ترجمات عبرية

هآرتس: كل العالم يتطلع الى ترامب، لكن القرار في يد ايران

هآرتس 20/6/2025، رفيت هيختكل العالم يتطلع الى ترامب، لكن القرار في يد ايران

امل الغرب، لا سيما امل الديمقراطيات الليبرالية، هو انهاء لطيف للحرب، أي نوع من الاستسلام أو بادرة خضوع للنظام المتعصب في ايران، مع التنازل عن مشروعه النووي، أو على الاقل التوصل الى تفاهمات تمكن الطرفين من التعايش معها بطريقة معينة. أي حل منطقي في عالم سليم، في عالم الديمقراطية الغربية.

هذا يبدو متناقض، لكن حتى كتابة هذه السطور أيضا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي ينظر اليه بعيون ليبرالية كمخرب للديمقراطية، محسوب على المؤيدين لهذه المقاربة. رغم تقلبه وتصريحاته الصارخة التي تنتقل بسرعة مدهشة من قطب الى آخر، الا انه انتظر وقت غير قليل في محاولة لاعطاء الإيرانيين فرصة لـ “انهاء الامر” باتفاق. واكتفى باطلاق تصريحات من خلال المنشورات مع القفز بين الاحرف الصغيرة والاحرف الكبيرة على لوحة المفاتيح.

رغم التصريحات العدائية (لكن المسلية) بانه لا توجد له رغبة في التحدث اكثر مع الإيرانيين، ورغم التهديد الذي تمت صياغته بشكل جيد – سنفجر الأمور النووية – الا أنه يبث حتى الآن بسلوكه بانه لا يرغب في الانضمام الى الهجوم الإسرائيلي، وانه سيواصل إعطاء المزيد من الوقت الإضافي من اجل إعطاء الإيرانيين فرصة. زيادة التشدد في تصريحاته يمكن قراءته أيضا كاعطاء ذريعة للايرانيين “من اجل فعل الامر المنطقي”، أي العمل حسب الاعتبارات الغربية والدخول الى المفاوضات بدلا من خوض حرب يكونون فيها في وضع متدني.

لكن للأسف الشديد، جغرافيا هذا الحي مختلفة. فما يظهر منطقي لأي عاقل حسب منطق الديمقراطية يمكن أن يكون امنية غربية اكثر مما هي حل قابل للحياة. المشروع النووي ليس فقط بوليصة التامين للنظام الإسلامي، بل هو الآن أيضا رمز قوته وسيادته. يوجد شك كبير في ان يوافق على التنازل عنه، بالتاكيد ليس بعد بضعة أيام على الحرب، وهكذا ليس فقط هو لن يقبل بتمريغ كرامته بشكل مهين، بل ان يظهر كضعيف وقابل للمس به في نظر المعارضة في الداخل.

كلما مر الوقت وارتفعت معها المخاطرة الى حدود خطر كبير ومخيف في الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وصب المزيد من الزيت على النار، فانه تتعزز إمكانية حدوث سيناريو مخيف في نظر الدول الليبرالية، أنه توجد امامنا في الواقع حرب لانهائية. أي “حرب مجموعها صفر”. حرب موضوعها ليس مصير النووي الإيراني وأنواع الصواريخ البالستية، بل في الحقيقة صمود النظام في ايران امام وجود “الكيان الصهيوني” المدعوم من قبل الولايات المتحدة. هذا التقاء بين ازعرين ذهبا بشكل متعمد الى ساحة لا يمكن الخروج منها بدون حسم – احدهما يجب عليه ان يقضي على الآخر.

كل العالم يتطلع الى ترامب، لكن القرار الذي سيؤثر على مسار الأمور وعلى الاحتمالية “غير العالية” للنجاة من ساحة الموت الثنائية، يوجد الآن في يد النظام في ايران. فهو الذي سيقرر هل سيضحي بالمشروع النووي من اجل تمكين نفسه من الحصول على وجبة اوكسجين على المدى القريب أو أنه سيخاطر بالتضحية به سوية مع حياة عشرات آلاف المواطنين الإيرانيين والإسرائيليين وغيرهم في حرب إقليمية لا يمكن توقع ابعادها، نتائجها وتداعياتها. حتى في وضع وسط الذي فيه الامريكيون لا ينضمون بكامل القوة لإسرائيل فان ترامب هو الذي سيقرر ارتفاع اللهب. فهل هذا الوضع سيتحول الى ازعاج حوثي متطور وخطير أو شيء آخر.

هناك أسباب كثيرة للغضب والقلق منذ 7 أكتوبر. ولكن اذا كان يمكن صياغة سبب للضائقة الجماعية في المعسكر الديمقراطي بعيدا عن القصص المحزنة التي مرت على كل واحد منا، فهو الادراك العميق بان هذا الفضاء لا يخضع لقانون الجاذبية الموجود في الديمقراطية الغربية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى