هآرتس: حماس تجتهد لاظهار سيطرتها في غزة وتشد الحبل حاليا، إسرائيل تختار ألا تقطعه

هآرتس 26/1/2025، عاموس هرئيل: حماس تجتهد لاظهار سيطرتها في غزة وتشد الحبل حاليا، إسرائيل تختار ألا تقطعه
صور المراقبة الاربعة المخطوفات وهن عائدات الى ديارهن من أسر حماس في القطاع، اثارت أمس الانفعال الكبير في اسرائيل. المجندات الخمسة المخطوفات – الخامسة غام برغر، يمكن أن تعود يوم السبت القادم – اصبحن من الرموز الاكثر بروزا لمذبحة 7 اكتوبر. الموقع العسكري ناحل عوز الذي تم اختطافهن منه وقتل فيه 53 جندي ومجندة، كان ساحة فشل عسكري صارخة. الجيش الاسرائيلي استعد فيه بشكل معيب للدفاع عنه (مثلما على المستوطنات المحيطة به) وتجاهل تحذيرات المراقبات عن نشاطات استثنائية لحماس قبل الهجوم، وأبقى فيه معظم المجندات بدون سلاح، على بعد بضع كيلومترات عن الحدود مع القطاع وتأخر في تقديم المساعدة للمعسكر الذي تمت مهاجمته، مثل الكيبوتسات القريبة. حتى نشر التحقيق عن تسلسل المعركة في الموقع يتأخر، لأن نشر الحقائق غير مريح للجيش.
من اجل اضافة خطيئة الى الجريمة فقد عالجت الدولة بشكل بطيء جدا قضية المفاوضات لاعادة المخطوفين. وحسب عدد كبير من رجال الامن الذين كانوا مشاركين في المفاوضات فانه كان يمكن التوصل الى الاتفاق في الصيف الاخير، بشكل كان سيوفر حياة ثمانية مخطوفين على الاقل، ناهيك عن عشرات الجنود الذين قتلوا في هذه الفترة في المعارك في القطاع. في دولة اخرى كان رئيس الحكومة سيأتي الى مستشفى فلنسون أمس ويطلب العفو من هؤلاء الفتيات الاربعة الشجاعات، ومن ابناء عائلاتهن، اللواتي اجتزن مرحلة الاسر. بدلا من ذلك فان نتنياهو واعضاء في الائتلاف، الذين البعض منهم خلافا له حتى صوتوا ضد الصفقة، يتنافسون في وضع التاج على رأسهم لاعادة المجندات الى الديار، ومكتب رئيس الحكومة يستخدم الضغط الجسدي المعتدل على آباءهن كي لا ينسوا شكر زوجته التي توجد في مكان غير معروف.
عودة المراقبات الاربعة ليست نهاية القصة. فهناك 90 مواطن وجندي آخرين في يد حماس في القطاع، نصفهم كما يبدو ما زالوا على قيد الحياة. هذا سيتحول الى احد الطقوس في يوم السبت. ففي نهاية الاسابيع القادمة يتوقع أن تكون نبضات في المرحلة الاولى حيث ستتم اعادة المخطوفين في مجموعات صغيرة جدا.
في بث مطول في الاستوديوهات، اثنى المشاركون على قدرة صمود المجندات الاربعة، وعلى الجهود الكبيرة التي بذلها الآباء لاطلاق سراحهن، وعلى عشرات الآلاف الذين خرجوا الى الشوارع للاحتجاج. ليري الباغ، احدى المحررات، قالت أمس إنها لم تكن لتصمد في الاسر من دون المعرفة بأنهم يعملون من اجلها. هذا رد خالد لمراسلي اليمين الذين قاموا بتوبيخ بشكل دائم المحتجين بذريعة أنهم فقط يساعدون حماس.
لكن يجب الاعتراف بشيء آخر، لم يتم ذكره بشكل كاف أمس، وهو أنه خلال الـ 11 شهر بعد تفجر الصفقة الاولى في كانون الاول 2023 قمنا باجراء نقاشات عبثية في مسألة متى وهل سيتم تحرير المخطوفين. نتنياهو والحكومة وعدوا العائلات بالعمل، لكنهم فعليا افشلوا المحادثات بمساعدة حماس. فقط فوز ترامب في الانتخابات الامريكية للرئاسة اخرج عربة المفاوضات الغارقة من الوحل. وفقط استمرار تصميم الرئيس الامريكي الجديد يمكن أن يؤدي الى تحرير المخطوفين الآخرين، رغم كل العقبات الموجودة في الطريق. نتنياهو يتوقع أن يسافر في الشهر القادم الى واشنطن لاجراء محادثات مع ترامب. من المؤكد أنه يأمل وقف الصفقة بعد انتهاء المرحلة الاولى وعدم استكمالها.
توجد عقبة كأداء واحدة سبق ووضعت في نهاية الاسبوع. فحسب الاتفاق الاصلي كان من شأن اربيل يهود أن تكون ضمن قائمة المحررين (كيبوتس نير عوز) في اطار تعهد حماس باطلاق سراح النساء المدنيات قبل المجندات. حماس بدأت في وضع العقبات من أول أمس حيث كان الادعاء الرئيسي هو أن يهود توجد لدى فصيل سلفي مرتبط بالجهاد الاسلامي، لذلك فانه يصعب ضمان تحريرها على الفور. في النهاية اسرائيل وافقت على تحرير المجندات الاربعة بدون يهود. ولكن على الفور بعد عودتهن الى البلاد اعلنت اسرائيل بأنها ستؤخر فتح ممر نتساريم امام مرور الغزيين الى شمال القطاع.
أمس بعد الظهر كان تجمع للفلسطينيين في جنوب ممر نتساريم بانتظار فتحه. حماس سارعت الى الابلاغ بأن يهود على قيد الحياة وأنه سيتم اطلاق سراحها في يوم السبت القادم. اسرائيل تستمر في الضغط بهدف الحصول على اشارة على حياتها وتبكير عودتها قبل يوم السبت. من المهم عدم التنازل عنها، لكن من الافضل الانتباه كيف أن اسرائيل لا تفشل الصفقة. يهود، يجب الذكر، كان يمكن أن تعود في الصفقة السابقة قبل سنة تقريبا، لكن في حينه المفاوضات تفجرت.
حماس حاولت أمس جعل تحرير المخطوفات استعراض للقوة. في هذه المرة تجمع في وسط غزة عدد اكبر من المسلحين الملثمين، وجمهور واسع كان يحيط بهم مقارنة مع اطلاق السراح السابق. تواجد حماس المسلح في ارجاء القطاع يدل على أنها تصمم على اظهار التعافي والسيطرة من جديد على الصلاحيات المدنية والعسكرية في كل القطاع. يبدو أن الكثير من المسلحين لم يشاركوا في المعارك مع الجيش الاسرائيلي للحفاظ على قوة عسكرية لنهاية الحرب واعادة السيطرة. تصميم اسرائيل على عدم السماح لأي بديل سياسي بالظهور في المكان، يسهل على حماس أن تملأ الآن هذا الفراغ. ايضا يتوقع أن تراكم حماس قوة كبيرة في الضفة الغربية بعد تحرير عدد كبير من السجناء من الضفة في اطار الصفقة.
في نفس الوقت كان هناك عدد كبير من الاكاذيب والتضليل لحماس. أمس سمح بالنشر في اسرائيل بأنه في تشرين الثاني الماضي حاولت حماس خلق الانطباع بأن احدى المراقبات التي تم اطلاق سراحها الآن، دانييلا غلبوع، قتلت في الاسهر نتيجة عمليات قصف الجيش الاسرائيلي. هذه المناورة اثبتت الى أي درجة يوظف هذا التنظيم الجهود في الحرب النفسية. حماس اطلقت سراح المخطوفات الاربعة وهن يرتدين الزي العسكري. قناة “الجزيرة” القطرية، التي تعمل كوكيل دعاية لحماس، سارعت الى التوضيح بأن هذا هو الزي الذي تم اختطاف المجندات به. هذه هراءات بالطبع، لأن حماس نفسها وثقت المراقبات وهن يرتدين البيجامات الملطخة بالدماء، على الفور بعد اختطافهن وقتل صديقاتهن أمام عيونهن.
الخوف من التعقيد في لبنان
القطاع ليست الساحة الوحيدة التي فيها التسويات التي تم التوصل اليها غير ثابتة. اليوم ستنتهي مدة الستين يوم التي خصصت للمرحلة الاولى من وقف اطلاق النار في لبنان، التي في نهايتها كان يجب على قوات الجيش الاسرائيلي استكمال انسحابها من جنوب لبنان. عمليا، اسرائيل اعلنت في الاسبوع بأن تواجد القوات سيستمر في عدد من المناطق. العملية التي حظيت حتى الآن على الدعم الامريكي يتم تبريرها بالخرق المتواصل للاتفاق من قبل حزب الله وتأخير انتشار قوات الجيش اللبناني، التي كان يمكن أن تتحمل المسؤولية الامنية في المنطقة.
عمليا، اسرائيل تتبع خط متشدد جدا تجاه حزب الله، والجيش الاسرائيلي اطلق النار عشرات المرات على رجال حزب الله ومواقع عسكرية له جنوب وشمال نهر الليطاني. في هيئة الاركان، وبالاساس في قيادة المنطقة الشمالية، تمت التوصية بالبقاء في نقاط سيطرة ومناطق رئيسية شمال الحدود، داخل اراضي لبنان، من اجل حماية المستوطنات في الطرف الاسرائيلي. لكن هذه الخطوة غير متواصلة. من الآن توجد مستوطنات، التي قام الجيش الاسرائيلي باخلاء جزء من القرى اللبنانية القريبة منها، في حين أنه ما زال يسيطر قرى أخرى.
في الجيش الاسرائيلي يستعدون لامكانية أن يحاول حزب الله المبادرة الى احداث جديدة على خلفية بقاء القوات في لبنان. ضمن امور اخرى، الحديث يدور عن سيناريو اطلاق قذائف أو صواريخ مضادة للدروع على المواقع، الى جانب محاولة القيام بـ “مسيرات عودة” حاشدة للمدنيين الى قراهم. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي نشر تحذير للسكان بعدم العودة، اضافة الى ذلك هناك استعدادات خاصة للقوات لصد مثل هذه المسيرات. رجال في الاحتياط يخدمون في لبنان انتقدوا تصميم الجيش على البقاء. حسب اقوالهم فان النشاطات في قرى الجنوب التي ما زالت تتواجد فيها القوات محدودة وهي ترتكز الى مهمات تفجير البيوت بهدف المس بمواقع يوجد شك في أنه تم استخدامها من قبل حزب الله. وقد حذروا من أن الجنود متعبين بعد الخدمة الطويلة في لبنان، وقالوا إن هذا يمكن أن يؤدي الى التعقيد بسبب البقاء غير الضروري في الاراضي اللبنانية.