوه الاسرائيليين، حتى آخر اليساريين الصهاينة. اجهزة بيجر، قيادات، خلايا، منصات اطلاق وشخصيات رفيعة، كلها تشتعل. الرأس يصاب بالدوار من القدرات المدهشة. النصر يبدو اقرب من أي وقت مضى ومعه الحل المطلق، الذي لم يكن في أي يوم اكثر قربا من ذلك. اخيرا جعلناهم يرون، وايضا جعلنا شعبنا يرى. شعور مسكر. بعد اسابيع من الخوف والاحباط يوجد بصيص أمل. رئيس منظومة الصواريخ تمت تصفيته. ايضا الرقم 3 لم يعد موجودا.
في هذا الاسبوع كنا في هذه المرحلة. مفاجآت سلاح الجو وصلت الى عنان السماء، القامة انتصبت مرة اخرى. في القناة 14 طلب مقدما البرنامج من الضيف بأن يأتي في المرة القادمة الى الاستوديو ومعه كيس بلاستيكي تقطر منه الدماء وفيه رأس يحيى السنوار. ليسوا الجميع برابرة، لكن الجميع يؤيدون عمليات القصف لسلاح الجو. لأنه ماذا أردت أن نفعل؟ عمليات القصف هي حرب بثمن زهيد. في ظل عدم وجود دفاعات جوية، سواء في لبنان أو في غزة، فان هذه حرب نظيفة من وجود ضحايا اسرائيليين. يحلقون، يقصفون، يقتلون، يدمرون ويعودون بسلام الى القاعدة.
الاضرار الجانبية، التي هي ليست جانبية على الاطلاق، لا تهم أي أحد. لأنه من الذي سيتجرأ على الوقوف ضد هدم ثلاثة طوابق فوق رؤوس ساكنيها مقابل رأس رئيس منظومة الصواريخ؟ ومن الذي سيتجرأ على قول أي شيء ضد عملية مثيرة جدا، مثل تفجير اجهزة البيجر؟ حتى قتل 500 شخص مثلما حدث في احد ايام الاسبوع، كانت عملية قتل مبررة جدا. النشوة قصيرة، لكنها كثيرة الدماء، بالاساس في الطرف الثاني. الجثث، المعاقون، الدمار والمهجرين، تراكموا الى درجة الوصول الى كارثة كاملة. اسرائيل تقول بأنها لا تريد عملية برية بأي شكل من الاشكال، أو أنها لا تريد ذلك في الوقت الحالي. ضغط القصف سيفعل فعله في نهاية المطاف والعدو سيستسلم من الجو. بعد بضع طلعات كيبوتس المنارة سيبعث للحياة.
بعد ذلك يصل صاروخ الى تل ابيب الكبرى. وبعده صاروخ آخر وآخر، رغم النجاح الكبير لسلاح الجو والبيانات المثيرة للانطباع عن “تدمير القدرات” (أي حرب لها التجديد اللغوي الخاص بها. في غزة “المناورة”، في لبنان “تدمير القدرات”). اسرائيل حتى الآن لم تفحص القيام بعملية برية.
الاصوات سترتفع بسرعة في ذروة اطلاق الصواريخ من قبل العدو المهزوم. المراسلون العسكريون سيحرضون على القيام بعملية برية. يجب انهاء المهمة. لا يوجد أي خيار. ربما فقط عملية محدودة. بضع كيلومترات ونعود. ربما حزام امني صغير ومؤقت.
الدبابات ستنطلق في الفجر. وكل اخدود تشقه الجنازير في الارض يعمق التورط الذي لا رجعة عنه. من هنا هم لن يخرجوا لسنوات، سواء من غزة أو من لبنان. لبنان سيصبح غزة، وبالطبع الضفة الغربية، وجميعها ستتحول الى جهنم.
الجيش الاسرائيلي سيغرق عميقا اكثر فأكثر. سكان المطلة يمكنهم مشاهدة انقاض بيوتهم فقط في يوم صاف وبواسطة المنظار لسنوات كثيرة. ها هي حرب اخرى ستنجح وتجلب لنا نصر آخر. وهي ايضا كانت حتمية فرضها علينا مصيرنا القاسي. حرب لا يمكن تجنبها.