ترجمات عبرية

هآرتس: تصعيد آخر أم حرب أخرى

هآرتس 29/7/2024، عاموس هرئيل: تصعيد آخر أم حرب أخرى

على الفور بعد هبوط رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في البلاد بدأت أمس بعد الظهر سلسلة مشاورات امنية بشأن رد اسرائيل على اطلاق الصاروخ نحو هضبة الجولان، الذي قتل بسببه أول أمس 12 طفل وفتى وأصيب عشرات الاشخاص في القرية الدرزية مجدل شمس. الحادث الخطير لن يمر بدون رد قاسي من جانب اسرائيل. النقاشات تركزت حول قوة العملية المطلوبة وتضمنت محاولة تقدير كيف سيرد حزب الله. تبادل اللكمات القادم سيحسم اذا كانت هناك انعطافة في الحرب التي ستضع الجبهة الشمالية في مركز الاحداث، أو أنه سيكون تصعيد آخر يمكن استيعابه بدون أي تغير هام في التوجهات.

منذ سقوط الصاروخ في ملعب كرة القدم يحاول حزب الله نفي مسؤوليته عن الاطلاق. الحادث أدى الى حرج حزب الله على خلفية اصابة اولاد دروز، الذين جزء من عائلاتهم يحملون الجنسية السورية. وقد تم تجنيد لمهمة الكذب والتضليل هذه سياسيون ورجال دين دروز من لبنان ومن سوريا، الذين حاولوا القاء التهمة على اسرائيل. عمليا، الحقائق واضحة: في الملعب ضربه صاروخ فلق ثقيل الوزن من انتاج ايران الذي اطلقه رجال حزب الله من منطقة مزارع شبعا في شمال غرب جبل الشيخ. 

يمكن الاعتقاد بأن حزب الله لم يوجه الصاروخ نحو مجدل شمس، بل نحو مواقع الجيش الاسرائيلي في جبل الشيخ وفي مزارع شبعا. هذا لا يغير الكثير. فمنذ بداية الحرب اطلق حزب الله مئات الصواريخ نحو جبل الشيخ. وقد سجلت في السابق اصابات في مجدل شمس ومحيطها وقرب قرى درزية في شمال هضبة الجولان. حزب الله يعرف ذلك، وقد كان يدرك أن سكان القرى الدرزية في هضبة الجولان لم يتم اخلاءهم. كل المسؤولية عليه، ايضا هو الذي بدأ الحرب في الشمال في 8 تشرين الاول، عندما انضم بعد يوم (اطلاق النار المضادة بدون اقتحام للحدود) الى هجوم حماس في الجنوب.

قيادة حزب الله تعرف أن الاصابة الشديدة للمواطنين هي تجاوز لقواعد اللعب المكتوبة والتي تبلورت في الحرب. على الاغلب الطرفين ركزا على الاهداف العسكرية وحاولا تجنب المس بالمدنيين. حزب الله اطلق بين فينة واخرى بشكل متعمد نحو مدنيين اسرائيليين، بعد أن اصاب الجيش الاسرائيلي بالخطأ مواطنين في لبنان أو بعد أن انتظر رجاله لفترة طويلة جدا حسب رأيهم في كمائن لقوات الجيش الاسرائيلي واختاروا في النهاية ضرب المدنيين عندما لم يشخصوا هدف عسكري. في اللحظة التي فهم فيها حزب الله بأن المستوطنات على الحدود تم اخلاءها بتعليمات الحكومة والجيش بدأ يطلق النار عليها بشكل متعمد على فرض أنه سيصيب بالاساس جنود. في حزب الله يدركون أن اسرائيل لن تمر مر الكرام على قتل المدنيين وأنها تخطط لرد شديد نسبيا.

في مثل هذه الظروف فان حزب الله يجري بشكل عام مشاورات مكثفة مع النظام في ايران ومع كبار قادة حرس الثورة في محاولة لبلورة سياسة عمل مشتركة. الزعيم الاعلى الايراني علي خامنئي يعطي اهمية كبيرة لنصائح رئيس حزب الله، حسن نصر الله. منذ موت قاسم سليماني باغتيال امريكي في العراق في 2020 فان حسن نصر الله هو الذي يقود بدرجة كبيرة سياسة المحور الشيعي تجاه اسرائيل.

توجد لطهران اعتبارات مركبة. فحرب استنزاف مع اسرائيل تخدم مصالحها؛ من غير المؤكد أن مواجهة اقليمية شاملة هي امر مرغوب بالنسبة لها الآن. من جهة اخرى، الولايات المتحدة تستخدم الضغط الكبير على اسرائيل كي لا ترد بصورة قاسية جدا حسب رأيها في لبنان. الامريكيون يخشون من حرب اقليمية التي ستؤثر على الحملة الانتخابية للرئاسة في الولايات المتحدة. المجتمع الدولي يخشى من أن هذه الحرب ستسيطر على الاجندة الدولية في ذروة الالعاب الاولمبية.

هناك تداعيات متبادلة بين ما يحدث على الحدود بين لبنان واسرائيل وبين الحرب ضد حماس والمفاوضات حول صفقة التبادل. رئيس حماس في غزة، يحيى السنوار، توجد له الآن مصلحة في الانتظار وعدم الدفع قدما بالصفقة بشكل فوري. واذا كانت احتمالية لجر اسرائيل الى حرب اقليمية مع تدخل مباشر لحزب الله وغير مباشر لايران فان هذا سيكون مكسب بالنسبة له. ايضا بهذا الشكل وحسب جميع الدلائل فان نتنياهو يعيق تقدم المفاوضات. رد اسرائيل الاخير الذي تم نقله لدول الوساطة في يوم السبت يشمل زيادة التصلب في المواقف، وحسب مصادر امنية مطلعة على ما يحدث فان الاحتمالية في أن ترد حماس بالايجاب حتى قبل التسخين في الشمال، كانت ضعيفة جدا.

توجد فجوة بين الخطاب العلني المتشدد لاسرائيل في اعقاب قتل الاطفال في هضبة الجولان وبين السياسة العملية التي تتبعها. بعض المتحدثين الاسرائيليين، رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الاركان ووزير الخارجية ووزراء لا يوجد لهم تأثير على السياسة، هددوا في الايام الاخيرة بأن حزب الله سيدفع ثمنا باهظا لما قام بفعله. في المقابل، الكثير من هؤلاء يدركون القيود التي ستواجه نشاطات الجيش الاسرائيلي. تأخير التسليح الجوي الدقيق من الولايات المتحدة، والعبء على القوات المقاتلة، النظامية والاحتياط، والصعوبة التي تكمن في عملية برية في جنوب لبنان. هناك من يقترحون حل سحري آخر وهو قصف البنى التحتية في لبنان. مشكوك فيه أن يساعد ذلك. فتأثير حكومة لبنان والجيش اللبناني على اعتبارات حزب الله قليل جدا.

نفاق ظاهر للعيان

الحادثة في مجدل شمس هي الاصعب التي اصيب فيها مدنيون من سكان اسرائيل منذ المذبحة في الغلاف في 7 تشرين الاول. وكما هو متوقع فانها استدعت ردود صاخبة ايضا من قبل الجمهور اليهودي والعربي في اسرائيل، من خلال التماهي مع العائلات. ولكن جزء من هذا التطرق هو عناق دب، الذي لا يستقبل بانفعال في الطائفة الدرزية، وبالتأكيد ليس في اوساط سكان هضبة الجولان الذين يعيشون في متاهة الهوية والولاء، بين السلطات الاسرائيلية الحالية وبين نظام الاسد الذي سيطر على هضبة الجولان حتى العام 1967.

يبرز بشكل خاص نفاق السياسيين في اليمين، الذين دفعوا قدما وبشكل حثيث بقانون القومية مع تجاهل احتجاج الطائفة الدرزية على التمييز ضدها في هذا القانون. رغم موت الكثير من الضباط والجنود الدروز في الحرب منذ تشرين الاول وحتى الآن، إلا أنهم في اليمين استمروا في تجاهل طلب الدروز تعديل القانون.

الغضب الذي تم التعبير عنه اكثر من مرة خلال الحرب لم يزعج اعضاء الكنيست والوزراء هؤلاء للوقوف أمس في جنازة قتلى الهجوم واستغلال الحدث لاغراض سياسية. بعض الوزراء تم استقبالهم بالصراخ والشتائم من قبل سكان الجولان الذين لم ينفعلوا من هذا الاحتضان المتأخر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى