ترجمات عبرية

هآرتس: في غزة وفي جبل الشيخ السوري ستقوم دولة اليهود

هآرتس 18/12/2024، تسفي برئيلفي غزة وفي جبل الشيخ السوري ستقوم دولة اليهود

ما هي حدود دولة إسرائيل وأين توجد؟. هذا سؤال غير صعب إلا أنه محير. إسرائيل توجد لها حدود سياسية تم الاعتراف بها في الأمم المتحدة في القرار التاريخي الذي أسس دولة إسرائيل. داخل هذه الحدود، “الخط الأخضر”، تم بناء الملجأ الوطني، الملجأ لكل يهود العالم، الذين لا يشعرون بالأمان في أماكن اقامتهم، والذي كان فيه سيتشكل المجتمع والهوية والثقافة الإسرائيلية على أسس قيمية عالمية متميزة. 

الحدود القومية هذه تم محوها. خارطة ارض إسرائيل التي كانت تعلق على الجدران في المدارس الأساسية قبل بضعة عقود تشبه الآن خرائط الهاوين لجمع الصور، التي تصف العالم القديم. الخرائط التي ما زالت ترسم الحدود بين النهرين ومملكة عيلام ومملكة آشور. قبل بضع سنوات، في درس عن النزاع الإسرائيلي – العربي سألت ما هو الخط الأخضر، وطلبت من الطلاب الإشارة على الخارطة أين يمر. في الحصة كان 40 طالب، شباب في العشرينيات، كثيرون منهم خدموا في الجيش وبعضهم خدموا في الاحتياط قرب الحدود، لكن طالبة واحدة فقط عرفت الجواب الصحيح. “من أين تعرفين ذلك”، سألت. وهي اجابت: “أنا أعيش في مستوطنة، وأعرف ضد من نحن نحارب”. اصدقاؤها لم يعرفوا عن أي نضال تتحدث، وهم محقون في ذلك. 

إسرائيل هي دولة بدون حدود، وهي آخذة في التوسع من خلال مرونة جغرافية آخذة في الاتساع. الآن غزة أصبحت جزء لا يتجزأ من الدولة، و”جبل الشيخ السوري” سيأخذ في القريب اسم مناسب، وربما سنحظى أيضا بقاطع صغير في الشمال، في المنطقة التي ما زالت تسمى جنوب لبنان. الطالبة الآن لم تعد بحاجة الى النضال من اجل حدودها. اذا كان يخيل قبل سنوات بأنه توجد دولتان يهوديتان بين النهر والبحر، دولة يهودية داخل الخط الأخضر والى جانبها دولة المستوطنات التي تستجدي الاعتراف بها وتعمل على “استيطان القلوب”، فانه من الآن فصاعدا الأمور انقلبت. الآن أصبحت دولة “الخط الأخضر” هي التي تناضل على بقاء هويتها.

هذا نضال بائس لقلة أمام كثرة، وفرصته ضئيلة، لأن الأقلية – التي تؤمن بالليبرالية وبتفوق قيمها، وتخشى من الانقلاب النظامي واقالة المستشارة القانونية للحكومة والقوة عديمة الكوابح لوزير الامن الداخلي ومسيحانيي الكذب وعصابات الشر التي تسيطر على الدولة – انضمت في معظمها بسرور للاحتفال بالحدود الجديدة، التي ستملي قيمها. هذا الجمهور لم يعد يميز التناقض بين النضال على صورة الديمقراطية وبين الوطنية والإخلاص لدولة لا توجد لها حدود، وقتلت نحو 45 ألف شخص في غزة. 

هذه الأقلية، التي ترفع بتفاخر راية مقاومة الاستيطان في غزة، لا تلاحظ أنها تبنت الآن قيم الاستيطان، وسلمت بالوضع الذي فيه في ساحتها الخلفية يجري احتلال وحشي في الضفة، احتلال يهدف الى ضم الدولة الأم الى دولة المستوطنين وإقامة دولة واحدة لشعب واحد. يجب التذكير بأن رؤساء الاحتجاج على الانقلاب النظامي صمموا على ابعاد من “ساحتهم” حفنة المتظاهرين الذين وضعوا طاولة وعلقوا لافتة ضد الاحتلال. لأنه في نهاية المطاف ما هي الصلة بين الاحتلال والديمقراطية؟.

لا يوجد أي خلاف على أن الدولة بحاجة الى حدود آمنة، تسمح لمواطنيها العيش بهدوء ودون التشكيك في وجودها. ولكن عندما تكون الحدود الجديدة بمجرد وجودها هي التي ستخلق الهوية الوطنية وتشكل بناء عليها قيم مواطنيها، حيث أنها تملي قواعد السلوك الأخلاقية وتلفظ الى الخارج من لا يقدسها ويقسم بالاخلاص لها الى الأبد، وعندما يحولون جبل الشيخ السوري وجنوب لبنان وغزة الى الروح المشكلة وأساس الأيديولوجيا التي بدونها لن تكون لشعب إسرائيل قيامة – فانه لم يعد يهم أي نظام سيقوم في إسرائيل. الحدود هي التي ستنتصر.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى