ترجمات عبرية

هآرتس: ايران وحزب الله لا تريدان مواجهة شاملة لكن هذا لا يضمن ألا تشتعل

هآرتس 9/8/2024، عاموس هرئيل: ايران وحزب الله لا تريدان مواجهة شاملة لكن هذا لا يضمن ألا تشتعل

الشوارع الى تل ابيب أخذت تفرغ في الصباح من السيارات كلما تقدم الاسبوع من نهايته. ولأن عدد قليل من الاسرائيليين يوجدون في آب الحالي في الخارج، في ظل الحرب، وعلى فرض أن الناس لا يبقون مستيقظين حتى ساعة متأخذة من اجل الاحتفال بالنصر المطلق فان السبب يبدو واضحا. الجمهور في اسرائيل يأخذ على محمل الجد تهديدات ايران وحزب الله لتنفيذ هجوم بالصواريخ والمسيرات على الجبهة الداخلية ردا على الاغتيالات في بيروت وفي طهران.

مثلما في تصعيدات سابقة، خلال الحرب وقبلها، يبدو أن اعداء اسرائيل يبذلون جهودا معينة لاظهار نواياهم، وإن كانت جهود غير كبيرة بالضبط. المرشد الاعلى الايراني علي خامنئي، واكثر منه حتى رئيس حزب الله، حسن نصر الله، اطلقا تهديدات مفصلة جدا. يتوقع أن يكون رد لمحور ايران على اغتيال فؤاد شكر من حزب الله في بيروت ورئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية في طهران. هذا الرد سيوجه ايضا الى اهداف في الجبهة الداخلية، في مركز البلاد وفي الشمال. ربما أن التحذيرات المضادة لاسرائيل وجهود التهدئة الامريكية ستدعو ايران وحزب الله والحوثيين والمليشيات الشيعية في العراق الى محاولة تقليص بدرجة معينة المس بالاهداف المدنية.

من المرجح أن اساس الهجوم سيكون على اهداف عسكرية وأمنية، لكن التي توجد قرب التجمعات السكانية بصورة ترسل ايضا رسالة تهديد وايضا زيادة الخطر في اصابة مدنيين. باختصار، الايرانيون، واكثر منهم حسن نصر الله، يسيرون هنا على الحافة. يعملون بشكل شديد جدا، بالاساس الكثير من المصابين المدنيين، الامر الذي سيؤدي الى رد شديد من اسرائيل، وايصال الشرق الاوسط على بعد خطوة عن الحرب الشاملة.

هذا حسب ما يمكننا تقديره الآن، ليس هدف ايران أو حزب الله. في الخطابات العلنية هذه الامور قيلت بشكل صريح تقريبا. خامنئي وحسن نصر الله وغيرهم يحرصون على التلميح بأنهم لا يخافون من المواجهة الشاملة، لكن في نفس الوقت هم ايضا يحرصون على التوضيح بأنهم غير معنيين بهذه المواجهة. اعتبارات ايران واضحة جدا، حتى لو كان النظام في ايران يعتقد أنه يستطيع أن يتسبب في تدمير اسرائيل فان الحديث يدور عن عملية تدريجية، يمكن أن يحدث على مدى سنين كنوع من حرب الاستنزاف. ومن المهم لايران حتى الآن الحفاظ على قناة حوار نشيطة مع امريكا من اجل الدفاع عن مشروعها النووي وابقاء نفسها في موقع الانطلاق لتحقيق قدرة نووية عسكرية كاملة.

في الطرف الثاني، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو  يتخيل منذ سنوات اوهام على تدهور يجعل الامريكيين يعالجون بأنفسهم المشكلة رقم 1 لاسرائيل، بالنسبة له المشروع النووي الايراني. في حين أنه بالنسبة لرئيس حماس يحيى السنوار الذي بدأ الازمة الحالية بمذبحة 7 تشرين الاول، تغريه امكانية حدوث حرب بين المحور الايراني واسرائيل، الهدف الذي لم ينجح في تحقيقه في الهجوم على غلاف غزة لأن شركاءه في المحور تفاجأوا وترددوا وقرروا في نهاية المطاف عدم الانضمام اليه.

نجاح المحور مرهون ايضا بجودة جهود الدفاع الاسرائيلية. حسب بيانات الجيش الاسرائيلي فانه منذ بداية الحرب اطلقت على الجبهة الداخلية حوالي 21.500 صاروخ، ثلثها من لبنان وسوريا والثلثين من قطاع غزة (عدد قليل من الصواريخ اطلق من العراق). تقريبا 40 اسرائيلي قتلوا في هذه الهجمات، أي أن نسبة القتل 1 لكل 500 صاروخ تقريبا. في الهجوم السابق لايران في نيسان اطلق اكثر من 300 صاروخ ومسيرة وقتلت مواطنة واحدة، وهي طفلة بدوية اصيبت اصابة بالغة في النقب، بسبب الشظايا.

لكن التحدي في هذه المرة اكثر صعوبة. فترسانة حزب الله كبيرة، دقيقة وفتاكة اكثر من التي توجد لدى حماس، وهو اقرب للجبهة الداخلية في اسرائيل من صواريخ ايران، بصورة تبقي فقط وقت قصير نسبيا للانذار . احد الحلول الذي يتم فحصه هو نوع من الوضع الوسط في الجبهة الداخلية: اصدار تعليمات عامة للسكان، تعدهم لاحتمالية سقوط الصواريخ وصفارات انذار في المدى الزمني القريب. في هذه الاثناء لم يتم اتخاذ قرار نهائي حول ذلك.

المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي اجرى اول امس مقابلة مع قناة “العربية”، التي تبث من دولة الامارات وتمتلكها السعودية، قال فيها “عندما قتلنا فؤاد شكر في بيته في بيروت اثبتنا التصميم. عملية الاغتيال كانت ردا على قتل الـ 12 طفل في مجدل شمس في الجولان بسبب صاروخ اطلقه حزب الله. نحن اثبتنا بأننا لن نكون متزنين في الرد اذا اصيب مدنيون. لن نتحمل أي مس بالمدنيين. حسن نصر الله يجر كل المنطقة الى حافة الحرب”.

في هيئة الاركان يرغبون في اصلاح ما اعتبر بالنسبة لهم خطأ بصري: اسرائيل لا توجد في حالة استعداد لتلقي الضرب. في الفترة الاخيرة هاجم سلاح الجو في لبنان وفي غزة واحيانا في الضفة الغربية. الى جانب تعزيز الدفاع فان هناك استعداد كبير لهجوم مضاد، منذ اللحظة التي ستطلق فيها الصواريخ الاولى. أي خطأ في الحسابات، في ايران أو في لبنان، أو في حالة اصابة صاروخ يؤدي الى التسبب بعدد كبير من المصابين يمكن أن تتم مواجهته برد شديد جدا، مع استعراض قوة تدميرية تمت مشاهدتها حتى الآن فقط في عمليات القصف في القطاع.

اسرائيل لا تقدم حتى الآن بشكل طوعي أي تفاصيل عن التعاون مع الامريكيين أو مع دول غربية اخرى، وبالتأكيد هي تصمت عندما يدور الحديث عن تنسيق دفاعي مع الدول العربية. ولكن من الواضح أن المنظومة التي تم نشرها هنا يمكن أن تتنافس باحترام مع ما حدث قبل الهجوم في نيسان، وأن الاستعدادات في هذه المرة هي لاحتمالية هجوم أكثر شدة. مع ذلك، من الواضح ايضا أن الدفاع ليس كاملا، وعدد المصابين مرهون بشكل كبير بالصورة التي سيرد فيها المواطنون على تعليمات الحماية التي يصدرها الجيش الاسرائيلي.

مشروع الدقة

في انتظار سقوط فردة الحذاء الثانية كاد المخطوفون أن ينسوا. جهاز الامن ووسائل الاعلام والجمهور يركزون جميعهم على التصعيد المتوقع في الشمال. الحرب في قطاع غزة سارت في الفترة الاخيرة على نار هادئة نسبيا وهي تثير القليل من الاهتمام طالما أنه لا توجد احداث فيها عدد من المصابين الاسرائيليين. بخصوص المخطوفين يصعب الدفع قدما بالاتصالات الصبورة والطويلة في الوقت الذي فيه في كل لحظة يمكن أن يحدث هجوم بحجم جديد ضد الجبهة الداخلية. ولكن بعد ذلك تم استئناف الحوار حول المخطوفين، من الجهتين المتوقعتين، جهاز الامن الاسرائيلي والامريكيين، الجهتان الاساسيتان اللتان تريدان الصفقة. الادارة الامريكية نثرت التفاؤل بخصوص احتمالية الدفع قدما بالصفقة في تسريبات لوسائل الاعلام في واشنطن، وبعد ذلك بتصريحات رسمية. جهات اسرائيلية رفيعة حاولت الادعاء بأن عملية اغتيال هنية بالذات ازاحت عن الطريق عائق امام الصفقة. وأنه في القريب سيكون بالامكان استئناف وتسريع المفاوضات.

عمليا، للاسف الشديد، لا توجد أي طريقة لوصف الامور بشكل ايجابي، رغم الجهود الواضحة. لن يتغير أي شيء اساسي حاسم وهو موقف نتنياهو. بعد عشرة اشهر يمكن الحديث عما يسمى في الاقتصاد التفضيل الواضح لرئيس الحكومة: هو غير مستعد لتقديم التنازلات المطلوبة من اجل التوصل الى الصفقة، طالما أن هذه التنازلات تعرض للخطر استقرار الائتلاف. وشركاؤه في اليمين المتطرف، حزب قوة يهودية وحزب الصهيونية الدينية، لا يظهرون أي اشارة على المرونة، بالاساس عندما يكون من الواضح ايضا أنه في المرحلة الاولى في الصفقة سيتم اطلاق سراح عشرات السجناء الفلسطينيين، عدد كبير منهم قتلوا مدنيين، مقابل كل مخطوف اسرائيلي.

الأمل المعتدل للتقدم الذي سمع في واشنطن مشمول كما يبدو في رد نتنياهو الاخير للوسطاء. الامريكيون يتخيلون أن يجدوا فيه أي مجال من المرونة. عمليا، يبدو أن رئيس الحكومة قد غير تكتيكه وليس استراتيجيته. اذا كان في الاشهر الاخيرة اهتم بافشال بشكل متعمد أي تقدم، من خلال وضع طلبات متشددة اكثر امام حماس، وبعد ذلك نشرها علنا، فانه في هذه المرة يعمل بصورة اكثر دقة وذكاء. رده شمل طلبات مثل “التدقيق” في صيغة الاتفاق. في مسودة الاتفاق كتب أنه لن يتم السماح بانتقال مسلحين واعضاء من حماس الى شمال القطاع عبر ممر نتساريم. نتنياهو يريد تفصيل ما هي الآلية التي ستضمن ذلك. وقد قيل ايضا بأن اسرائيل ستنسحب في المرحلة الاولى من المناطق المأهولة في القطاع. نتنياهو يقول بأن محور فيلادلفيا غير مأهول ولذلك لا يوجد أي سبب للانسحاب من المحور الذي يوجد على الحدود مع مصر.

سؤال آخر يتعلق برسالة الضمانات. في البداية حماس هي التي طلبت ذلك. الآن رئيس الحكومة يطلب ضمانات امنية، التي ستعطي لاسرائيل ضمانة بأنه في حال فشلت المفاوضات بعد تطبيق المرحلة الاولى فان اسرائيل يمكنها استئناف القتال. هذا طلب يمكن أن يدمر الاتفاق في ذروته، وحماس (التي تعتبر الاتفاق نقطة خروج من الحرب والتي ستضمن بقاءها في القطاع) تعارض ذلك.

القوى التي تريد تشويه الديمقراطية الاسرائيلية تواجه بعوائق ومعارضة (في هذا الاسبوع حققوا فشل في قضية عزل المديرة العامة في اخبار 13)، لكن التوجه والطموحات واضحة جدا.

في كل الحالات – السيطرة على الشرطة، وهي معركة امام جهاز القضاء، وتشريع منحاز للقناة 14 –  فانه يبدو أن نتنياهو وشركاءه يستمرون في الدفع قدما بأهدافهم. ما زالت رؤيا الكابوس التي تجمع بين حرب استنزاف أبدية ونظام مستبد يحد من نشاطات المعارضة ويقلص بالتدريج من الحقوق المدنية، سارية المفعول. ربما يكون التقدم اسهل عندما يكون الجمهور غارق في القلق من الوضع الامني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى