ترجمات عبرية

هآرتس: الضغط الإسرائيلي لن يدفع مواطني لبنان للتمرد على حزب الله، فهم منهكون 

هآرتس 27/8/2024، تسفي برئيل: الضغط الإسرائيلي لن يدفع مواطني لبنان للتمرد على حزب الله، فهم منهكون 

“الله حفظ لنا هذه العزة بالصواريخ التي قدمتها ايران لكي يتم اطلاقها من لبنان، من اجل أن يدفع مواطنيه الثمن وليس مواطني ايران، وحتى تبقى كرامة الشيخ في الجحر الذي يعيش فيه خشية أن تقوم المسيرات الاسرائيلية بتصفيته. الله حفظ لنا هذا المجد في الوقت الذي فيه سكان الضاحية في بيروت وجنوب لبنان ينتشرون في كل مكان وهم يبحثون عن ملجأ خوفا من هجمات اسرائيل. هم بالتأكيد فرحين من هذا الرعب لأنه يعطيهم هذا المجد”، هذا ما كتبه أمس بشكل هزلي هشام حمدان، سفير لبنان السابق في المكسيك، في موقع “الجنوبية”. هو ليس وحده الذي استمع بلهفة الى خطاب حسن نصر الله. 

كاتب المقالات اللبناني حازم الامين، الذي نشر مقال له في موقع “درج” اللبناني، كان له وصف اكثر دقة ومسموم. “يبدو أن حاجة نتنياهو كي يبيع الاسرائيليين الاوهام هو الذي أملى للقيادة في تل ابيب نشر عدد كبير من الاكاذيب”، قال واضاف. “قصة آلاف الصواريخ التي تم تدميرها، حسب المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي، ليست اكثر من حاجة اسرائيل الى انتصار يساوي الانتصار الذي نحن ابناء المجتمعات “المنتصرة والمفلسة” نعاني منه”. ولكن الامين لم يوجه سهامه فقط لرئيس حزب الله، بل هو موجه ايضا لخصوم حزب الله غير القادرين على اصدار بيان يشق الظلام الذي فرضته هيمنة ايران على بلادهم.

مقارنة “خطاب النصر” لبنيامين نتنياهو وحكومة اسرائيل مع خطاب حسن نصر الله والمخلصين له فقط يؤكد على التشابه بين الدولتين، اللتان فيهما فقدت المعارضة الطريق وهي غير قادرة على خلق بديل لنفس “الظلام المهيمن” الذي فرضه الزعماء على دولهم. الفرق هو أن حسن نصر الله وعد في يوم السبت الـ 100 الف من سكان جنوب لبنان الذين تركوا بيوتهم بأنه يمكنهم العودة بسلام الى بيوتهم، وهو الوعد الذي لا يستطيع حتى الآن نتنياهو اعطاءه لعشرات آلاف الاسرائيليين الذين هم مثل جيرانهم اللبنانيين تشتتوا في كل الارجاء.

لكن احتجاج الامين على خصوم حزب الله والشعب اللبناني بشكل عام بأنهم لا يخرجون ضد تحكم حزب الله المطلق بمصيرهم، غير منصف لهم. فاللبنانيون، اكثر بكثير من الاسرائيليين، خرجوا الى الشوارع واحتجوا وتظاهروا ضد الحكومة، وحتى دفعوا الثمن بحياتهم مع التشاجر مع رجال حزب الله، وفي احدى لحظات الذروة التاريخية نجحوا في طرد من بلادهم القوات السورية. في العام 2005 في اعقاب اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري خرج مئات الآلاف الى الشوارع وتسببوا بانسحاب سوريا من لبنان. بعد بضع سنوات اظهر الجمهور اللبناني قوته عندما نجح في اسقاط الحكومات التي فشلت في ادارة الدولة. ولكن لبنان الآن هو دولة منهكة، معظم مواطنيها الستة ملايين لا يعرفون كيفية انهاء الشهر ومن أين سيدفعون رسوم تعليم اولادهم، الذين مقابل فحص طبي يجب عليهم دفع راتب شهر. الليل يقضونه في افضل الحالات على مصابيح الغاز، وفي حالة معقولة على ضوء الشموع، اذا لم يتمكنوا من دفع فاتورة الكهرباء التي يجبيها صاحب مولد الكهرباء في الحي، حيث أن الكهرباء “الحكومية” هي منتج نفد.

قبل عشرة ايام اعلن فراس الابيض، وزير الصحة في الحكومة التي منذ ثلاث سنوات هي “انتقالية”، بأنه يوجد في لبنان مخزون ادوية يكفي لاربعة اشهر. وحتى أنه نشر بأن وزارته قامت بتدشين “خط ساخن” رقمه 1787 موجود تحت تصرف السكان الذين يحتاجون الى المساعدة. الوزير طلب ايضا اظهار استعداد الدولة في حالة اندلاع حرب شاملة تقصف فيها اسرائيل البنى التحتية. لبنان هو دولة مر بكوارث، قال الابيض، وتعرف كيفية التكيف. والدليل على ذلك هو أن المستشفيات في بيروت نجحت في استيعاب 6 آلاف مصاب في 12 ساعة بعد الانفجار الكبير في ميناء بيروت قبل اربع سنوات.

الوزير نسي فقط القول بأنه في هذا الشهر حصل لبنان على 32 طن من المساعدات الطبية من منظمة الصحة العالمية، التي تم توجيهها للمستشفيات في وسط الدولة، لكن معظمها ذهب الى قرى جنوب لبنان. وهو ايضا لم يقل بأن قوة اليونفيل للامم المتحدة التي مهمتها مراقبة تنفيذ القرار 1701، تدعم وتساعد العيادات في جنوب لبنان، وأن الاطباء في القوة يعالجون المرضى اللبنانيين النازحين الذين لا يجدون عيادات حكومية. في تقارير لوزارة الصحة في لبنان جاء أن 30 في المئة تقريبا من الطواقم الطبية الحكومية غادرت الدولة أو تركت المهنة لأن الرواتب لا يمكن أن تعيل عائلاتهم. الخريجون الجدد من كليات الطب يبذلون ما في استطاعتهم للعثور على اماكن عمل خارج الدولة. 

متوسط راتب طبيب في الخدمة الحكومية هو 26 مليون ليرة لبنانية، وهو مبلغ مؤثر مع اصفار كثيرة، ولكن عندما يكون سعر الدولار هو 100 ألف ليرة فان هذا المبلغ يصبح 260 دولار. حتى الآن الحديث يدور عن مبلغ جيد نسبيا مقارنة مع راتب المعلم أو الموظف الذي يتراوح بين 50 – 100 دولار. قبل الازمة الكبيرة التي دمرت الاقتصاد اللبناني في 2019، عندما كان سعر الدولار الرسمي 1500 ليرة، فان هذا الراتب اعتبر راتب محترم ووفر حياة جيدة للعائلة. بعد ذلك تدهور سعر الليرة اللبنانية ووصل الى الحضيض، وبنفس النسبة ارتفعت الاسعار. على سبيل المثال، سعر الفحص الطبي بالدولار لم يتغير، وهو 50 دولار. قبل الازمة الـ 50 دولار كانت تساوي 75 ليرة لبنانية، لكن الآن هي تساوي 5 ملايين ليرة لبنانية، وهذا مبلغ خيالي لمعظم مواطني الدولة.

في الاسبوع الماضي صعدت الى العناوين ازمة الكهرباء في لبنان التي أدت الى الظلام شبه الكامل في الدولة. ولكن هذه ليست ازمة جديدة. فشركة الكهرباء في لبنان التي سحبت خلال ثلاثة عقود حوالي 40 مليار دولار من خزينة الدولة، هي المسؤولة الاولى المسؤولة عن الدين الوطني للبنان. خلال السنين لم يتم بعد العثور على طريقة لتنفيذ اصلاحات في الشركة وايصالها الى حالة الربح، وهي الخطوة التي تشكل شرط اساسي لاستعداد صندوق النقد الدولي لاعطاء لبنان قرض. يوجد الكثير من الاشخاص الذين يربحون من الشركة. وهناك الكثير من الاشخاص الذين يربحون من أنها غير ناجعة. قبل سنة تقريبا اقترحت قطر على لبنان انشاء ثلاث محطات للكهرباء، عند استكمالها يتوقع أن توفر ربع استهلاك الكهرباء في الدولة. قطر لم تحصل على رد على هذا العرض. سبب ذلك هو أنه في لبنان يعمل آلاف اصحاب المولدات الذين يكسبون من عدم تزويد شركة الكهرباء للكهرباء.

مثلما في مرات سابقة ايضا في هذه المرة سبب وقف عمل محطة الكهرباء في الزهراني، الوحيدة التي وفرت الكهرباء، هو نقص الاموال لشراء الوقود. قبل سنة وقع العراق على اتفاق مريح وسخي لتزويد الوقود لمحطات توليد الكهرباء، لكن الحكومة لم تسدد الدفعات. قبل ثلاث سنوات لبنان نجح في أن يدفع لتركيا ايضا سعر الكهرباء التي زودته بها. خطة نقل الغاز من مصر والكهرباء من الاردن، نوع من مشروع اقليمي دعمته الولايات المتحدة، لم تتحقق لأن خطوط الكهرباء وانابيب الغاز ستمر في سوريا، التي طلبت عمولة مقابل استخدام الاراضي السورية وخطوط الكهرباء فيها. سوريا توجد تحت عقوبات امريكية، والولايات المتحدة لم تعط الاعفاء المطلوب من هذه العقوبات. الآن يتوقع أن يحصل لبنان على مساعدة من الجزائر، والسفينة الاولى التي تحمل حوالي 30 ألف طن من الوقود يمكن أن تصل في الفترة الحالية. ما الذي سيحدث بعد هذه الارسالية؟ لا أحد في لبنان يوجد لديه جواب.

على هذه الخلفية فان تهديد اسرائيل باعادة لبنان الى العصر الحجري لا يمكن أن يؤثر على مواطني لبنان الذين يشعرون بأنهم يعيشون في فترة ما قبل التاريخ. اذا كان الهدف هو تشجيعهم على التمرد على الحكومة فهم ليسوا بحاجة الى تشجيع من اسرائيل. المشكلة هي أنه لا يوجد في لبنان حكومة يمكن استبدالها، لأنه لا يوجد اتفاق على طريقة استبدالها. اذا كان التوق هو أن الهجمات في لبنان ستجعل المواطنين هناك يقومون بعصيان مدني ضد حزب الله فمن الافضل أن يتم في البداية فحص أي سلاح بالضبط يمكن للمدنيين في لبنان ادارة الحرب من خلاله ضد حزب الله الاكثر تسليحا في الدولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى