ترجمات عبرية

هآرتس: السباق نحو اتفاق نووي أو حرب مع ايران يمر عبر السعودية

هآرتس – تسفي برئيل – 2/5/2025 السباق نحو اتفاق نووي أو حرب مع ايران يمر عبر السعودية

الجدول الزمني الذي وضعه الرئيس ترامب للتوقيع على اتفاق نووي جديد مع ايران آخذ في النفاد وبسرعة. في 7 آذار اعلن ترامب بأنه ارسل رسالته الى الزعيم الروحاني في ايران، علي خامنئي، ولكن لأن الرسالة وصلت الى هدفها في 12 من ذلك الشهر فانه مسموح الافتراض أن الموعد النهائي الرسمي سينتهي في نفس الموعد في شهر أيار، قريبا من موعد زيارة ترامب في السعودية. ولكن المواعيد للتوقيع على الاتفاقات ليست دائما محفورة في الصخر. وإزاء وتيرة المحادثات بين الولايات المتحدة وايران والتقدم الأخير، على الأقل حسب تقارير الطرفين، فانه يمكن التقدير بأن الاتفاق مع ايران يمكن أيضا أن يحظى بفترة سماح إضافية حتى استكماله، هذا اذا حدث ذلك. 

بيان وزارة خارجية عُمان أمس، اللقاء الذي خطط لاجرائه في الغد في روما بين الوفدين سيتم تأجيله “لاسباب لوجستية” الى موعد سيتفق الطرفين عليه، يدل على أنه للجدول الزمني له حياة خاصة به. على الرغم من بيان وزير خارجية ايران عباس عراقجي، الذي بحسبه ايران مستعدة لتسريع وتيرة المفاوضات، إلا أنه من غير الواضح لماذا تم تأجيل المحادثات التي حتى الآن قيل بأنها كانت “مفيدة” و”جيدة جدا”، وأنها دفعت قدما باحتمالية التوقيع على الاتفاق. يمكن فقط الافتراض أنه بمفاهيم “أسباب لوجستية” لا توجد نية في أن الفندق الذي ستنزل فيه الوفود لن يكفي حتى يوم السبت لتجهيز الشراشف أو ملء البار الصغير للايرانيين بالمشروبات غير الكحولية.

مرحلة المحادثات الحالية يتوقع أن تكون الأكثر تعقيدا التي سيناقش فيها الطرفان ما يسمى بـ “الجوانب التقنية” للاتفاق.  هذه الجوانب  يمكن أن تشمل تحديد سقف التخصيب الذي يمكن لإيران الوصول اليه. ابعاد فائض المواد المخصبة الى دولة ثالثة، وعدد أجهزة الطرد المركزي التي يمكن لإيران تشغيلها (الى جانب تحييد الأجهزة الزائدة التي ركبتها ايران أو إعادة تشغيلها منذ 2019)، وترتيبات الرقابة على تطبيق هذه البنود، وإجراءات رفع العقوبات عن ايران، والضمانات التي تطلبها ايران كي تنفذ الولايات المتحدة الاتفاق الذي سيتم التوقيع عليه.

هذه القضايا طرحت سابقا في المفاوضات في الأسبوع الماضي بين بعثات الخبراء من الطرفين وبين عراقجي والأمين العام للوكالة الدولية للطاقة النووية، رفائيل غروسي الذي زار طهران في الأسبوع الماضي. ولكن قضية المفتاح الرئيسي لم تحل حتى الآن.

هل تستطيع ايران في الأصل أن تواصل تخصيب اليورانيوم حتى بالمستوى المتدني الذي يبلغ 3.67 في المئة كما يسمح الاتفاق النووي الأصلي؟ أو أنه سيكون عليها تدمير كليا المشروع النووي، مثلما تطالب إسرائيل (“نموذج ليبيا”)؟. هذا الطلب يؤيده وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، ومستشار الامن القومي مايك وولتس، الذي يتوقع انهاء منصبه في القريب، ولكن حتى الآن لم يسمع موقف ترامب النهائي، الذي حتى الآن قال فقط بأنه لن يسمح لإيران بالحصول على السلاح النووي. 

من المهم التذكير بأن ايران وافقت على استئناف المفاوضات مع الولايات المتحدة على أساس الفهم بأنه حتى لو اخذت على عاتقها قيود على تخصيب اليورانيوم إلا انه يمكنها مواصلة المشروع النووي “لأغراض سلمية”. هذا الفهم يستند، ضمن أمور أخرى، الى الاقوال الصريحة لستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب الى الشرق الأوسط، والى بعض الازمات الدولية التي بحسبها ترامب يسعى “فقط” الى إقامة آلية رقابة ناجعة تمنع تطوير السلاح النووي. بعد ذلك نشر ويتكوف اقوال مناقضة لتصريحه الأول، لكن حقيقة أن ايران لم توقف المفاوضات يمكن أن تدل على أن الأمور التي سمعها مندوبوها في غرف المفاوضات كانت مختلفة عن التي تسمع في وسائل الاعلام، وأن الشرط الأساسي الذي طرحته لمواصلة المفاوضات ما زال قائما حتى في نظر الولايات المتحدة.

لكن ايران لا تكتفي بافتراضات عمل التي استقرارها يرتبط بمزاج الرئيس ترامب، خاصة عندما لا يتوقف الرئيس الأمريكي عن تهديدها بفتح باب جهنم اذا لم توقع على الاتفاق. عن ضعف موقفها العسكري نتيجة الحرب في غزة، التي أدت الى انهيار حزب الله الذي كان محور مركزي في “حلقة النار” التي اسستها خلال عقود، الى جانب سقوط نظام الأسد – هي تطمح الى التعويض ببناء جدار سياسي واقي.

روسيا والصين، حليفاتها الاستراتيجية، تتم حتلنتها بشكل جار حول مضمون المحادثات مع الولايات المتحدة، وأيضا حسب الاتفاقات الاستراتيجية التي وقعت بينهما وبين ايران، فهما غير ملزمتين بمساعدتها في حالة هجوم عسكري ضدها. من يمكنها ترجيح الكفة هي بالذات الجارات العربيات، بالأساس السعودية ودولة الامارات. في 17 نيسان هبط في طهران وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، شقيق محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، واحضر معه رسالة من الملك سلمان الى علي خامنئي. 

هذه كانت زيارة تاريخية دوت في كل المنطقة، وجرت بعد عقود لم يصل فيها الى ايران أي ممثل رفيع للعائلة المالكة. التوقيت، عشية جولة المحادثات الثانية بين أمريكا وايران، ليس صدفيا. الأمير خالد هو شخص معروف في واشنطن، ومنذ فترة طويلة كان سفير السعودية في الولايات المتحدة اثناء تفجر قضية الصحافي جمال الخاشقجي على يد عملاء المخابرات السعودية. حسب المخابرات الامريكية فانهم عملوا بتوجيه مباشر من محمد بن سلمان. هذه كانت القضية التي حولت ابن سلمان الى شخص غير مرغوب فيه في واشنطن، الى درجة أن السناتور ماركو روبيو، الذي هو الآن وزير الخارجية الأمريكي، قال عنه بأنه اصبح “رجل عصابات يحول علاقات الولايات المتحدة مع السعودية الى غير ممكنة”.

بعد ذلك أصبحت العلاقات ممكنة اكثر. والأمير خالد تمكن من الالتقاء مع روبيو ووزير الدفاع الأمريكي بيت هيغست، الذي يشرف الآن على مشروع تسلح السعودية بالسلاح الأمريكي بمبلغ يتوقع أن يكون أكثر من 100 مليون دولار. هو سيكون أيضا المسؤول عن البرنامج النووي السعودي عندما سيتفق عليه مع الإدارة الامريكية. زيارة الأمير خالد في ايران وصفها السفير الإيراني في السعودي، علي رضا عنياتي، بـ “لقد دخلنا عهد جديد في علاقات الدولتين مع زيارة وزير الدفاع السعودي”.

بعد سنتين على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين ما زال يصعب تشخيص خطة مبلورة لتحالف اقتصادي بينهما، ناهيك عن تحالف استراتيجي. ولكن الرسالة واضحة وهي أن السعودية، مثلما صرحت علنا، لا تريد حرب إقليمية جديدة، أمريكية – إسرائيلية ضد ايران. حسب تقرير في موقع “أمواج”، الذي يختص بشؤون ايران والعراق، فان رسالة الملك سلمان لخامنئي تتضمن تأييد واضح للمفاوضات التي تجريها ايران مع الولايات المتحدة، وهو يشجع طهران على التوصل الى اتفاق يجلب معه الاستقرار للمنطقة، خلافا لموقف السعودية في 2015، حيث في حينه عارضت بشكل شديد الاتفاق النووي الأصلي.

“أمواج” يقول أيضا بان الأمير خالد عرض توسطه بين أمريكا وايران وطرح إمكانية استدعاء شخصيات إيرانية رفيعة الى السعودية اثناء زيارة ترامب في السعودية. يشارك موقف السعودية أيضا دولة الامارات التي تطلعت بنفسها الى أن تكون الدولة المستضيفة لمحادثات التفاوض، لكنها رفضت من قبل ايران بسبب علاقتها مع إسرائيل. يمكن الافتراض أنه في حين يتوقع ترامب استثمارات سعودية في الولايات المتحدة بمبلغ تريليون دولار، وعندما أبو ظبي تناقش استثمارات بمبلغ مشابه، فان قرار هل يتم شن حرب ضد ايران لا يعتمد على مواقف إسرائيل، التي لا تحظى حتى بمكانة مراقب، وستفضل السطر الأخير في ميزان الاستثمارات. هكذا حدثت المفارقة التي فيها السعودية، العدوة الاستراتيجية والأيديولوجية لإيران، والدولة التي يمكن أن تكون محور مركزي في حلف الدفاع الإقليمي ضد ايران، هي أيضا التي من شأنها أن تمنع هجوم ضد ايران.

في هذه الاثناء مطلوب من ايران ومن الولايات المتحدة مناقشة بالتفصيل نفس “القضايا اللوجستية” ووضع اتفاق لا يذكر بصياغته بالاتفاق الأصلي الذي انسحب منه ترامب في 2018، لكنه سيكون مشابه له في جوهره. على راس طاقم الخبراء الامريكيي يوجد مايكل أنطون، رجل قسم التخطيط السياسي في وزارة الخارجية والذي كان في السابق كاتب الخطب لرودي جولياني وكونداليزا رايس، لكنه تنقصه المعرفة في المجال النووي. امامه يقف نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تحتي – رواندسي، الخبير في المجال النووي والذي كان عضو في بعثة المفاوضات للتوقيع على الاتفاق النووي الأصلي. 

هذه الفجوة في المعرفة ستحتاج من الولايات المتحدة اشراك في صياغة الاتفاق الوكالة الدولية للطاقة النووية، التي تمتلك في يديها كل المعرفة والخبرة. حول هذا الامر يتناقشون الآن مع الأمين العام غروسي. “بدوننا هذا الاتفاق سيقف على ارض غير مستقرة”، قال غروسي في مقابلة مع صحيفة “يو.اس نيوز آند وورد ريبورت” التي نشرت في يوم الأربعاء، وأوضح فيها بأن الوكالة هي الجهة الوحيدة التي يمكنها فحص تطبيق التزام ايران. “هذا لن يكون اتفاق دقيق مثل الذي وقع عليه في 2015، هذا يجب أن يكون اتفاق واضح ومباشر وجريء ويعطي الجميع الضمانات بأن لا يكون لإيران مسار للقنبلة النووية”.

السؤال هو كيف يحبسون كل هذه الخصائص في ورقة عمل متفق عليها، وهل سيكون بالإمكان بلورة مسودة، على الأقل الى حين عناق ابن سلمان وترامب في الرياض.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى