ترجمات عبرية

هآرتس: بدلا من احباط النووي الإيراني، ترامب خلق سباق تسلح من نوع آخر

هآرتس 27/6/2025، نتنئيل شلوموفيتسبدلا من احباط النووي الإيراني، ترامب خلق سباق تسلح من نوع آخر

دونالد ترامب تردد حتى اللحظة الأخيرة. الرئيس الأمريكي يخشى من اسقاط نظام آيات الله. في الوقت الذي خاف فيه كثير من الأمريكيين من مغامرة احتلال مثلما في العراق وأفغانستان، فان ترامب تحدث مع مستشاريه عن الخشية من “ليبيا أخرى”. أيضا في ايران تعلموا الخوف من تكرار “سيناريو ليبيا”، لكن لاسباب مختلفة كليا. الهجوم في ايران يشير الى انعطافة مزدوجة في السياسة الخارجية الامريكية، فيما يتعلق بالاعداء والحلفاء أيضا.

حول عملية اتخاذ القرارات لترامب في البيت الأبيض والطريقة الفوضوية التي قاد بها الولايات المتحدة لمهاجمة ايران، نشرت في السابق عدة أبحاث شاملة في “نيويورك تايمز” و”وول ستريت جورنال” و”نيويورك بوست”، التي تعود الى روبرت ماردوك المقرب من ترامب. ضمن أمور أخرى، تم التحدث عن ان ترامب ذكر مقربيه مرة تلو الأخرى بهجمات الناتو والولايات المتحدة التي ساعدت على اسقاط معمر القذافي في 2011 ومهدت الطريق لفوضى دموية استمرت لسنوات. فقط بفضل قناع الاقناع والتملق الذي استخدمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اعطى ترامب الضوء الأخضر.

الهجوم في ايران الذي جرى في تناقض واضح مع مواثيق الأمم المتحدة، وفر درس مهم لإسرائيل وأوروبا وأصدقاء الولايات المتحدة الاخرين. النظام العالمي الجديد تم عرضه على الملأ في هذا الأسبوع في قمة دول الناتو الـ 32 في هولندا. في فوردو أوضح ترامب للعالم بانه لا يوجد أي قانون دولي يقيده. ولا توجد له أيديولوجيا أو رؤية تقيده. وأيضا لا مشكلة لديه في المس بمصالح الولايات المتحدة. يكفي التوجه الى “الأنا” خاصته.

منذ دخوله الى السياسة قبل عشر سنوات بالضبط لم يتوقف ترامب عن مهاجمة الناتو. في حملاته الثلاثة الانتخابية وعد بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي، مثلا، اثناء انعقاد الحلف في 2018 خشي جون بولتون، الذي كان في حينه مستشار الامن القومي الأمريكي، من ان ترامب على وشك تنفيذ تهديده. “لو انني كنت كاثوليكي لكانت تلك هي المرحلة التي ساستل فيها مسبحة الصلاة”، كتب بولتون بعد ذلك.

زعماء دول الناتو ساروا في هذا الأسبوع في طريق نتنياهو، الذي اثبت في هذا الشهر كيفية تجنيد ترامب لاغراضه. الاستنتاج هو انه لا حاجة الى اقناع واشنطن بالادوات القديمة التي بحسبها فان عملية محدودة هي عمل حكيم وايجابي وتضامني، وحتى مفيدة للولايات المتحدة. تكفي مداعبة الانا الرئاسية وإعطاء الرئيس الشعور بانه زعيم مشهور، على الأقل مثل تشرتشل ولنكولن.

بالنسبة لاوروبا فان المؤتمر الذي عقد في هولندا في هذا الأسبوع كان مدويا. ترامب تمت دعوته للمكوث في القصر الملكي في هولندا. “واشنطن بوست” نشرت انه في لقاء مغلق مع الزعماء الأوروبيين، جميعهم هبوا للحديث واثنوا ومدحوا مهاجمة ايران. السكرتير العام للناتو، مارك روتا، تواصل مع ترامب هاتفيا في الليل من اجل مدحه على شجاعته المتميزة. حسب التقرير فان روتا استخدم حتى كنز كلمات ترامب عندما كتب عن توبيخه لإيران وإسرائيل في الساعات الأولى لوقف اطلاق النار. “أحيانا الاب يجب ان يتحدث بلهجة صارمة مع الأولاد”.

هكذا انقلب ترامب في نظرته للناتو كما فعل في حالات كثيرة في السابق، من التك توك وحتى ماركو روبيو، الذين يكرههم، الى ان تعلم كيفية حبهم. “انا شاهدت جميع الزعماء وهم ينهضون، والحب والشغف الذي اظهروه لبلادهم كان مدهشا”، قال ترامب في ختام زيارته في لاهاي. “أنا لم اشاهد مثل ذلك من قبل، الاجتماعات كانت مدهشة، وأنا اشعر نفسي عند مغادرتي لهذا المكان بشكل مختلف. لقد توصلت الى استنتاج مفاده ان هؤلاء الأشخاص يحبون بلادهم. هم لا يكرهوننا، ونحن سنساعدهم”.

اللقاء بين زعماء دول الناتو جرى في اطار كوريا الشمالية الذي يميز جلسات الكابنت لترامب في البيت الأبيض. كابنت ترامب تعود على افتتاح كل جلسة بحملة ثناء من قبل الوزراء، الذين يتنافسون على مدح الرئيس وكأنهم اشخاص في مسلسل مونتي بايتون. هذا الأسبوع في هولندا قال رئيس ليطا، غتناس ناوزدا، “انا اعتقد انه يجب تبني شعار جديد للناتو، “جعل الناتو عظيم ثانية””.

بين ايران وهولندا، مع فجوة أربعة أيام، جرت انعطافة حقيقية في علاقات القوة في الغرب. ليس فقط فيما يتعلق بالإدارة الامريكية السابقة برئاسة بايدن، بل أيضا فيما يتعلق بولاية ترامب الأولى. الصراع الروتيني بين ترامب والزعماء الأوروبيين اصبح من الماضي، بعد ان تعلم الزعماء الأوروبيون التكيف مع الوضع الجديد. حتى الآن يبدو أن هذا نجح. “لقد كان لي فطور رائع مع الملك والملكة”، قال ترامب بمزاج عال. “هما كانا رائعان وكأنه تم اختيارهما لهذا الدور”.

عقيدة ترامب، اذا كان يمكن الادعاء بوجودها، مصنوعة من البلاستسين، واساسها هو الرغبة في مراكمة وإظهار القوة، لكن هذه فقط هي الخطوط الهيكلية العامة. الصورة المحددة التي تاخذها أحيانا مرتبطة بالقدرة على الاقناع او التحايل لمن يهمسون في اذن الرئيس. نتنياهو اثبت للعالم، ولكارهيه أيضا، أنه متحايل من نوع مختلف، الذي يعرف كيفية العزف على “أنا” ترامب مثل العزف على الغيتارة الكلاسيكية.

دليل دامغ على ذلك حصلنا عليه في تغريدة ترامب في حسابه في الشبكات الاجتماعية، حيث هاجم النيابة العامة في إسرائيل التي تجرأت على تقديم نتنياهو للمحاكمة بعد كل ما فعله من اجل إسرائيل. ترامب اظهر التماهي المطلق مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، وهو نفسه تم تقديمه للمحاكمة بسبب عدد من لوائح الاتهام. واظهر أيضا بشكل استثنائي التعاطف مع وضع نتنياهو: “كلانا اجتزنا جهنم معا”. هذا التعبير يشبه بالمناسبة، الطريقة التي دافع فيها ترامب عن فلادمير بوتين اثناء شجاره في الغرفة البيضوية مع رئيس أوكرانيا فلوديمير زيلينسكي.

من يحتفل بالنجاح (في القدس، لندن أو بروكسيل) يجب عليه التذكر بان مهاجمة ايران ما زالت طازجة. ترامب ما زال يستمتع بهالة النصر وولايته ما زالت في البداية. نتنياهو أيضا يعرف جيدا كيفية اثارة غضب الرؤساء الأمريكيين، بما في ذلك ترامب في ولايته الأولى.

إضافة الى ذلك ترامب (79 سنة) لن يبقى الرئيس الى الابد. كل الجمهور الأمريكي تابع عن كثب الهجوم في ايران وشاهد جيدا كيف ان دولة صغيرة في الطرف الاخر للعالم تخضع السياسة الخارجية الامريكية لصالحها. قلائل، من اليمين واليسار، كانوا مسرورين من هذا التلاعب بالدولة العظمى الأقوى في العالم.

الأساس هو اعلان النصر

عندما قام ترامب بالقاء خطاب الامة، الذي تحدث فيه عن الهجوم في ايران، حاول عرض العملية كرسالة شديدة لاي دولة تريد تطوير السلاح النووي. “اذا فعلتم ذلك فنحن سنهاجم!”. الامر بسيط جدا أو مبسط. ترامب نقش على رايته سياسة خارجية بعنوان “السلام من خلال القوة”. ولكن الهجوم في ايران نقل رسالة مختلفة، التي من شانها التبشير بفصل مقلق في ميزان القوة النووية.

صفحة الرسائل اكملها نتنياهو عندما قال: “كان لنا هدف واحد وهو تدمير القدرة على تخصيب اليورانيوم ووقف التهديد النووي الإيراني. نحن فعلنا ذلك. الرئيس ترامب وانا تعودنا على القول “السلام من خلال القوة”، أولا القوة وبعد ذلك يأتي السلام”.

لا توجد أي مفاجأة في اعلان النصر بعد عملية عسكرية ناجحة. من يعارضون الهجوم، من اليمين واليسار في أمريكا، تذكروا القلق عند غزو العراق في 2003. الولايات المتحدة قامت باحتلال العراق بسهولة، والرئيس جورج بوش الابن بكر في الاحتفال. خطابه على متن حاملة الطائرات، تحت لافتة “المهمة تم استكمالها” اصبح ايقونة بسبب كل الأسباب غير الصحيحة. المهمة، كما نتذكر، بدأت، والعراق غاص في حرب أهلية استمرت لسنوات.

الغبار لم ينقشع بعد عن فوردو، وترامب قدم لنا خطاب نصر مشابه. مثل بوش، هو اقنع نفسه أنه بذلك فكك سلاح الدمار الشامل. ولكن بدلا من الردع، الهجوم في ايران يمكن ان يخلق سباق تسلح نووي من نوع جديد. التجربة في ليبيا وفي كوريا الشمالية تبرز الفهم بان السلاح النووي هو وسيلة ردع. الإيرانيون ببساطة لم يعملوا بحكمة.

منذ ان انار روبرت اوبنهايمر والعاملين معه سماء نيومكسيكو بالتفجير النووي في تموز 1945، فان الولايات المتحدة عملت بكل القوة لمنع أي دولة أخرى من الحصول على سلاح يوم القيامة. لقد استغرق الاتحاد السوفييتي اربع سنوات وشهر واحد من اجل الحصول على قنبلة خاصة به. وأزمة الصواريخ في كوبا في 1962 – التي أوصلت العالم الى عتبة الحرب النووية واثارت في العالم خوف كبير – كانت كافية لان يتم في 1967 الدفع قدما بميثاق عدم انتشار السلاح النووي. رغم ذلك انضمت بريطانيا والصين وفرنسا والهند وباكستان الى النادي النووي. وحسب تقارير اجنبية، إسرائيل أيضا.

الاستنتاج الرئيسي للديكتاتوريين وللدول المارقة في ارجاء العالم هو أن عقيدة ترامب ليست “السلام من خلال القوة”، أو انه لا يجدر تطوير السلاح النووي. النادي النووي يشبه الآن اكثر فيلم “نادي الحرب”. من الان فصاعدا القاعدة الأولى هي ان السلاح النووي هو الطريقة الوحيدة من اجل الحصول على احترام ترامب. ومن يقوم بتطوير النووي فمن الأفضل ان يفعل ذلك بالسر. اذا كانت كوريا الشمالية، الدولة التي هي اكثر فقرا من سوريا، يمكنها فعل ذلك فان أي دولة تستطيع ذلك. إسرائيل وكوريا الشمالية تعرف ذلك، وايران أيضا.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى