ترجمات عبرية

هآرتس: رجال الإغاثة يُقتلون من مسافة صفر

هآرتس 23/4/2025، ينيف كوفوفيتش: رجال الإغاثة يُقتلون من مسافة صفر

قوة دورية غولاني التي قتلت عاملي الإغاثة في رفح حصلت على تقرير عن حركة متزايدة لسيارات الإسعاف في المحور قبل فترة قصيرة على الحادثة، واطلقت النار عليهم طوال ثلاث دقائق ونصف على التوالي، حتى من مسافة صفر، من خلال تبديل مخازن ذخيرة كثيرة، رغم أن العاملين حاولوا الإعلان عن هويتهم – هذا ما يتضح من المواد التي جمعت بعد الحادثة ونقل جزء منها الى طواقم التحقيق العملياتي وتحقيق هيئة الأركان. 

هذه المواد التي يتم نشرها الآن للمرة الأولى تشير أيضا الى عدم الانضباط العملياتي لقوة غولاني، والى عدم الموثوقية في الروايات التي اخبروها للقادة والمحققين. من هذه المواد يتضح أيضا أن السلوك العملياتي للقوة عرض للخطر الجنود والقوات الأخرى في المنطقة.

التحقيق الذي اجراه جهاز الاستقصاء التابع لهيئة الأركان وتم نشر خلاصته في هذا الأسبوع على الجمهور استهدف صد النقد الدولي الشديد الذي سمع في اعقاب الحادثة، التي قتل فيها 15 عامل إغاثة، لكنه لم يعرض الصورة الكاملة. “هآرتس” تعرض الآن عدة تفاصيل لم تكشف بعد عن تلك الليلة في رفح، وتسلط الضوء على سلوك القوة. التفاصيل نقلت الى النائبة العسكرية الرئيسية يفعات تومار يروشالمي، التي تقوم بفحص الشهادات والمواد التي جمعت في التحقيق، وستقرر اذا كان هناك أساس لفتح تحقيق في الشرطة العسكرية.

تحقيق هيئة الأركان الذي ترأسه الجنرال احتياط يوآف هار ايفن، وجد أن القوة اطلقت النار في ثلاثة احداث مختلفة على سيارات اسعاف وسيارة للأمم المتحدة بالخطأ، التي أحيانا تجاوزت التعليمات. استنتاجات التحقيق التي نشرت على الجمهور رفضت الادعاءات والشهادات التي تقول بأن عاملي الإغاثة تم تقييدهم واعدامهم، وحتى أنه جاء بأن “القوات لم تقم باطلاق النار بشكل عشوائي”، هذا رغم أن المواد التي تم العثور عليها تشير الى أن اطلاق النار بشكل عشوائي لثلاث دقائق ونصف على التوالي على قافلة سيارات الإغاثة كان في حالة من الحالات. 

في الليلة التي كان فيها الحادث، 23 – 24 آذار، استعدوا في الجيش الإسرائيلي لشن هجوم مفاجيء على حي تل السلطان في رفح، الذي تم التخطيط له في 24 آذار. في الأيام التس سبقت العملية انتشرت في المنطقة قوات من الفرقة 36 وفرقة غزة. في الجيش الإسرائيلي لاحظوا في فترة وقف اطلاق النار أن عدد كبير من نشطاء حماس الذين ينتمون للواء رفح بدأوا يعودون الى منطقة إنسانية في المواصي، حيث اختبأوا هناك في محاولة لاعادة تنظيم اللواء الذي تضرر اثناء القتال. الإعلان عن اخلاء تل السلطان كان يمكن أن ينشر على السكان في الثامنة صباحا، والهجوم المفاجيء كان يمكن أن يؤدي الى هرب المخربين من المكان. 

قوة دورية غولاني التي عملت تحت اللواء 14 طلب منها الذهاب الى كمين بدون اكتشافها، وحتى لحظة نشر التعليمات للسكان بالذهاب الى الأماكن الإنسانية. مهمة القوة كانت نصب كمين في المكان الذي قدر فيه الجيش أن مخربي حماس الموجودين في رفح سيحاولون الهرب اليه برعاية السكان المدنيين – والمس بهؤلاء المخربين.

القوة انطلقت في الساعة الثانية فجرا وتمركزت في المحور الذي عبره يجب على السكان مغادرة المنطقة والتحرك نحو خانيونس والمواصي. في الجيش الإسرائيلي توجد آلية استهدفت السماح لمنظمات الإغاثة التي تعمل في القطاع أن يطلبوا السير في المحاور التي حظرت فيها الحركة بدون أن يمسهم الجيش فيها. ولكن المحور الذي تمركزت القوة فيه في تلك الليلة كان محور الحركة فيه كانت مسموحة في حينه لرجال الإنقاذ المواطنين، لذلك فان عاملي الإغاثة والطواقم الطبية التي سافرت فيه لم يكن يجب عليها طلب مصادقة للسفر فيه. هذا خلافا لما قيل في بيان الجيش الإسرائيلي الأول الذي نشر بعد الحادثة. بأثر رجعي تبين أن البيان ارتكز الى معلومات خاطئة أرسلتها القوات في الميدان.

في الساعة 3:30 تقريبا قوة أخرى عملت في المنطقة، التي قادها نائب قائد السرية في اللواء، أبلغت القوات الأخرى في جهاز الاتصال الانتباه الى حركة سيارات اسعاف في المحور. في التقرير الذي ارسلته القوة لم يتم ذكر أي اشتباه بخصوص سيارات الإسعاف. قوة الدورية التي سمعت التقرير تمركزت على بعد 30 متر من المحور.

في الساعة 3:57 تحركت على المحور سيارة اسعاف مع أضواء ساطعة في رحلة روتينية. ركاب هذه السيارة لم يتمكنوا من رؤية الجنود الذين كانوا في المكان، الذي لا يمكن تمييزه اثناء السفر في المحور. ولأن القوة كانت داخل “منطقة مسيطرة”، أي منطقة اعلى من المحور، فان سيارة الإسعاف لم يكن بإمكانها تنفيذ عملية دهس أو تهديد الجنود الذين أرادوا عدم الانكشاف قبل شن الهجوم الكبير على تل السلطان.

كل المنطقة كانت مظلمة اثناء الحادث، ولم يكن بالإمكان أن لا تتم ملاحظة الأضواء الساطعة، هذا ما يتضح من توثيق الحادث الذي تم تعزيزه من قبل الجيش الإسرائيلي، ووصل من المسيرة والحوامات التي رافقت القوة. نائب قائد دورية غولاني، ضابط الاحتياط الذي ترأس القوة، قرر على مسؤوليته تغيير المهمة وأمر كل القوة بالاستعداد لاطلاق النار على سيارة الإسعاف التي سافرت نحو الكمين. عندما كانت سيارة الإسعاف على وشك المرور قرب القوة اطلق الجنود النار عليها، القوة انقضت من خلال اطلاق النار على السيارة التي قتل فيها اثنان من عاملي الإغاثة وشخص آخر تم اعتقاله على يد القوة.

احد الجنود، الذي لا يتحدث العربية جيدا، حاول أخذ من المعتقل معلومات بخصوص هوية القتلى، وتوصل الى استنتاج من أقواله بأن الامر يتعلق برجال حماس. نائب قائد الكتيبة ابلغ قائد اللواء الذي كان يوجد في غرفة العمليات، عن اطلاق النار والقتلى. قائد اللواء 14، العقيد طل الكوبي، حاول التقدير في المحادثة مع القوة في الميدان اذا كان الحادث أدى الى كشفهم، الامر الذي يمكن أن يضر بخطة الهجوم الكبيرة، أو اذا تضرر عنصر المفاجأة. في محادثة بينهما قال نائب قائد الكتيبة بأنه يقدر أن القوة لم يتم كشفها.

الجنود قاموا باطفاء سيارة الإنقاذ والاضواء واخفوا الجثث وعادوا الى نفس نقطة الكمين. نائب قائد الكتيبة قال في شهادته بأنه من المكان الذي كان يستلقي فيه لم يكن بالإمكان رؤية أضواء سيارة الإسعاف، وأنه اعتقد أن الامر يتعلق بسيارة لشرطة حماس، لذلك قرر اطلاق النار، رغم أن هذه لم تكن مهمته. طاقم التحقيق التابع لهيئة الأركان لم يقتنع برواية نائب قائد الكتيبة وقرر اجراء استعادة للحادث في قاعدة في مركز البلاد من اجل فحص روايته. أيضا بعد تمثيل الحادث لم ينجح نائب قائد الكتيبة في اقناع المحققين بروايته، لكنهم وافقوا على موقفه الذي يقول بأن الامر كان يتعلق بمنطقة قتال وأن القوة كانت في حالة تأهب قبل هجوم كبير، لذلك هم ركزوا بالأساس على اتخاذ القرارات العامة وليس الخطأ في تشخيص سيارة الإسعاف الأولى التي أصيبت.

بعد اطلاق النار الأول عادت القوة الى النقطة التي استلقى فيها في الكمين، حسب تعليمات قائد اللواء 14 الذي قدر بأن القوة لم يتم اكتشافها وأن عنصر المفاجأة لم يتضرر. في الساعة 5:06 صباحا تحركت قافلة من السيارات، شملت سيارات اسعاف وسيارة دفاع مدني، في المحور. جميع السيارات كانت الأضواء فيها مضاءة وساطعة، ولم يكن من الصعب تمييزها في هذه المنطقة المظلمة.

نائب قائد الكتيبة قال في شهادته بأنه من اللحظة التي اعتقد فيها أن القتلى في السيارة الأولى هم من نشطاء حماس، قدر أن قافلة سيارات الإسعاف التي تشق الطريق نحو المكان هي بالفعل قافلة لنشطاء حماس الذين عرفوا عن الحادث وجاءوا لأخذ جثث أعضاء حماس الذين قتلوا كما يبدو، ومهاجمة قوة دورية غولاني. السيناريو الذي فيه قوة لحماس تخرج في سيارات إسعاف الى المكان الذي يعرفون بالتأكيد أنه توجد فيه قوات للجيش الإسرائيلي، ليس سيناريو قابله الجيش الآن في القتال في القطاع، لذلك، أيضا في طاقم التحقيق وفي قيادة اللواء لم يقتنعوا برواية نائب قائد الكتيبة. 

قافلة سيارات الإسعاف اقتربت من مكان كمين القوة في سفر بطيء نحو المكان الذي كانت توجد فيه جثث ركاب سيارة الإسعاف الأولى. خلافا للادعاء بأن القافلة عرضت القوة للخطر، فانه من توثيق الحادث يثور الشك اذا كانوا عرفوا عن وجود الجنود في المكان. القافلة توقفت قرب السيارة التي أصيبت، والطواقم الطبية نزلت منها باتجاه الجثث، على الجانب الثاني للمحور، فعليا الطواقم الطبية ابتعدت عن مكان كمين قوة الدورية. رجال الطاقم الطبي كانوا يرتدون سترات واقية مضاءة، وتركوا أضواء تعريفهم مضاءة والصافرات مشغلة لتسليط الضوء على وجودهم في مكان الحادث خوفا من أن يقوم الجيش الإسرائيلي بالمس بهم. 

عند توقف القافلة أمر نائب قائد الكتيبة القوة باطلاق النار على السيارة. لقد أمر الجنود الذين يحملون الرشاشات باطلاق النار من الكمين وأمر باقي القوة بالانقضاض على القافلة، المسافة بين القافلة وجنود القوة كانت 20 – 30 متر، هكذا فان كل القوة كان يمكنها تمييز أيضا بواسطة أجهزة الرؤية الليلية التي كانت معهم بأن الامر لا يتعلق بمسلحين، بل بطواقم طبية. 

الجنود الذين انقضوا وصلوا خلال ثوان الى طاقم الإنقاذ ونفذوا خلال ثلاث دقائق ونصف اطلاق نار متواصل عليهم. الجنود قاموا بتبديل مخازن الذخيرة واستمروا في اطلاق النار، حتى عندما اتضح لهم بأنه لا يتم اطلاق النار من الطرف الثاني، في موازاة صراخ رجال الإسعاف الذين حاولوا تعريف انفسهم. بعض رجال الإسعاف حاولوا الهرب الى المنطقة المفتوحة، لكن بعد انتهاء الثلاث دقائق ونصف من اطلاق النار المتواصل من مسافة صفر قتل 12 منهم.

في التحقيق العملياتي للقادة تبين أن سلوك القوة في المكان كان سلوك بدون اكتراث، القوة لم تعمل في خط مستقيم اثناء الهجوم، حيث مر الجنود امام مواقع بعضهم اثناء اطلاق النار بدون الحفاظ على حدود القاطع، وكان يمكن أن تنتهي الحادثة بقتلى نتيجة اطلاق النار من الجانبين. وقد توصلت التحقيقات التي أجرتها هيئة الأركان الى هذه الاستنتاجات أيضا.

نائب قائد الكتيبة ارسل تقرير عن الحادث، لكنه ابلغ في البداية عن قافلة غير مشخصة وبدون أضواء، وقال إن قرار اطلاق النار كان من خلال الشعور بالخطر على القوة، رغم أن التوثيق الموجود لدى الجيش ينفي ادعاءاته. قائد اللواء 14 تحدث مرة أخرى مع نائب قائد الكتيبة للاستيضاح اذا تم كشف القوة واذا كان عنصر المفاجأة تضرر قبل الهجوم على تل السلطان، الذي كانت كل قوات الكتيبة 36 متأهبة له. 

رئيس الأركان ايال زمير اقال في اعقاب الحادث نائب قائد الكتيبة “بسبب مسؤوليته كقائد قوة في الميدان، وبسبب التقرير الناقص وغير الدقيق الذي قدمه اثناء التحقيق”. وتقرر أيضا أن العقيد طل الكوبي، قائد اللواء 14 تصرف باهمال في اعداد الجنود للعملية، وحصل على ملاحظة انضباط في ملفه الشخصي.

في الهلال الأحمر وفي جهاز الدفاع المدني قالوا إن رجال الإسعاف الذين قتلوا في الحادث هم مصطفى خفاجة، عز الدين شعث، صالح معمر، رفعت رضوان، محمد بهلول، اشرف أبو لبدة، محمد الحيلة، رائد الشريف، يوسف خليفة، فؤاد الجمل، زهير الفرا، أنور العطار، سمير البهابشة، إبراهيم المغاري وكمال شحتوت. في تحقيق هيئة الأركان جاء أن ستة منهم هم من رجال حماس، بعد تشخيصهم بأثر رجعي. في الجيش لم يذكروا بالتفصيل من بين الـ 15 تم تشخيصهم كرجال حماس، وماذا كان دورهم. مصادر مطلعة قالت إنه حتى لو كان الامر يتعلق بنشطاء لحماس فان الامر لم يكن يتعلق باشخاص كانوا من الذراع العسكري في حماس.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى