هآرتس: سلطة القانون؟ هذا أمر يعود لـ 6 أكتوبر
هآرتس 16/10/2024، تسفي برئيل: سلطة القانون؟ هذا أمر يعود لـ 6 أكتوبر
عندما تصف المستشارة القانونية للحكومة الكابنت بأنه “مدينة ملاذ لقرارات غير سليمة” فهي بذلك تقدم تسهيلات كبيرة للحكومة، التي منذ اكثر من سنة تعمل حسب قوانين الحرب. ليست تلك التي نصت عليها المواثيق الدولية أو كتاب القوانين في اسرائيل، بل التي صيغت حسب رؤية مشوهة، تضع الحرب فوق القانون وتعتبر أن القانون هو جسم معادي يقف امام “النصر المطلق”.
الحديث لا يدور فقط عن تعيين شخصيات رفيعة أو في اجراءات عمل الوزراء، بل عن ادارة الحرب التي تعاني من عجز قانوني عميق. تطاول الجنود في الضفة الغربية وفي قطاع غزة وتدمير الممتلكات واستخدام الفلسطينيين كـ “كلاب أثر” وقتل بدون تمييز للمدنيين، كل ذلك اصبح معايير مناسبة تحصل على الشرعية من كونها جزء لا يتجزأ من الحرب المقدسة التي كل شيء فيها مباح.
في هذه الحرب القانون تتم تنحيته جانبا ليس فقط في ساحة الحرب، بل يتم سحقه ايضا في المجال المدني. ليس فقط في المناطق اصبح تطبيق القانون نكتة؛ المجرمون يتجولون بدون خوف، حيث يحظون بدعم الجيش الاسرائيلي والشرطة؛ في دولة اسرائيل الشرطة تتبنى موقف سلطة تشريعية مستقلة. فهي تحظر نشر “افلام خطيرة” وتعتقل مدنيين بشبهة “التحريض” بدون اساس قانوني، وتلغي عروض ثقافية، ليس بسبب توجيهات قيادة الجبهة الداخلية، وتضر بعمل المراسلين. في الاستوديوهات يناقشون بجدية ليس مسألة قانونية تجويع مئات آلاف الغزيين، أو لا سمح الله، باخلاقية “خطة الجنرالات”، بل بدرجة نجاعتها.
الصدمة الفظيعة التي شهدتها اسرائيل في 7 اكتوبر حطمت الثقة بكل حل سياسي. والدليل على ذلك موجود في تشويه الوعي المريض الذي تطور بالنسبة للمخطوفين. حتى قبل بضعة اشهر الرواية السائدة دعت الى السعي الى عقد صفقة حتى لو كان معناها انهاء الحرب وانسحاب الجيش الاسرائيلي من القطاع – أي نهاية سياسية للعملية العسكرية. هذه النوايا دفنت مع المخطوفين، ليس فقط لأنهم اصبحوا عبء وعائلاتهم اصبحت خائنة تضر بالجهود الحربية، ومجرد الانشغال بـ “الصفقة” اعتبر أمر غير اخلاقي، وعمل ضد الحماس العسكري. دور الصفقة سيأتي، هذا اذا جاء، فقط بعد انهاء كل الحروب، سواء في غزة أو في لبنان أو في ايران.
ولكن هدف الحرب في لبنان، “اعادة السكان الى بيوتهم”، تحول الى هدف ثانوي. أولا وقبل أي شيء يجب تصفية حزب الله، و”استنفاد الانجازات العسكرية”، تطهير نفق آخر وقرية اخرى والسيطرة على جنوب لبنان. زيارة الصحافيين في غزة برعاية الجيش الاسرائيلي لم تعد موضوع مثير للانفعال. موضوع الجذب الجديد هو الجولات في انفاق حزب الله. ومثلما هي الحال في غزة فان هذه الجولات تهدف الى اثبات ضرورة مواصلة “تطهير المنطقة” ورفض أي اقتراح سياسي، والاستمرار في الحرب، ترسيخ ضرورة سيطرة الجيش بشكل دائم في جنوب لبنان. بديهية “لا يوجد شريك” في السلطة الفلسطينية، التي تم استنساخها في غزة، تحتفل الآن في لبنان. بشكل متعمد هي تصب في الوعي عدم امكانية الحل السياسي من اجل أن يتم قبول الحرب الدائمة كواقع لا مناص منه، اضافة الى ذلك ترسخ شرعية “سلطة قوانين الحرب” التي تقوض سلطة القانون.
عدم وجود “مخرج” ليس شعورا ذاتيا أو وضعا سياسيا – أمنيا حقيقيا. فهو يتطور الى استراتيجية طموحة لن تكتفي باستغلال الحرب كأداة لضمان بقاء الحكومة، وبالاساس حكم المتهم بمخالفات جنائية الذي يترأسها. هدفها الايديولوجي سيكون تشكيل طابع المجتمع الاسرائيلي واعداده لعهد قانوني جديد يستند الى حالة الطواريء بشكل دائم، ويعطي الحكومة الشرعية في ادارة الدولة كما تشاء. هذا سيكون واقع من “خيبة الأمل”، واقع فيه استخدام قوانين “عادية” معيارية سيتم اعتباره بأنه يعود الى 6 تشرين الاول. واقع حتى من هندسوا الانقلاب النظامي لم يكن بامكانهم أن يحلموا به.