هآرتس: رئيس الوزراء يراهن على حرب خطيرة
هآرتس 17/9/2024، عاموس هرئيل: رئيس الوزراء يراهن على حرب خطيرة
صباح يوم أمس نشر في عناوين “هآرتس” الرئيسية بأن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يدفع بالجيش ووزير الدفاع يوآف غالنت نحو شن هجوم اوسع في لبنان وفي قطاع غزة. سياق هذه العملية لم يكن واضح أبدا. ففي نهاية المطاف نتنياهو يرسل رسائل متناقضة طوال فترة الحرب، وحتى الآن امتنع عن مواجهة مباشرة مع حزب الله في لبنان. ما هو سلم الاولويات بالنسبة له؟ وهل هو يفضل من الآن تركيز الجهد على لبنان على حساب غزة كما أوصى بذلك غالنت ورئيس الاركان هرتسي هليفي من فترة طويلة لفعل ذلك؟.
اللغز تم حله في الظهيرة. فقد تبين أن نتنياهو يوشك على التوصل الى اتفاق سري مع عضو الكنيست جدعون ساعر (اليمين الرسمي) بخصوص انضمامه على رأس قائمة تضم اربعة اعضاء كنيست للائتلاف. الثمن السياسي لخصم تشاجر معه مدة عشر سنوات – تعيين ساعر في منصب وزير الدفاع على حساب غالنت الذي ستتم اقالته. التخبط فيما يتعلق بطبيعة العملية في لبنان هو حقيقي، ومثله ايضا النقاشات الكثيرة التي جرت في الفترة الاخيرة، احيانا حتى وقت متأخر في الليل. يحتمل أن النقاشات ستؤدي في نهاية المطاف اسرائيل الى مواجهة اوسع في لبنان، رغم أنه في هذا الشأن توجد اختلافات في الرأي بين القيادة السياسية والقيادة الامنية في الدولة.
لكن التطويق من اليمين الذي قام به نتنياهو، والذي حث غالنت على العمل في لبنان بعد أن استدعى في 11 تشرين الاول الماضي اعضاء المعسكر الرسمي للحكومة من اجل وقف توصية لغالنت والجنرالات لتوجيه ضربة استباقية مدوية ضد حزب الله، لم يأت من أي مكان. كالعادة وراءه كان اعتبار سياسي. رئيس الحكومة طلب تمهيد الارض لاقالة غالنت عن طريق عرض عبثي وكأن الوزير مرن ومتساهل جدا في قضية لبنان.
اسرائيل ما زال يمكن أن تجد نفسها في حرب شاملة مع حزب الله. ولكن نتنياهو لم يستيقظ فجأة في الصباح وهو يحمل الشعور بالذنب بسبب التخلي عن 60 ألف من سكان الحدود الشمالية الذين تم اخلاءهم من بيوتهم منذ 11 شهر وأكثر. وكما هو واضح فانه منذ اشهر كثيرة الاعتبارات الوحيدة التي توجه قرارات رئيس الحكومة في الحرب تتعلق ببقائه الشخصي واستمرار حكمه. فهي تدفع جانبا أي اعتبار استراتيجي أو عسكري. وكما نما محور فيلادلفيا من المجهول وفي لحظة واحدة اصبح مصدر الامن الوحيد لنا من اجل اغلاق الدائرة على صفقة المخطوفين، هكذا ايضا تم الآن اختراع مبرر جديد. نتنياهو متحمس للتخلص من غالنت كي يضمن استقرار الائتلاف. واذا كان من اجل ذلك يجب تعيين وزير دفاع ليست له تجربة، والتقدم الى شفا الحرب الشاملة والتخلي عن المخطوفين الذين يموتون في انفاق غزة – فليكن ذلك.
أمس نشر أن عملية ضم ساعر واجهت صعوبات، جزء منها ينبع من المعارضة في داخل عائلة نتنياهو. الاسرائيليون الذين يريدون اقناع اصدقاء من الخارج بأن الديمقراطية هنا ستبقى رغم كل ذلك مستقرة وطبيعية، رغم الهزات حولنا، يجدون صعوبة متزايدة في فعل ذلك. في السنة الـ 18 لحكم نتنياهو (مع توقفين في المنتصف) اسرائيل تتصرف اكثر كجمهورية موز التي فيها مصلحة المواطن أو الجندي توقفت منذ زمن عن أن تهم السلطة.
من بين جميع المناورات السياسية المثيرة للاشمئزاز اثناء الحرب، ربما أن الامر يتعلق بالاكثر اشمئزاز من بينها، وحتى الآن في هذه الاثناء من غير الواضح اذا كان ستتطور لدينا “ليلة غالنت2″، احتجاجات كبيرة في ارجاء البلاد، حتى لو كانت هذه العملية نهائية. المواطنون في حالة تعب وانهاك، بعضهم تعودوا على التنقيط اليومي الذي يتمثل بالبشائر السيئة اضافة الى المزيد من الأنباء التي لا يمكن تصديقها.
طلاب المدارس الدينية لهم الأولوية
في الادارة الامريكية اصيبوا بالصدمة أمس من عزل غالنت وحذروا نتنياهو من النتائج الخطيرة المترتبة على ذلك. في الخلفية بقيت مشكلة لبنان على حالها. فتبادل اللكمات مع حزب الله يتجه نحو التطرف وهو يتجدد منذ اسبوعين. وعجز السياسة في اسرائيل آخذ في الانكشاف، في كل يوم السكان يكونون بعيدين عن بيوتهم وبلداتهم، وبلدات بعيدة لم يتم اخلاءها تدخل الى دائرة النيران. مع ذلك، يوجد هنا تخبط مهني واضح. فهل الجيش الاسرائيلي يمكنه الآن ادارة حرب موازية في عدة جبهات؟ ما هو وضع التآكل في اوساط الجنود، الجيش النظامي والاحتياط؟ ما هو وضع التسليح والاحتياط؟ هل عملية عسكرية شديدة ستخلف وراءها تحسن جوهري للوضع على حدود الشمال، أو كما تقول الادارة الامريكية بشدة بأن ذلك سينتهي باتفاق يشبه الاتفاق الموضوع الآن على الطاولة الذي لا يتم الدفع به قدما ازاء الجمود في المفاوضات بين اسرائيل وحماس في غزة.
عاموس هوخشتاين، المبعوث الامريكي، التقى أمس في البلاد على انفراد مع نتنياهو ومع غالنت. وقد حذر من أن توسيع المواجهة العسكرية لن يدفع قدما اعادة السكان الى بيوتهم، بل سيزيد خطر اندلاع حرب اقليمية واسعة وطويلة. البيان الذي اصدره نتنياهو في نهاية المحادثة كان اقل حدة من البيان الذي نشره غالنت. رئيس الحكومة طلب “تغيير جوهري” للوضع. وزير الدفاع قال إن “الطريقة الوحيدة التي بقيت لاعادة سكان الشمال هي بواسطة عملية عسكرية”. الامر الذي حاشية رئيس الحكومة تسرب بأن غالنت يريد في الاصل الامتناع عنه.
ما الذي يفكر به آباء الجنود الذين يخدمون تقريبا منذ سنة في القطاع، والذين يمكن استدعاءهم في القريب للمشاركة في حرب أكثر صعوبة وأبهظ ثمنا في لبنان، على خلفية هذه التطورات السخيفة؟ هل يشعرون أن الامن الوطني وأمن الابناء يوجد في أيدي يمكن الاعتماد عليها؟ هل ما زالوا يريدون التصديق بأن القرارات الاكثر اهمية للحرب يتم اتخاذها لاسباب موضوعية؟ هذه الاسئلة تزداد اكثر فأكثر في الوقت الذي يسمعون فيه من المراسلين السياسيين بأنه وراء حماس استبدال غالنت يقف اعتبار آخر وهو الرغبة في ازاحته عن الطريق كي لا يزعج صفقة قذرة بين الليكود والاحزاب الحريدية، تهدف الى تجاوز قرارات المحكمة العليا وضمان استمرار الاغلبية الساحقة من الحريديين في التهرب من الخدمة في الجيش.
نحن نشفق على عائلات المخطوفين التي اقتنعت أن رئيس شاس، آريه درعي، هو الشخص المناسب للدفع قدما بالصفقة (على الوزير اسحق غولدكنوفف، رئيس يهدوت هتوراة، يبدو أنه لم يعول أي أحد). مرة اخرى يتبين أن الاعتبارات الشخصية والقطاعية لدرعي تتغلب على الاعتبارات الوطنية أو على قلبه النازف اثناء اللقاءات مع العائلات. في نهاية المطاف هؤلاء (تقريبا) ليسوا ناخبيه الذين تم اختطافهم وهم في حالة عجز من الكيبوتسات ومن حفلة “نوفا” أو من الدبابات قرب الجدار، وتم التخلي عنهم منذ ذلك الحين وتركوا لعذاب لا ينتهي في غزة. طلاب المدارس الدينية لهم الأولوية.